محمد دهشة

فقدان الأدوية يفتح الأبواب أمام السوق السوداء... والتسعيرة بـ"الفريش دولار"

بسبب أزمة البنزين في صيدا... مواطنون يستبدلون سياراتهم بدرّاجات كهربائية

1 حزيران 2021

02 : 01

ازدحام أمام محطات الوقود في صيدا

يحبس الصيداويون أنفاسهم بانتظار نتائج المساعي الجديدة لتشكيل الحكومة العتيدة، قناعتهم أنّ نجاحها قد تشكّل بداية خلاص من استمرار الازمات بمسارها الانهياري اليومي، وآخرها البنزين والدواء، التي فاقمت معاناتهم وجعلتهم ينتظرون في طوابير لساعات امام محطات الوقود، ويفتشون بالسراج والفتيل بين صيدلية وأخرى عن دواءعلّهم يتفادون الشرب من الكأس المرّة بدفع ثمنه اضعافاً في السوق السوداء.

وسط طابور طويل من السيارات امام احدى محطات الوقود، يشقّ المعلم محمد طريقه بصعوبة وهو يحمل غالوناً فارغاً محاولاً تعبئته بعد نفاد البنزين من سيارته، يسارع للوصول الى المدرسة قبل وقت الدوام، يقول لـ"نداء الوطن": "لم اتوقّع يوماً ان يصل بنا الحال للبحث عن البنزين بين محطة وأخرى، لم أعش الحرب الاهلية ولكنني قرأت عنها وسمعت تفاصيلها من والدي، بالرغم من ذلك لن نيأس أو نهاجر، وسأبلغ طلابي ان يتمّسكوا بالامل بالرغم من كل الالم، لانهم خلاص لبنان". وطابور الانتظار على محطات الوقود مصحوب بالغضب الشعبي والاستياء، أدّى في بعض المناطق الى وقوع خلافات. في صيدا لم تقع مشاكل تذكر، ولكنها وتّرت العلاقة مع اصحابها، بعضهم اكد انهم ضحية مثل الناس، وهم يتسلمون البنزين بالقطارة ويفتحون الابواب حتى نفاده، وفوق ذلك يتكبّدون خسائر مالية جرّاء العمل لساعات قليلة.

بالمقابل، يقول سائق الاجرة محمد حبلي لـ"نداء الوطن"، وهو ينتظر دوره لاكثر من ساعة: "بات حلمنا ان نملأ خزان الوقود بالكامل، لم يقتنع الصيداويون بعد ان مرحلة جديدة من الازمات بدأت ولم يعد أمراً عادياً الدخول إلى المحطة لملء خزان الوقود بالكامل، مثلما كان يحدث في الماضي"، مضيفاً: "ازمة تجرّ أخرى والحبل على الجرّار طالما لم يتمّ تشكيل حكومة ويتّفق المسؤولون على معالجة الازمات الاقتصادية والمعيشية والمالية في البلد".

ودفع تقنين الوقود والانتظار بعدد من ابناء المدينة الى التخلّي عن سياراتهم والتنقّل بالتاكسي أو سيراً على الاقدام وصولاً الى استبدالها بدراجة كهربائية. غسان نحولي واحد من هؤلاء، قال لـ"نداء الوطن": "بعت سياراتي واشتريت دراجة كهربائية لأنّ النارية ما زالت ممنوعة في صيدا، اتنقّل بها الى عملي واقضي عليها حوائج منزلي، هي أوفر في هذه المرحلة الخانقة، ولا أريد ان اعيش أزمة جديدة، سواء بالبحث عن محطات او الانتظار لتعبئة البنزين"، متوقّعاً أن "تطول الازمة وتسوء اكثر، على غرار ما حصل في السوبرماركت والصيدليات والافران وسواها".

إختفاء الادوية

وواقع المحطات ليس في افضل حال من الصيدليات، اختفى الدواء بين ليلة وضحاها، ولا سيما أدوية السكري والقلب والضغط والامراض المزمنة الاخرى، وبات الحصول عليها اشبه بالمستحيل، ما فتح ابواب السوق السوداء امام المضطرين لتأمينها وفق سعر صرف الدولار.

ويقول الحاج ابو حسين وهبي: "لقد سئمت رحلات البحث اليومية واتعبني المرض، جلت على اكثر من 4 صيدليات في المدينة ولم أجد ضالتي من دواء السكري، ابلغوني انهم ينتظرون قراراً من المصرف المركزي لاعادة ضخّ الادوية من جديد، ما ذنبي اتأخّر على موعد أخذ دوائي، هل أتبع حمية ريثما يتمّ تأمينه في الايام المقبلة"؟

ويؤكد الناشط في حراك صيدا علي الابريق لـ"نداء الوطن" أنّ "ازمتي البنزين والدواء لا تقتصران على صيدا بل على كل المناطق، والحقّ على الدولة التي تمسك بيدها القرار، وتحول الخلافات والسمسرات والسرقات دون اتّخاذه لأنّ فيه مصلحة المواطن، والسبب طبقة معينة تريد المزيد من الربح على حساب عذابات الناس الفقيرة والمعتّرة"، قائلاً: "إنّ الحراك الشعبي يعي كل هذه الحقائق، لا احد يرضيه هذا الواقع المرير الذي نعيشه والجميع يتساءل لماذا لا يتحرّك الناس رفضاً له، والجواب بسيط أنّ غالبية المعترضين يسعون وراء تأمين قوتهم من الطعام والشراب، ولكن اذا استمر الحال هكذا فإنّ الانفجار الاجتماعي قريب".

وحفلت مواقع التواصل الاجتماعي بالتعليقات على هاتين الازمتين، البعض قال: "كل يوم ازمة جديدة حتى ننسى السابقة"، والبعض الآخر اعرب عن خشيته من الاسوأ، وبينهما من تساءل "الازمة القادمة على ماذا"؟؟


MISS 3