أدوية شائكة مع التقدّم في السنّ

08 : 00

رغم منافع الأدوية، لا بد من توخي الحذر عند أخذ بعض الأنواع مع التقدم في السن. في عمر متقدم، يمكن أن تُسبب لك الأدوية التي كانت آثارها الجانبية بسيطة أو معدومة في شبابك انزعاجاً كبيراً أو تُعرّضك لمشاكل خطيرة، مثل حوادث السقوط أو النزيف.

حتى لو كنت تأخذ دواءً معيناً طوال عقود، قد تختلف ردة فعلك عليه في مرحلة متقدمة من حياتك لأن الأيض في جسمك يتباطأ. يجب أن تُفكّك الأدوية في الكبد كي تعطي منافعها الصحية، لكنّ تباطؤ الهضم وعمل الكبد يطيل المدة التي يحتاج إليها الدواء قبل الوصول إلى مجرى الدم. ثم تبرز الحاجة إلى تفريغ بقايا الأدوية من الجسم عن طريق الكبد والكلى. ويعني التباطؤ في هذه المرحلة أن الدواء لن يخرج من الجسم سريعاً، وبالتالي تدوم آثاره لوقت أطول.

أدوية عدائية شائعة

ترتبط هذه الأدوية الطبية وغير الطبية بمشاكل محتملة لدى كبار السن:

1. مزيلات القلق: تشمل مزيلات القلق الطبية فئة من أدوية البنزوديازيبين، مثل ديازيبام (فاليوم)، أو لورازيبام (أتيفان)، أو كلونازيبام (كلونوبين). يقول مايكل كريغ ميلر، أستاذ مساعد في الطب النفسي في كلية الطب التابعة لجامعة "هارفارد": قد تزيد هذه الأدوية احتمال التعرض لحوادث سقوط وتُسبب الارتباك، ويمكن أن تنشأ آثار غير مرغوب فيها حين يطول مفعولها في عمر متقدم".

2. مضادات الهيستامين: تسمح مضادات الهيستامين الشائعة بتخفيف أعراض الحساسية بسرعة. لكن تُسبب أنواع مثل الكلورفينيرامين (كلور – تريمتون) والديفينهيدرامين (بينادريل) النعاس والارتباك لدى كبار السن، ما يُعرّضهم لحوادث السقوط. كذلك، يكون الديفينهيدرامين عنصراً شائعاً في معينات النوم غير الطبية، مثل النيتول واليونيسوم والسومينكس. تُسهّل هذه الأدوية الاستغراق في النوم، لكنها قد تجعلك مترنحاً وغير متوازن حين تستيقظ وتحاول المشي.

3. مضادات الالتهاب غير الستيرويدية: تُخفف هذه الأدوية الحمى والألم والالتهاب. يمكن إيجادها على شكل أدوية شائعة بجرعات منخفضة، منها الإيبوبروفين (أدفيل، موترين) والنابروكسين (أليف)، أو أدوية طبية بجرعات مرتفعة. لكن يرتبط أخذ مضادات الالتهاب غير الستيرويدية لفترة طويلة بالقرحة، ونزيف المعدة، ومشاكل الكلى، وارتفاع ضغط الدم، وزيادة مخاطر النوبات القلبية أو الجلطات الدماغية.

4. الحبوب المنوّمة: يُستعمل بعض أنواع البنزوديازيبين، مثل التيمازيبام (ريستوريل) أو التريازولام (هالسيون)، لتسهيل النوم. يوضح خبير النوم لورانس إبستاين، أستاذ طب في كلية الطب التابعة لجامعة "هارفارد": "من المعروف أن هذه الأدوية تُسبب مشاكل النعاس نهاراً، وتزيد مخاطر السقوط واختلال الذاكرة والاضطرابات التنفسية أثناء النوم، وتعزز الإدمان على الأدوية". على صعيد آخر، تعطي أدوية مشابهة، مثل الزولبيدام (أمبيان) والزالبلون (سوناتا) والإيزوبيكلون (لونيستا)، آثاراً جانبية أقل من البنزوديازيبين، ومع ذلك قد تُعرّضك للسير خلال النوم والنعاس نهاراً. أصدرت "إدارة الغذاء والدواء" الأميركية للتو تحذيراً من هذه الأدوية نظراً إلى التقارير التي تشير إلى تعرّض عدد صغير من الناس لإصابات حادة بسبب سلوكيات مرتبطة بالأدوية، مثل السير خلال النوم، والنوم أثناء القيادة، والمشاركة في نشاطات أخرى تزامناً مع تراجع مستوى الوعي.

5. مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات: هذه الأدوية جزء من فئة قديمة من مضادات الاكتئاب، منها الأميتريبتيلين (إيلافيل) والإيميبرامين (توفرانيل). قد تكون آثارها الجانبية صعبة بشكل خاص لدى كبار السن: مشاكل في الذاكرة، ارتباك، إمساك، جفاف الفم، تشوش الرؤية، عدم انتظام ضربات القلب، مشاكل في التبول لدى الرجال.

حلول عملية

لا بد من توخي حذر شديد عند استعمال الأدوية المنوّمة. يقول إبستاين: "يجب أن تستعمل هذه الأدوية تحت إشراف الطبيب حصراً، لأنه يستطيع التأكد من أنها تناسبك ولا تنعكس على المشكلة التي تواجهها. كذلك، يجب أن تُؤخذ معينات النوم الشائعة لحل مشكلة قصيرة الأمد. لا تستعملها لوقت طويل إذاً، بل استشر طبيبك إذا لم تختفِ المشكلة سريعاً".

من خلال اختيار المقاربة المناسبة، يستطيع طبيبك على الأرجح أن يساعدك على استعمال تلك الأدوية وحصد أكبر المنافع مقابل أقل قدر من المخاطر. ختم ميلر قائلاً: "لا ندعو إلى تجنب هذه الأدوية، لكن يجب أن تُستعمَل بحذر ودقة، ما يعني تقليص الجرعات، وحصر استعمالها بالحالات الضرورية، واللجوء إلى وسائل أخرى للتحكم بالأعراض عند نشوئها".