الجبهة المدنية الوطنية: إستباحة السيادة اللبنانيّة مرفوض تماماً

09 : 29

عقدت هيئة مكتب الجبهة المدنيَّة الوطنيَّة إجتماعِها الدَّوريّ، وناقشت في خلاله التطورات الداخلية العامة والمستجدات الإقليمية، وخصوصاً الإساءة التي صدرت عن وزير الخارجية السابق شربل وهبة بحق المملكة العربية السعودية ودول الخليج، وما رافق مشاركة "النازحين" السوريين في لبنان بالانتخابات الرئاسية السورية، والعدوان الإسرائيلي على غزّة، وقد أكَّد المجتمعون على ما يلي:

أولاً: أعاد الاعتداء الإسرائيلي على المواطنين الفلسطينيين المقدسيّين في حي الشيخ جرّاح، ومن بعدها العدوان على غزّة؛ القضية الفلسطينية كقضية مركزيّة إلى صدارة الاهتمام الإقليمي والدّولي، مع رصد تعاطف غربي كبير مع فلسطين تمثل بإدانة السياسات الاستيطانية الإسرائيليّة وعدم احترام القرارات الدوليّة، قبل أن تنطلق دورة عنف دمويّة لم تحدد أهدافها السياسية وتسبّبت بسقوط ضحايا وخسائر هائلة، ما أسهم في نقل بعض الاهتمام الدولي من التموضع خلف حقّ المقدسيّين بأرضهم إلى الحديث عن ضرورة أن يتمتّع الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي بالاستقرار، ما يَشي بمحذور أن تتحوّل الانتفاضة الفلسطينية إلى ورقة مفاوضة ومقايضة ممكن أن تستخدمها إيران في ملفها النووي، وكذلك عدم طرح وقف الاستيطان أو العودة إلى حلّ الدولتين، كشرط لوقف النار!

وتنوّه الجبهة المدنيّة الوطنيّة في هذا السياق، بالديبلوماسية المصرية التي نجحت في احتواء التصعيد في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مع تمتعها بالمصداقية العربيّة والدوليّة، ونجاحها إلى جانب الولايات المتحدة بالوصول إلى وقف النار، وعدم الانزلاق لمزيد من الخسائر في الدم الفلسطيني، وكذلك الالتفاف العربيّ وراء مساعي القاهرة الذي أعاد القضيّة الفلسطينية إلى قلب الحضن والتضامن العربي.

ثانياً: إنّ ما حصل من استفزازات وتجاوزات أمنية وغياب لأجهزة الدولة اللبنانية خلال مشاركة آلاف السوريين في الانتخابات الرئاسيّة السوريّة، يؤكد مجدّداً عجز السلطة الحاكمة عن حماية الشعب اللبناني، كوظيفة بديهية، مع علمها السابق بإجراء الانتخابات في مكان واحد من دون أن تلجأ إلى أي ترتيبات بالتنسيق مع سفارة النظام السوري لاحتواء ما قد يحصُل، كاستحداث مراكز اقتراع في المناطق، أو اتخاذ ترتيبات أمنية استثنائية، ما حوّل قوى الأمن اللبناني إلى مجموعة تحمي العملية الانتخابية السورية وليس الشعب اللبناني. وإنّ ما عكسه هذا التصرف للناخبين السّوريين من فجور واستخفاف بالسيادة الوطنية، يثبتُ أنّ إجهاض السياسات العامّة الوطنيّة تجاه إدارة أزمة الّلجوء السّوري خبيث ويحتمل وجهاً جديداً من أوجه الجريمة المنظّمة ضدّ لبنان وشعبه، كما ضدّ اللّاجئين المتمتّعين بالمعايير القانونيّة أنفسهم.

ثالثاً: إنّ ما شهدناه يوم الخميس الفائت، وما حصل ليلتها من عودة اشباح الظلام العبث بأمن مدينة طرابلس، هو مظهر جديد لتحلّل الدولة وعجزها وغيابها وتماهيها مع نظام الأسد، وعدم قدرتها على التحرّر من الوصاية السوريّة، وميل أطرافها إلى محاباة النظام في سوريا بالرغم من كل جرائمه، والقوى السياديّة مطالبة بتحميل السلطة والمجتمع العربي والدولي مسؤولياتهم في هذا الأمر الخطير.

رابعاً: إنّ رسالة رئيس الجمهورية ميشال عون إلى مجلس النواب بخصوص عملية تأليف الحكومة، بالرغم من دستوريتها شكلاً، تشكّل دليل فشل جديد للعهد، وهي لن تفكّ عقدة التشكيل، ولن تعفي عون من مسؤولية التسبّب بالإخفاق الكبير في إدارة البلد، والتمادي في تجاوز الدّستور، وتكريس أعراف مستهجنة، ولن تعيد للرئاسة ما يفترض أن تتمتع به من حياد وترفّع، وتؤكّد للمرة الألف استمرار هذا العهد بالدوس على أشلاء اللبنانييّن خدمة لأهداف ومصالح ضيّقة تحت غطاء الدستور.

وتنبّه الجبهة المدنيّة الوطنيّة في هذا السّياق من محاولات لترتيب تسوية جديدة على ما تبقى من أشلاء الدولة لإعادة إنتاج قوى السلطة لأنفسهم، وهم الذين دمّروا البلد وأفلسوه، وهذه المحاولات مرفوضة تحت أي حجّة أو ظرف. والمطلوب سريعاً، بصرف النظر عن سير مناقشات النواب للرسالة الرئاسيّة، تشكيل حكومة اختصاصيين تحظى بشروط المبادرة الفرنسية، وبثقة قوى الثورة والمجتمع العربي والدولي لإنقاذ لبنان.

خامساً: مع إدانة ما صدر عن العابر للسبيل برتبة وزير في وزارة الخارجية والمغتربين، إلا أن مواقفه تكشف ما يدور في عقل المنظومة التي فصلت لبنان عن محيطه الطبيعي الحيوي، بصرف النظر عن أيّ اعتبارات سياسيّة أو اقتصاديّة، إذ لا يمكن عزل لبنان عن العالم العربي، وهذا الموقف لا يلغي التحذير من مغبّة الإمعان بالأخطاء ودوس الدستور حتى في مقام تصحيح الأخطاء، فوهبة قدّم كتاب طلب اعفائه لرئيس الجمهورية، وليس لرئيس مجلس الوزراء، وهذه مخالفة دستوريّة جديدة من الفريق الذي ينتمي إليه.

إنَّ الجبهة المدنيّة الوطنيّة إذ تؤكد التمسّك بكل الاستحقاقات الدستوريّة الديموقراطيّة في مواعيدها، والتي تساهم بإعادة تكوين السّلطة على كُلّ المستويات وفق شرعيّة دستوريّة وشعبية، تتطلّع مع القوى المجتمعيّة الحيَّة لمأسسة البديل الذي يتحمّل مسؤوليّة تاريخيّة ونبيلة لإنقاذ لبنان، وهذه مهمّة بنيويّة أخذها على عاتقه الائتلاف المدني الّلبناني، والتاريخ يُمهلُ ولا يُهمل.

MISS 3