"هدنة" مصرية... بين إسرائيل وغزة

02 : 00

فلسطينيّون يقطعون الطرق في مدينة بيت لحم أمس (أ ف ب)

وسط تبادل مكثّف للضربات بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، وبعدما علّقت الدولة العبرية كلّ الحركة الجوّية في مطار "بن غوريون" مساء أمس، وفي ظلّ جهود وضغوط إقليمية ودولية لوقف الأعمال الحربية بين الطرفَيْن، وافق المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر بالإجماع على وقف إطلاق النار مع غزة، كما وافقت حركتا "حماس" و"الجهاد الإسلامي" على التهدئة، فيما أكد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن وقف النار سيكون متبادلاً وغير مشروط وفق المقترح المصري، بالتزامن مع كشف مسؤول في حركة "حماس" أن الهدنة تبدأ عند الساعة الثانية من صباح اليوم، بينما أفادت تقارير بأنّ رئيس المخابرات المصرية يتواجد في تل أبيب للإشراف على عملية وقف إطلاق النار، مشيرةً إلى إمكانية نشر مراقبين مصريين على حدود غزة.

وأعرب البيت الأبيض في وقت سابق عن أنّ إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تعتقد أن "الإسرائيليين حقّقوا أهدافاً عسكرية هامة، وفي وضع بدء إنهاء العمليات في غزة"، فيما ذكر البيت الأبيض في بيان منفصل أن الرئيسَيْن بايدن ونظيره المصري عبد الفتاح السيسي بحثا خلال اتصال هاتفي "الجهود لتحقيق وقف إطلاق نار يضع نهاية للقتال بين إسرائيل وغزة".

وفي الأثناء، اتهم نتنياهو إيران بالدعم الكامل لحركة "الجهاد الإسلامي" في غزة وتسليح "حماس" و"حزب الله". وقال خلال اجتماعه مع وزير الخارجية الألماني هايكو ماس في تل أبيب: "بينما نخوض قتالاً على مدى أيام على جبهات مختلفة في البلاد، فإنّ السبب وراء العديد من هذه الأعمال العدوانية هو إيران"، مضيفاً: "إيران توفر البنية التحتية التي تعتمد عليها المنظمات الإرهابية".

كما كشف نتنياهو أن إيران "أرسلت طائرة مسيّرة مسلّحة من العراق أو سوريا إلى إسرائيل قبل أيام، واعترضتها قوّاتنا على الحدود بين إسرائيل والأردن"، مشيراً إلى أن "الراعي الحقيقي للإرهاب في الشرق الأوسط والعالم هو إيران". وأظهر نتنياهو لماس "بقايا الطائرة الإيرانية"، في حين أوضح وزير الخارجية الألماني أنه وصل للتعبير عن تضامن ألمانيا الكامل مع الشعب الإسرائيلي، مديناً "هجمات "حماس" المسؤولة عن التصعيد"، ومؤكداً "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها".

توازياً، أكدت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس خلال اتصال هاتفي أنهما يؤيدان الجهود "لوقف سريع لإطلاق النار"، لكنّ ميركل شدّدت في الوقت عينه على "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضدّ الهجمات الصاروخية من قطاع غزة"، فيما أعربت خلال منتدى نظمته مجموعة "في دي آر" الإعلامية عن تأييدها إجراء "اتصالات غير مباشرة" مع "حماس"، معتبرةً أنها أساسية للتوصّل إلى وقف لإطلاق النار مع إسرائيل.

وفي هذا الصدد، رأت المستشارة الألمانية أن "وجود اتصالات غير مباشرة مع "حماس" ضروري"، مشيرةً إلى أن "مصر تتحدّث مع "حماس" والدول العربية الأخرى تفعل الأمر نفسه". وذكرت أيضاً أن مصر "عامل مهمّ جدّاً في أي مسألة تتعلّق بوقف إطلاق النار والسلام".

وقام مبعوث الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط تور وينيسلاند بزيارة إلى قطر بهدف إجراء محادثات مع رئيس المكتب السياسي لـ"حماس" إسماعيل هنية في محاولة لـ"استعادة الهدوء"، بينما أكد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني خلال اتصال هاتفي مع أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، "ضرورة وضع حدّ للإنتهاكات الإسرائيلية الإستفزازية" بحق الفلسطينيين في القدس الشرقية، معتبراً أنها قادت للتصعيد الأخير.

وفي نيويورك، خيّم تبادل الإتهامات على جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة حول الوضع في الشرق الأوسط، ففيما دان وزيرا خارجية فلسطين والأردن التصعيد الإسرائيلي بشدّة، ردّ مندوب إسرائيل لدى المنظمة الدولية بأنّ بلاده "حريصة على عدم إزهاق أرواح المدنيين".

وخلال الجلسة، شدّد وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي على أن المطلوب هو "مساءلة إسرائيل وليس تسليحها"، مؤكداً ضرورة توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، في حين ذكر وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي أن الملك عبدالله الثاني "يؤكد دائماً أن القدس خط أحمر، كما أن المسّ بمقدّساتها لعب بالنار"، معتبراً أن تهجير سكان حي "الشيخ جراح" من بيوتهم في القدس "جريمة حرب".

وفي المقابل، أكد مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة جلعاد أردان أن الدولة العبرية "تبذل جهودها من أجل تفادي سقوط قتلى مدنيين بين الفلسطينيين"، لافتاً إلى أن "حماس" "لم تتوقف عن إطلاق الصواريخ من قطاع غزة وممارسة الإرهاب"، فيما غادر المندوب الإسرائيلي قاعة انعقاد جلسة الجمعية العامة عندما ألقى المالكي كلمة اتهم فيها إسرائيل بتعمّد ارتكاب المجازر بحق الأطفال أثناء نومهم.

كذلك، أكد وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان أن المملكة العربية السعودية ترفض إجراءات إسرائيل التي تسعى إلى طرد الفلسطينيين من القدس الشرقية، معتبراً أن الإعتداءات على الشعب الفلسطيني انتهاك للمواثيق الدولية. كما شدّد على ضرورة الوصول إلى حلّ للقضية الفلسطينية على أساس المبادرة العربية للسلام، مرحّباً في السياق ذاته بجهود التوصّل إلى وقف عاجل لإطلاق النار في غزة وإيصال المساعدات.

إلى ذلك، أعلنت الحكومة في قطاع غزة التي تُديرها "حماس" أن الخسائر الأولية جرّاء القصف الإسرائيلي الجوّي والمدفعي المتواصل منذ 11 يوماً بلغت 150 مليون دولار أميركي، تُضاف إلى 200 مليون هي "أضرار الحروب السابقة". وقصف إسرائيل غزة من دون هوادة، خصوصاً بالأمس، مستخدمةً المدفعية والمقاتلات والبوارج. وأوقعت الضربات 232 قتيلاً، بينهم 65 طفلاً، ومقاتلون نعتهم "حماس"، و1900 جريح في القطاع، بالإضافة إلى دمار هائل، إذ أسقطت أبنية بكاملها وألحقت أضراراً جسيمة بأخرى وبالبنى التحتية.

وفي المقابل، أوضح الجيش الإسرائيلي أن "حماس" وجماعات إسلامية مسلّحة أخرى في غزة أطلقت 4070 صاروخاً في اتجاه إسرائيل، اعترضت الدفاعات الجوّية الإسرائيلية "غالبيّتها". وتسبّبت صواريخ "حماس" وغيرها من الفصائل المسلّحة في غزة، بمقتل 12 شخصاً، بينهم طفلان وجندي، وإصابة 336 بجروح في إسرائيل.


MISS 3