إحتمال إجراء انتخابات خامسة في إسرائيل

بلينكن ينطلق في جولته الشرق أوسطية وسط تجدّد التوتّر

02 : 00

طوق أمني إسرائيلي حول مسرح الهجوم في منطقة قريبة من حيّ الشيخ جرّاح أمس (أ ف ب)

في جولة متوقّع أن تقتصر أهدافها على الحدّ الأدنى، بعيداً من الزخم الديبلوماسي الذي يتطلّبه إحياء "حلّ الدولتَيْن"، الذي تؤيّده إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، توجّه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى الشرق الأوسط من أجل تدعيم وقف إطلاق النار بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، فيما ستقوده جولته إلى القدس ورام الله والقاهرة وعمّان. وفي هذا الصدد، سيلتقي بلينكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ثمّ رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. وبعد هاتَيْن المحطّتَيْن يتوجّه بلينكن إلى مصر للقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي أدّى دوراً أساسياً على صعيد التوصّل إلى هدنة. وفي المحطّة الأخيرة من جولته، يزور رئيس الديبلوماسية الأميركي الأردن.

وأعرب بلينكن عن رغبته بـ"لقاء الفرقاء بهدف دعم جهودهم لتدعيم وقف إطلاق النار"، فيما يسعى بايدن إلى إظهار مدى انخراطه في جهود حلّ النزاع الدموي بتحديده شخصياً مهمّة وزير خارجيّته، إذ جاء في بيان للرئيس الأميركي أن بلينكن "سيلتقي القادة الإسرائيليين لإبداء دعمنا الراسخ لأمن إسرائيل. وهو سيُواصل جهود حكومتنا لإعادة بناء العلاقات مع الفلسطينيين وقادتهم، كما ودعمنا لهم بعد سنوات من الإهمال".

لكن خريطة الطريق التي يحملها بلينكن لا تتضّمن أي إشارة إلى "حلّ الدولتَيْن". وقُبيل انطلاق وزير الخارجية في جولته، أوضح مسؤول أميركي رفيع للصحافيين أن "أولويّتنا هي في الحقيقة وقبل أي شيء آخر الحرص على صمود وقف إطلاق النار"، معتبراً أن كلّ تطلّع إلى ما هو أبعد من ذلك "سابق لأوانه".

وبعدما شدّد بايدن على أن المساعدات يجب "أن تصبّ في مصلحة السكان وليس حماس"، رأى المسؤول الأميركي أن التحدّي برمّته يكمن في هذا الأمر، موضحاً أن المساعدات يجب أن تمرّ عبر الأمم المتحدة والسلطة الفلسطينية. واعتبر أن إعطاء السلطة الفلسطينية دوراً أساسياً في إعادة الإعمار من شأنه أن يُمكّنها من "إعادة دمج غزة بطريقة ما، وهو ما نأمل في أن يُسهم في تهيئة الظروف من أجل المضي قدماً نحو وضع أكثر استقراراً".

وفي سياق متّصل، أكد مسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية أن أي مساعدات دولية ستصل إلى قطاع غزة يجب أن تمرّ عبر السلطة الفلسطينية لا حركة "حماس"، معتبراً أن المساعدات الإنسانية الدولية يجب أن تُستخدم في إعادة إعمار غزة ضمن آلية تجذب المانحين الدوليين و"من دون أن تُشكّل خطراً على إسرائيل"، في حين كشف وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس أنه "وقّع 5 أوامر مصادرة لمواد كيماوية كانت متّجهة إلى غزة". وبحسب بيان صادر عن مكتبه، فإنّ هذه المواد كانت ستُستخدم في "أغراض مدنية وعسكرية في موقع للتصنيع تابع للجناح العسكري لحركة حماس".

وفي رام الله في الضفة الغربية، استقبل عباس وزير الخارجية المصري سامح شكري الذي أكد خلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الشؤون المدنية في السلطة الفلسطينية حسين الشيخ أن "التحرّك الديبلوماسي في المنطقة هدفه البحث عن أفق سياسي يُنهي "الدوائر المفرغة من العنف والتصعيد". وشدّد شكري على أن التنسيق الوثيق بين مصر والسلطة هدفه "تحقيق الغاية بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلّة، وعاصمتها القدس الشرقية".

كذلك، أكد وزير خارجية الأردن أيمن الصفدي ونظيره المصري سامح شكري أهمّية تثبيت وقف إطلاق النار بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، وضرورة وقف "الإنتهاكات الإسرائيلية" التي حذرا من أنّها قد تُفجر الأمور مجدّداً. وحضّ وزيرا خارجية الأردن ومصر خلال مؤتمر صحافي عقد في عمّان على "بلورة موقف دولي فاعل لتثبيت التهدئة".

وفي الأثناء، تصاعد التوتر في إسرائيل والأراضي الفلسطينية، حيث نفّذ شاب فلسطيني عملية طعن في منطقة قريبة من حي الشيخ جراح أدّت إلى إصابة شابَيْن إسرائيليَيْن، أحدهما جندي، قبل أن تُطلق الشرطة النار عليه وترديه. ويأتي الهجوم بعد حملة اعتقالات واسعة نفّذتها السلطات الإسرائيلية في القدس الشرقية والضفة الغربية والمدن العربية والمختلطة داخل إسرائيل طالت العشرات. وتركّزت الإعتقالات في مدن مثل اللد وحيفا ويافا، بالإضافة إلى بلدتَيْ كفر كنا وجسر الزرقاء. وبينما انتُشلت 4 جثث من نفق شرق رفح جنوب القطاع، هم عناصر في "كتائب القسام"، أوفدت مصر وفدَيْن لمتابعة إجراءات تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار والإتفاق على الإجراءات اللاحقة التي من شأنها الحفاظ على استقرار الوضع.

وعلى الصعيد السياسي الداخلي الإسرائيلي، أدّى التصعيد العسكري العنيف بين الدولة العبرية وقطاع غزة والمواجهات العنيفة بين اليهود والعرب في بلدات مختلطة، إلى تعقيد الجهود لتشكيل حكومة إسرائيلية، ما يعني إمكانية تنظيم انتخابات جديدة، بحسب مراقبين. وقد تُشكل هذه الأحداث هدية سياسية لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إذ يُشكّل إجراء انتخابات خامسة خلال ما يزيد قليلاً عن عامَيْن، أفضل فرصة له لإطالة حكمه المستمرّ منذ 12 عاماً.

ومع شنّ إسرائيل غارات جوّية على غزة، ظهر نتنياهو مرّات عدّة مع غريمه اللدود وزير الدفاع بيني غانتس. ويُقدّر مراقبون أن قيادة الأزمة قد تكون ساعدت نتنياهو في تعزيز صورته التي استند إليها لسنوات في مسيرته السياسية، "صورة رجل الدولة القوي الذي يُركّز على الأمن ويُدافع عن إسرائيل ضدّ التهديدات الخارجية". ويملك المعسكر المناهض لنتنياهو، والمنقسم إيديولوجياً، نافذة ضيّقة للتوصل إلى اتفاق لإخراج رئيس الوزراء من السلطة، إذ ينتهي تكليف زعيم المعارضة الوسطي يائير لابيد لتشكيل الحكومة في الثالث من حزيران.


MISS 3