نشاط دماغي متطابق أثناء الاستماع والقراءة!

11 : 40

استنتج بحث جديد أن الدماغ يُنشّط المناطق نفسها لتحديد دلالات الكلمات أو معانيها عند قراءتها أو الاستماع إليها!

استعمل علماء من جامعة كاليفورنيا، بيركلي، مسوحات دماغية مفصّلة لابتكار خرائط دلالية تفاعلية وثلاثية الأبعاد لتوقع الأجزاء الدماغية التي تتجاوب مع فئات محددة من الكلمات بدقة. حين قارنوا تلك الخرائط الدلالية أثناء الاستماع والقراءة، اكتشفوا أنها شبه متطابقة. يبدو أن تجسيد الدلالات في الدماغ لا يتوقف على المعنى الذي تكسبه الكلمات إذاً!

وصف تقرير جديد في "مجلة علم الأعصاب" ما فعله فريق البحث للتوصل إلى هذا الاستنتاج. تطرح النتائج رؤية جديدة عن النشاط الدماغي المعقد المرتبط بالاستيعاب. يُفترض أن تتحسن أيضاً القدرة على فهم مشاكل معالجة اللغة مثل عسر القراءة.

تقول المشرفة الرئيسة على الدراسة، فاطمة دينيز، دكتورة في علم الأعصاب في جامعة كاليفورنيا، بيركلي: "في زمنٍ يتلقى فيه الناس المعلومات عبر الكتب والمدونات الصوتية، وحتى النصوص السمعية، تثبت دراستنا أنهم يعالجون المعلومات الدلالية بالطريقة نفسها عند الاستماع إلى مواد معينة أو قراءتها".

خرائط دلالية ثلاثية الأبعادلابتكار خرائط دماغية دلالية ثلاثية الأبعاد، طلب الباحثون من المتطوعين أن يسمعوا ويقرأوا القصص نفسها فيما راقبوا أدمغتهم بتقنية التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي وسجلوا النتائج بالتفصيل.

سمحت لهم تلك المسوحات بمراقبة النشاط الدماغي عبر قياس تدفق الدم في أجزاء مختلفة من الدماغ.

ربط الباحثون النشاط الدماغي بنسخ مطابقة للقصص المستعملة ومزوّدة برموز زمنية مشفّرة، فتمكنوا بهذه الطريقة من تحديد الجزء الدماغي الذي يتجاوب مع كل كلمة. كما استعملوا برنامجاً محوسباً لإدراج آلاف الكلمات في القصص ضمن فئات دلالية. على سبيل المثال، دخلت كلمات "قطة" و"سمكة" و"دب" في خانة "الحيوان"ع.

ثم استخدموا أداة "تشفير فوكسل" لرسم خرائط الفئات الدلالية ومطابقتها مع المناطق الناشطة في القشرة الدماغية (إنها الطبقة الخارجية للدماغ وترتبط بالمعلومات الحركية والحسية).

بدت الخرائط أشبه ببقع ملونة ساطعة على القشرة الدماغية، علماً أن كل بقعة ملونة تشير إلى فئة مختلفة من الكلمات.

تفاجأ الباحثون حين اكتشفوا أن خرائط الاستماع والقراءة كانت شبه متطابقة، مع أنهم استكشفوا عدداً كبيراً من المناطق الدماغية. كانوا يتوقعون أن تختلف طريقة معالجة المعلومات الدلالية خلال القراءة والاستماع.

تطبيقات محتملة للخرائط الدلاليةيتوقع الباحثون أن تسهم نتائج الدراسة في توضيح طريقة معالجة اللغة في الدماغ. كذلك، يمكن أن تُسهّل الخرائط الدلالية دراسة وضع الأشخاص الأصحاء والمصابين باضطرابات تسيء إلى وظيفة الدماغ، مثل الجلطات الدماغية، والصرع، والإصابات التي تؤثر على النطق. حتى أن الخرائط قد تطرح رؤية جديدة عن عسر القراءة (اضطراب عصبي شائع يعيق القدرة على القراءة).

ينشأ عسر القراءة نتيجة اختلاف في تشابكات الدماغ ولا يؤثر على الذكاء. بالتالي، يستطيع معظم المصابين بهذه الحالة تعلم القراءة حين يتلقون التعليم المناسب.

وفق "جمعية عسر القراءة الدولية"، يصاب شخص واحد من كل عشرة تقريباً بهذا الاضطراب، مع أن الكثيرين لا يعرفون حقيقة وضعهم أو لا يتلقون المساعدة اللازمة. توضح دينيز: "إذا اكتشفنا مستقبلاً أن الدماغ المصاب بعسر القراءة ينتج تجسيداً غنياً للغة الدلالية عند سماع كتاب صوتي أو أي تسجيل آخر، يمكن أن تزيد المواد السمعية المستعملة في صفوف المدارس.

كذلك، يمكن استعمال الخرائط لفهم اختلالات المعالجة السمعية. لا يستطيع المصابون بهذه المشاكل استيعاب الوحدات الصوتية، أو الاختلافات الصوتية السلسة، في الكلمات. قد لا يتمكنون مثلاً من التمييز بين كلمتَي "نام" و"قام". لذا سنستفيد حتماً من مقارنة الخرائط الدلالية الخاصة بالقــراءة والاستماع لمساعدة المصابين باضطراب في المعالجة السمعية".


MISS 3