عدم تمويل المحكمة الدولية حضر في لقاء «سيدة الجبل»

سعيد: تصفيتها قرار سياسي وتمويلها ملزم وحمادة: أي رسالة لشهداء المرفأ إذا تراجعنا؟

02 : 00

نناشد الدول الخمس الكبرى تأمين تمويل المحكمة

قرار المحكمة الدولية الخاصة بلبنان تجميد اعمالها بفعل النقص الحاد بتمويلها حضر امس في اجتماع "لقاء سيدة الجبل" برئاسة رئيسه الدكتور فارس سعيد، وحضور الاعضاء ومشاركة النائب المستقيل مروان حمادة، والممثل الرئيسي للضحايا أمام المحكمة في محاولة إغتيال حمادة المحامي نضال الجردي. بداية، تمنى حمادة ان يجيب الاجتماع والحضور "العابر للاحزاب وللطوائف والمعبّر عن كل لبنان، على تساؤلات كثيرة بمناسبة حدثين، الاول: الذمية السياسية التي اعلن فيها جبران باسيل ان حسن نصرالله أصبح فعلاً رئيس لبنان، والحدث الثاني هو محاولة دفن المحكمة الدولية لنكران العدالة من خارج المنطقة". وقال: "هناك منطقة غابت كلياً عنها العدالة أكان في لبنان وسوريا والعراق وفلسطين. والجواب على هذه المواقف يجب ان يكون وطنياً، فليست القضية مسيحية ـ مسيحية وليست قضية قضاء مرتبط فقط باغتيال الشهيد رفيق الحريري ورفاقه في ثورة الارز، وعندما سمعت بالامس ارملة جو بجاني تتحدث عن الاتهام الذي صدر في قضية زوجها ومحاولة اتهام مجهول، تذكرت بأن هناك مشكلة اساسية في لبنان تؤسس لكل المشاكل الاخرى، وهي غياب العدالة والدولة، والقضاء على السيادة وبيع الاستقلال ونسف النظام الديمقراطي الحر والمبادرة الفردية والعيش المشترك، بمحاولة إحياء هيمنة وسيطرة تحالف الاقليات على العيش المشترك ضمن حدود لبنان الكبير".

ثم تحدث سعد كيوان بإسم "اللقاء" فأكد ان قرار المحكمة تجميد اعمالها شكّل "صدمة كبيرة للبنانيين، وبالأخص الصمت الرسمي شبه التام ولامبالاة جميع الافرقاء السياسيين، وتحديداً السياديين منهم الذين خاضوا معركة انشاء المحكمة التي كلفتهم محاولات منع قيامها استشهاد بيار الجميل واحتلال وسط بيروت". واعتبر ان القرار يبدو اليوم "وكأنه رخصة للقتل بات معه لبنان مكشوفاً ومفتوحاً على كل الاحتمالات في ظل استئناف - أو استمرار - عمليات الاغتيال". ونبّه الى ان "ما يزيد من خطورة هذه القضية ان ما استدعى اللجوء الى العدالة الدولية عام 2005 وطلب انشاء محكمة خاصة هو، اولاً شخصية المستهدف، وثانياً فظاعة الجريمة المرتكبة وقدرة المجرمين على التخطيط والتنفيذ بكل حرية، في ظل هيمنة النظام الأمني السوري وأجهزته وعملائه المحليين على كل مفاصل السلطة السياسية والعسكرية والأمنية، وثالثاً والأهم تكبيل القضاء وشل قدراته على التحقيق في العديد من الجرائم التي ارتكبت وترتكب مند عقود، بدءاً باغتيال كمال جنبلاط عام 1977 وبشير الجميل (عام 1982) مروراً برشيد كرامي (عام 1987)، والمفتي حسن خالد (1989) ورينيه معوض (1989) وداني شمعون (1990) وآخرين، ثم مجدداً اغتيال الحريري عام 2005 ومسلسل الاغتيالات الذي تبعه، والذي حصد عدداً كبيراً من خيرة رجال السياسة والصحافة وقادة الرأي الأحرار، امثال سمير قصير وجورج حاوي وبيار الجميل ووليد عيدو وانطوان غانم، وفرنسوا الحاج ووسام عيد ووسام الحسن ومحمد شطح، ناهيك عن محاولات اغتيال مروان حمادة والياس المر ومي شدياق. كما ان هذا المسلسل الاجرامي كان يجري تحت أعين سلطة الوصاية السورية وبرعايتها، واستمر بعد خروج جيشها من لبنان ما يؤكد تورط أطراف لبنانيين وعملاء للنظام السوري في هذه الجرائم، فكان لا بد من اللجوء الى القضاء الدولي. وهذا ما ثبتته المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في الحكم الذي صدر في آب الماضي على المتهم المسؤول في "حزب الله" سليم عياش، الذي لم يتم تسليمه بعد الى السلطات القضائية اللبنانية".

