روي أبو زيد

ناتالي سلامة: الدراما المحليّة في العناية الفائقة!

4 حزيران 2021

02 : 00

أطلّت الممثلة ناتالي سلامة أخيراً كضيفة شرف في مسلسل "زوج تحت الإقامة الجبريّة" الذي عُرض في رمضان الفائت. سلامة التي علّمت في كلّ دور قدّمته، تتطلّع اليوم الى مغادرة لبنان مع ابنتها للعيش في أرض غريبة قد تكون الأقرب إليها من وطنها الأم! "نداء الوطن" التقت سلامة في هذا الحوار.

لماذا هذه الغيبة عن الساحة الدراميّة والعودة كضيفة في المسلسل؟

فرضت شركة الإنتاج أن يكون جميع الممثّلين ذوي خبرة طويلة، ورفضوا إشراك الهواة أو المبتدئين. لذلك، قبلتُ الدور بعد غياب لأكثر من عامين بسبب "كورونا"، كما أنهم راعوا ظروفي الصحيّة وخوفي من الجائحة فتمّ تقسيم وقت التصوير على ثلاثة ايام كي أكون مرتاحة في تقديم الدور. كما شاركت في مسلسل "لا قبلك ولا بعدك" الذي بدأ عرضه عام 2019، لكنّه توقّف بعد ذلك بسبب الأوضاع السياسية في البلاد مع اندلاع ثورة "17 تشرين" وانتشار الفيروس.

لماذا لا نراكِ بأدوار بطولة أولى؟

غالباً ما يتطلّع المنتجون الى إسناد هذه الأدوار للجميلات كعارضات الأزياء أو ملكات الجمال ويتمّ تسويق العمل بفضلهنّ. في المقابل، تساند الأدوار الأساسية التي تحتاج مقدرة تمثيليّة البطلة. لست آسفة على أي شخصيّة قدّمتها، فكلّ دور جسّدته كان مختلفاً عن الآخر، والبعض منها علّم في ذاكرة المشاهدين الذين ما زالوا يتحدّثون مثلاً عن شخصيّة "أصيل" في "أماليا" وارتدائها الحجاب فضلاً عن طريقة حديثها.

ما هي النصوص التي مثّلتها وكانت الأقرب إليك؟

أحبّ كثيراً كتابات طارق سويد الواقعية. إذ أنه يقدّم شخصيّات تشبهنا الى حدّ بعيد، من دون "تمليح أو تبهير". كذلك، أحب نصوص شكري أنيس فاخوري وتعاونّا سويّاً في "إسمها لا" الّا أنّ حواراته طويلة وعميقة ولا تتناسب مع واقع التلفزيون اليوم. وأحببت نصّي "مش أنا" و"قلبي دق" لكارين رزق الله وسعدتُ كثيراً بهذه التجربة، خصوصاً أنّ رزق الله تقدّم المواضيع الشائكة في المجتمع بطريقة ذكيّة مع لمحة كوميديّة ورومانسيّة.

لماذا شاركت في حملة "فيك تقولا ع العالي" التي تهدف الى تعزيز التوعيّة النفسية؟

نتطلّع كممثّلين الى البحث عن مظاهر الشخصيّة والتعمّق في التغيّرات النفسيّة لدى الأشخاص. وللأسف، ما زال البعض لا يتقبّل اللجوء الى الطبّ النفسي رغم الضغوطات الكثيرة التي نعيشها. فكانت الحملة توعويّة بإمتياز لحثّ الناس على معالجة معاناتهم النفسية كما يعالجون مشاكلهم الجسديّة.

أنت ممثّلة وكاتبة مسرحيّة، أتعتبرين أنه على الممثّل أن يكون مسرحيّاً كي ينجح في التلفزيون؟

بالطبع، إذ يساعد المسرح الممثل على التقاط الدور والتمسّك بزمامه. كما يفرض عليه تقديم عروضه اليوميّة بنفس الإحساس من دون زيادة او نقصان، ما يشجّع الموهبة ويوجّهها، ويساعده بالسيطرة على دوره في التلفزيون. مع العلم، أنّ الفرق شاسع بين تقنيّات العمل في المسرح والتلفزيون.


