يصادف الأحد 9/5/2021 إنقضاء الأسبوع الثالث على وفاة الحبيية زلفا. وفي هذه المناسبة يقام قداس وجناز لراحة نفسها وفقاً لما يلي:
كنيسة القديسة تريزيا الجديدة – الفياضية الساعة ..,12 ظهراً مع رجاء الجميع عدم الحضور بل المشاركة في الصلاة حيث أنتم.
الكتابة مني إليك وصف، والوصف مهما سما لا يتماهى مع الموصوف.
وبالتالي لا يرتقي الرثاء إلى المرثي.
"الذين تتوفاهم الملائكة طيبين ... يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون".
فليكن طريقك ما أشار إليه بولس الرسول: "إذهبي إلى حيث لا وجع ولا حزن ولا تنهد...".
أما الطريق الذي إخترته لنفسي فهو حكمة القديس أغسطينوس: "إمسح دموعك ولا تبكِ إذا كنت تحبني. الموت لا شيء، إنما قد إنتقلت فقط إلى الجهة الاخرى، فأنا ما أزال أنا وأنتم ما تزالون أنتم". ويتابع: " نادوني بالإسم الذي ناديتموني به دائماً". ومن هنا سأتابع مخاطبتك بـ "لـفـلـف". ويضيف: "صلّوا من أجلي، ابتسموا، فكروا فيَّ وصلُّوا معي. لا تبكِ إن كنت تحبني لو كنت تدرك هبة الله وما هي السماء. لو كنت تستطيع أن تسمع أناشيد الملائكة وأن تراني بينهم".
نشكر الرب كل حين على إرساله القديسين، يضيئون لنا الطريق ، علّ ذلك يخفف من مرارة الفراق!
اما قول القديسة تريزيا – الطفل يسوع، حيث كان يحلو لك أن تصلي في كنيستها:
" أنا لا أموت، بل ادخل الحياة "، فيحل على قلبي برداً وسلاماً، ويخفف ربما كذلك من هذا الشعور المؤلم.
لكن، وبالرغم من إيماني هذا، بقدرة الله وابنه الوحيد وروح قدسه ورسله وقديسيه ومشيئته لا أخفيكم القول، كم هي طويلة ليالي وحدتي، وقاسية لحظات كآبتي، وكم هو موحش فراغ بيتي. مصاب كبير لم يخطر ببالي أن يحدث بهذه السرعة! معاناة لم أشهد مثلها من قبل.
تصور آخر، يثلج صدري، يأتيني من العالم الآخر، وهو أن الوالدة لوسيا "أم مارون"،
"قديسة بيتنا" كما يحلو لنا أن ندعوها، قد استقبلت "لفلف" في الأخدار السماوية وأعدت لها الوليمة الروحية مع باقي الأحباء الذين سبقونا إلى ديار الحق. وقد نعمت "لفلف" بالدفء والحنان إلى جانبها، وكانت قد اعتادت على ذلك من قبل، حيث كانت تشاركها إقامة وليمة نهار الأحد الأسبوعية، لتجمع من حولها كل "الخراف".
في كل زاوية من زوايا البيت لك صورة، وفي كل ثنية من ثناياه لك ذكرى، وفي كل نسمة ريح تدخل من الباب أو النافذة لك طلَّة... قوّنا يا رب بنعمة النسيان!
أما أنت أيها "الكورونا"... أيها السفاح الوغد... لو كنت رجلاً لقتلتك دون تردد، أنا الذي لم يؤمن يوماً لا بالعنف ولا بالقتل. ولو كنت وحشاً، وبالرغم من أني في الهزيع الأخير من عمري، لغرزت أصابعي في عنقك، تخنقني أم أخنقك. لكنك إحتجبت عن الظهور أيها السافل، تخفيت وأجرمت، وقضيت على سعادة الكثير من البشر!
لقد سلبت الإنسان أعز ما لديه دون شفقة أو رحمة، ومن دون أي سبب، وبالرغم من كل التدابير الإحترازية التي اتخذناها على مدى أربعة عشر شهراً، نتقي شرك، ولا أعرف حتى الآن كيف تسللت إلى مسكننا لترتكب جريمتك بكل دم بارد!
ايها القاتل الخفي اما كفاك حصد الأبرياء، أم أن نهمك وعطشك للقتل لم يرتوِ بعد!
ربي وإلهي، يبدو أن كيان الطبيعة، متى غضبت، لا يزال أقوى بكثير من كيان الإنسان! بالرغم من أنك قلت له "اخضعها". لكنه لم يكتف بإخضاعها، بل أفسدها كذلك. وهذه كانت النتيجة!
لقد جمعت يا "لفلف" كبر العقل والقلب. ما فارقت يوما البسمة وجهك حتى في أحلك الظروف. لقد كنت دائماً الحبيبة المحبة وصاحبة القلب الأبيض.
رفيقة العمر، سوف يظل مكانك خالياً، وذكراك صافية، وقد غدرت بنا الحياة، حيث لم أكن مستعداً لهذه الساعة، فكانت مفاجأة "الكورونا" قاسية، وكأن الأنهر تنساب صعوداً!
ثمة أيام يصبح المرء فيها غير قادر على النوم، تؤرقه السماء المليئة بالنجوم، والصمت، وذكرى الغائبين، وذوبان الوقت، وفيضان القلب، لقد ذهبت السلوى. يا لها من عزلة!
إن يديّ لتعصياني، فلقد جفَّ مدادي، وحرنت يراعتي، أما الدموع فلن أذكرها لأنك لم تكوني تحبين ذلك، وتخثرت الحروف كما تخثر الدم بسبب الكورونا في عروقك. فلا السطر يعنيني ولا الورق يتسع لما في نفسي تجاهك، ولا أرى الأعزاء والأحباء إلاَّ معزياً بعضهم لبعض.
في زمن القيامة والرجاء نصلي جميعاً لراحة نفسك. ارقدي بسلام يا حبيبتي في فسيح جنانه. فإن من سبقنا من الأحباء بإنتظارك، لكثرة ما كنت تحبينهم ويحبونك.
رحمك الله وجمعنا مجدداً في دياره الخالدة.