وأكد كيوان ان المحكمة "لم تتشكل من أجل شخص بعينه، او طرف بعينه، ولا تعني فريقاً سياسياً محدداً او طائفة معينة، ولم تتشكل من اجل اهداف او اغراض سياسية محددة، ولا من أجل غلبة فريق على آخر. كما ان العدالة لا تخص شخصاً او طرفاً او فريقاً معيناً، او للثأر او الانتقام من فريق او طائفة معينة، وانما هي مطلب اللبنانيين، جميع اللبنانيين، وحق للشهداء علينا وعلى لبنان السيد الحر والمستقل". وقال: "ان الجرائم التي ارتكبت على مدى عقود هي جرائم سياسية، وجرائم رأي بامتياز، مرتكبها واحد والمخطط لها والمحرض عليها واحد، فلا يجب ان يبقى المجرمون مجهولين - معروفين، ومن دون رادع وعقاب". ورأى ان "مسلسل الاجرام والاغتيالات لم يتوقف، اذ ان الجرائم الفردية مثل اغتيال منير ابو رجيلي وجو بجاني ولقمان سليم، تبدو مرتبطة ارتباطاً وثيق الصلة بالجريمة - المجزرة الجماعية التي نتجت عن تفجير مرفأ بيروت (اكثر من 200 ضحية)، التي تعتبر بمثابة جريمة ضد الانسانية، والتي حصلت عشية صدور حكم المحكمة الخاصة. واليوم، وبعد مرور عشرة أشهر على ارتكابها لم يتمكن القضاء اللبناني من ان يكشف اي خيط من خيوطها، ما يدفعنا الى المطالبة بتحقيق دولي لمعرفة الحقيقة وتحقيق العدالة". واعتبر أن قرار وقف تمويل المحكمة "هو بمثابة رخصة لتشجيع القاتل على الاستمرار في جرائمه، وعلى المسؤولين في السلطة السياسية وعلى أعلى المستويات، تحمل مسؤولياتهم والتحرك فوراً، وفي كل الاتجاهات العربية والدولية، مع الأمم المتحدة وبالأخص مع الدول العربية والدولية الممولة، للدفع باتجاه الاستئناف الفوري لتمويل المحكمة الخاصة من اجل معرفة الحقيقة واحقاقاً للعدالة. كما ان وقف عمل المحكمة لا يشكل فقط ضرباً للعدالة وتهديداً للسلم الأهلي في لبنان، وانما يشكل ايضاً تحدّياً للمجتمع الدولي، وتهديداً للعدالة الدولية ولجهود مكافحة العنف والارهاب في العالم. لذلك، نناشد الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن التي تبنت قرار انشاء المحكمة تحمل مسؤولياتها، والتحرك الفوري لتأمين التمويل اللازم صوناً للعدالة والاستقرار والسلم الأهلي في لبنان".

ثم تساءل حمادة: "أي رسالة نوجه لشهداء المرفأ في تراجعنا عن المحكمة الدولية، في الوقت الذي يعلم الرأي العام اللبناني ويطالب بتحقيق دولي يتبعه قضاء دولي في قضية بحجم قضية المرفأ، لبنان اليوم لم يخرج بعد من باب الخطر الداهم، ليس فقط باستقلاله ولا بازدهاره الذي ذهب، ولكن بأمن كل مواطن من مواطنيه، لذا القضية ليست قضية تعنيني او تعني اي عائلة اصيبت في مسلسل الجرائم التي ارتكبها من هو معلوم ومعروف، ومن اتّهم في الحكم الذي صدر في آب الماضي والذي ابرم، ويجب ان نعرف ان قضية الاستئناف لا تعني سليم عياش ولا الحكم عليه وهو نهائي الا اذا ظهر بقدرة قادر واعيدت المحاكمة، ولكن هذا الامر لا اتصور ان يحصل".الجردي

وإذ قدّر محامي الضحايا نضال الجردي وضع لبنان المالي أكد ان هناك مسؤولية قانونية أخلاقية سياسية عليه، للسعي لتأمين تمويل بديل لإظهار التزام لبنان، ومسؤولية رئيس الجمهورية والحكومة والدولة اللبنانية والأمين العام للامم المتحدة والدول الملتزمة بالمساءلة الدولية، وقال: "اذا لم يستمر عمل المحكمة فهو بمثابة دعوة للقتل، لان القضاء الدولي لم يقم بدوره كاملاً".

سعيد

أما سعيد فقال: "عندما نطالب الدول الدائمة العضوية في مجلس الامن بتمويل المحكمة فنحن لا نقول للمكلف اللبناني اليوم، الذي يرزح تحت الأزمة المالية الاقتصادية، ان يمول المحكمة التي هي شأن وطني، ونعتبر أن قرار تصفيتها هو قرار سياسي وموقفنا اليوم سياسي، ونطالب الدول التي تدّعي الديمقراطية وحقوق الإنسان وتريد الاستقرار في المجتمع اللبناني والعربي بأن لا تتردّد في دفع ما عليها من تمويل، خصوصاً ان القرار 1757 صادر تحت الفصل السابع وملزم للجميع. ونحن لا نطالب المكلف اللبناني بالتمويل وهو الذي دفع على طريق انشاء المحكمة دماء ذكية للحفاظ على العدالة في لبنان".

وأضاف: "عندما استشهد الرئيس الحريري أنشئت المحكمة ويتم الآن تصفيتها وبالامس استشهد اكثر من مئتي شخص ومدينة بكاملها في انفجار المرفأ ولذا نتمسك بهذه العدالة". واعتبر سعيد ان ما قاله النائب جبران باسيل في الامس "مرفوض من موقع وطني وليس من موقع مسيحي، فمن ينظم العلاقات اللبنانية ـ اللبنانية هو الدستور اللبناني، وليس حكم يتسلط علينا من هنا ومن هناك، ونحن لسنا أهل ذمة ليُؤمّن لنا ضمانةً ونفوذاً".


MISS 3