من مسلسل "زوج تحت الإقامة الجبريّة"



كيف تقيّمين الدراما المحليّة؟

في العناية الفائقة! على بعض شركات الإنتاج أن تقفل بالشمع الأحمر خصوصاً أنّ تقنيات العمل فيها غير مواكبة للتطوّر الحاصل. والبعض الآخر يعمل بطريقة الـ"بزّق لزّق" وهذا غير مسموح في الدراما المحليّة اليوم. كما يجب أن يكون المسلسل كاملاً متكاملاً من ديكور وتصوير ومشهديّة وإخراج وثياب وإحساس ونصّ وممثّل! يجب تأمين الأجواء المريحة بين الممثلين والمخرجين لتقديم عمل ناجح، خصوصاً أنه لا ينقصنا كتّاب أو مخرجون أو حتى ممثّلون مبدعون! في إحدى المرّات اتّصلت شركة إنتاج بمخرج وهدّدته بالإستغناء عن خدماته لأنّه يأخذ وقته بالتصوير، "وما عم يقدر يشلّن 16 صفحة بالنهار" لكنّ عمله مُتقَن ومميّز. كذلك، تحتاج بعض شركات الإنتاج الى التمويل الكافي للمساهمة بنجاح الدراما المحليّة.

والدراما العربية المشتركة؟

هل يتمّ شراء مسلسل لبناني صرف للدراما العربية؟ كلا! لذا لم توصل الممثل اللبناني عربياً بل ساهمت بتسليط الضوء عليه أكثر. بالمقابل، يمكن للمحطات شراء مسلسلات مصريّة أو سورية صرف وعرضها في الدول العربية! أتعلم ما يحزّ في نفسي؟ قالها لي أحدهم مرّة: "إن أردتِ أن تري نصّك مسلسلاً تلفزيونّياً، قومي ببيعه لكاتب سوري فتتقاضين ربع المبلغ. وهكذا يوضع السيناريو بإسمه أفضل من أن تبقيه "في الجارور!".

أتفكّرين وابنتك بالهجرة؟

"يا ريت"! وقد سعيت لتحقيق هذا الموضوع. لكنّني منفصلة عن زوجي والوصاية تعود للأب فرفض إعطائي الإذن كي آخذ ابنتي معي ما أجبرني على البقاء هنا.

ما الذي حقّقته ثورة "17 تشرين"؟

شاركتُ وابنتي بالثورة، لكنني عاينتُ مشاهد قاسية كتعرّض الجيش للمتظاهرين والمشاكل التي حصلت بين الناس. لذا لا يمكننا تحقيق أهدافنا وبناء وطننا، فنحن شعب طائفي بإمتياز ونرث الطائفية ومن ضمنها حبّنا للزعيم. عملتُ سابقاً كمراسلة أخبار في تلفزيون لبنان. وفي إحدى المرّات قصدتُ مزارعاً خسر محصول الليمون في أرضه، فشتم أحد زعماء طائفته وراء الكاميرا وشكره خلال البثّ المباشر. وحين أنهينا التصوير قلت له: "صراحة بتستاهلو يلّي عم بيصير فيكن"، فأجابني: "معك حق، ولكن المئة الف ليرة التي يشتري فيها صوتي الإنتخابي تساهم بتأمين القوت لأولادي ولو لمدّة وجيزة. زعيمي لا يهمّه أمري وإن قمتُ بشتمه قد يهدّم هذه الغرفة الصغيرة التي أسكنها من دون أن يرفّ له جفن او أن يُحاسب على فعلته حتى!". للأسف، هذا هو واقعنا المرير، والطبقة الفقيرة أوصلت زعماءها لما أضحوا عليه اليوم لتؤمّن الطعام لعائلتها. يسلبنا الوطن درسنا وتعبنا وعملنا حتّى أنّ أموالنا باتت تحت سيطرة المسؤولين فداءً لـ"لعبتهم السياسة الوسخة والقذرة". ويبقى الانتماء بالنسبة لي لمن يحافظ على كرامتي ويبادلني حقوقي!


MISS 3