جاد حداد

لعبة Go Viral... أداة لرصد المعلومات المغلوطة؟

19 حزيران 2021

02 : 00

يقول البروفيسور ساندر فان دير ليندن، مدير "مختبر صناعة القرار الاجتماعي" في جامعة "كامبريدج" في المملكة المتحدة: "يُعتبر التحقق من الوقائع عملاً بالغ الأهمية، لكنه قد يحصل بعد فوات الأوان أحياناً. غالباً ما تكون محاولة فضح المعلومات المضلّلة بعد انتشارها مهمة صعبة أو حتى مستحيلة". لكن تكشف الأبحاث اليوم أن الناس يستطيعون تلقي "اللقاح" ضد احتمال الحصول على معلومات مُضللة، ما يمنع انتشارها منذ البداية.

في هذا السياق، توضح الباحثة ميليسا باسول من جامعة "كامبريدج": "من خلال تعريف الناس على الأساليب التي يستعملها الأفراد لنشر أخبار كاذبة، يمكننا أن نشارك في ابتكار "لقاح" عام بدل محاولة التصدي لكل خبر كاذب".

تُسمى هذه العملية "الكبح المسبق" وقد شكلت محور دراسة جديدة في "مختبر صناعة القرار الاجتماعي" في جامعة "كامبريدج". كانت باسول المشرفة الرئيسة على الدراسة، وتولى فان دير ليندن صياغة التقرير النهائي.

شارك المختبر في تطوير لعبة مبنية على متصفح واسمها Go Viral! بالتعاون مع وكالة الإعلام "دروغ". بفضل هذه اللعبة، يتعلم اللاعبون طريقة إطلاق الأخبار الكاذبة عبر محاولة نشر معلومات مغلوطة من اختراعهم على نطاق واسع. من خلال تعلّم الحِيَل الكامنة وراء نشر الأخبار الكاذبة، يُطوّر اللاعبون نوعاً من الشكوك التي تساعدهم على رصد المعلومات المُضللة.

تُحلل الدراسة أيضاً مدى فاعلية صور الإنفوجرافيك المُصممة لفضح المعلومات المغلوطة حول فيروس "كوفيد - 19". أصدرت منظمة اليونسكو تلك الصور كجزءٍ من برنامج #ThinkBeforeSharing (فكّر قبل نشر المعلومات).

نُشرت نتائج الدراسة في مجلة "البيانات الكبرى والمجتمع".

لعبة شائكة لتحقيق الفوز

شارك الناس في أكثر من 400 ألف لعبة في إطار Go Viral! المتوفرة بلغات متعددة. وتشمل هذه الألعاب حصصاً مرتبطة بمنظمة الصحة العالمية التي تستعمل اللعبة كمقاربة حقيقية ضمن حملة "أوقفوا نشر المعلومات الخاطئة".

خلال اللعبة، ينشر اللاعبون معلومات حول فيروس "كوفيد - 19"، وهي مُصممة لتكون استفزازية بما يكفي كي تحصد "الإعجابات". هم يستعملون لغة مشحونة عاطفياً ومشاعر مثل الخوف والغضب (يستخدم المتآمرون في الحياة الواقعية هذه التقنيات) لحث الجمهور على متابعة النقر على الخبر ونشره. حين تنتشر المعلومة الخاطئة على نطاق واسع، يفوز اللاعب.

يوضح فان دير ليندن: "من خلال تعريف الناس مسبقاً على جرعة صغيرة من الأساليب التي يستعملها الأفراد لنشر أخبار كاذبة، يمكننا مساعدتهم على رصدها وتجاهلها مستقبلاً".

صرّحت باسول وزميلها جون روزينبيك لمجلة "ميديكل نيوز توداي" بأن الألعاب الجدية، مثل Go Viral! وCranky Uncle التي تتمحور حول التغير المناخي، هي ابتكارات واعدة لأننا نستطيع استعمالها كجزء من الورش التعليمية والمناهج الدراسية والحصص الجامعية، أو كمقاربات مستقلة يستطيع كل من يتصل بشبكة الإنترنت الوصول إليها.

أنواع ناشطة وجامدة من فضح المعلومات

خاض الباحثون تجربتَين لإجراء هذه الدراسة، وكانت إحداهما تقضي بمقارنة فاعلية لعبة Go Viral! وصور الإنفوجرافيك التي أصدرتها منظمة اليونسكو لفضح المعلومات المغلوطة.

طلب فريق البحث من 1777 متطوعاً تقييم 18 تغريدة. شملت تسع تغريدات منها معلومات دقيقة، بينما ارتكزت التغريدات المتبقية على واحد من ثلاثة أساليب تلاعب يستعملها الأفراد في العادة في حملات التضليل: لغة أخلاقية عاطفية، أو شهادات مزيفة من الخبراء، أو منطق التفكير المبني على نظرية المؤامرة.

ثم طلب الباحثون من المتطوعين المشاركة في لعبة Go Viral! أو مراجعة صور الإنفوجرافيك الصادرة عن منظمة اليونسكو. أما المجموعة المرجعية، فشاركت في لعبة Tetris طوال خمس دقائق.

حين عاد المشاركون إلى التغريدات، رصد 55% منهم في المجموعة المرجعية المعلومات المغلوطة، وسجلت المجموعة التي راجعت صور الإنفوجرافيك نتيجة أفضل بقليل، فرصد 61% من المشاركين فيها مظاهر التلاعب. لكن بلغت نسبة المشاركين 74% من الذين رصدوا التغريدات التي تشمل معلومات مُضللة بعد المشاركة في لعبة Go Viral. وحين سأل الباحثون هذه المجموعة من اللاعبين عن السبب الكامن وراء قدرتهم على رصد الأخبار الكاذبة مستقبلاً، عبّر 67% منهم عن ثقة متزايدة بقدرتهم على فعل ذلك.

جــــرعــــة داعــــمــــة

عاد الباحثون لمراقبة 606 مشاركين بعد مرور أسبوع لتقييم مدى استمرار شكوكهم بالمعلومات.

حافظ المشاركون في لعبة Go Viral! على براعتهم في رصد المعلومات المُضللة، بينما عاد مراقبو صور الإنفوجرافيك إلى نقاط ضعفهم السابقة.

إستنتجت باسول وروزينبيك أن المشاركين في لعبة Go Viral، سجلوا نتائج أفضل من غيرهم لأن هذه اللعبة ترتكز على نموذج "شجرة القرارات"، ما يعني أن الناس يستطيعون ابتكار أفكارهم الخاصة، ويتفاعل الأفراد أيضاً مع مستخدمين آخرين ويتلقون تعليقات متواصلة حول خياراتهم. باختصار، تلبّي هذه الألعاب الجدّية الحاجات النفسية الأساسية، ومن المعروف أن هذه العملية تزيد الحوافز والالتزامات مقارنةً بأنواع أخرى من محتويات الوسائط المتعددة.

في النهاية، يستنتج البروفيسور فان دير ليندن: "يخسر الناس مناعتهم الطبيعية تجاه فيروس "كوفيد - 19" مع مرور الوقت وتحتاج حملات التلقيح أيضاً إلى جرعات داعمة. كذلك، تتلاشى آثار أي تدخّل نفسي خلال ثوانٍ معدودة أو دقائق أو أيام، لذا يُعتبر الأسبوع مدة جيدة في هذا السياق! بالكاد نتذكر ما أكلناه على العشاء في الأسبوع الماضي، ويكون علم النفس أكثر تعقيداً على مستوى تقوية جهاز المناعة المعرفي عند التعامل مع العمليات المرتبطة بالذاكرة".

MISS 3