خالد أبو شقرا

"الطاقة" تتخطّى آليّات التنظيم والرقابة

محطّات تسييل الغاز تخضع للمثالثة

24 أيلول 2019

01 : 06

معامل تسييل الغاز تضاف الى خطة الكهرباء

كلام "درج الاليزيه" يمحوه واقع الفساد اللبناني. فالمشكلة لم تعد فقط في عدم تنفيذ التعهدات بالاصلاح والقضاء على الهدر والفساد والالتزام بأعلى معايير الشفافية أمام فرنسا والدول المانحة في مؤتمر "سيدر"، بل تعدتها الى استيلاد مشاريع جديدة، وتعليبها بقالب تحاصصي يخدم المصالح الضيقة على حساب مصلحة الوطن.

في العام 2016 أُعد في وزارة الطاقة دفتر شروط بناءً على توصية استشاري دولي لإنشاء وتطوير محطة "تغويز" واحدة تتمركز أو في عرض البحر كمنصة عائمة، تقوم بتحويل السائل الى غاز، وتوزعه عبر انابيب مخصصة عبر الخط الساحلي على معامل انتاج الكهرباء. ولكن بعدما دخل هذا الموضوع في الزواريب الطائفية والسياسية، تحول من محطة واحدة الى محطتين أو ثلاث محطات، و"بغض النظر عن العدد المقترح فالدراسة الفنية والعلمية التي أجريت في العام 2016 كانت واضحة لجهة عدم حاجة لبنان الى أكثر من محطة تغويز واحدة، خاصة أن بناء محطة واحدة بطاقة انتاجية كبيرة تكون كلفتها أقل بكثير من كلفة بناء ثلاث محطات لتوفير كمية الانتاج نفسها، وفعاليتها أكبر في ايصال الغاز الى معامل الكهرباء". يقول المهندس محمد بصبوص.

المعامل أولاً

الخبير الاقتصادي مازن السكاف، يرى أنه "بالرغم من أن حاجتنا الى منصات التخزين والتحويل العائمة ستكون موقتة ريثما نبدأ انتاج الغاز والنفط بعد 6 او 7 سنوات، الا ان فائدتها ستكون كبيرة وكلفتها أقل. أما بخصوص زيادة عدد هذه المحطات الى 2 او 3 فهو يرتبط بحسب السكاف، بالتوزيع الجغرافي لمعامل الكهرباء، لكن "شرط ان يتم العمل على بناء وتأهيل معامل انتاج الكهرباء التي تعمل على الغاز بالتوازي مع بناء المنصات. وتحتل كل من مصر وقطر الافضلية في توريد الغاز المسال، كونهما تمتازان بالقرب والوفرة في الانتاج".

تهميش إدارة المناقصات

المشكلة بحسب الخبراء تكمن في الطريقة التي يتم التعامل بها مع دفتر الشروط الذي يسبق عملية تلزيم بناء المعامل الجديدة والتي تعتبر المبرر الاول لاستيراد الغاز المسال وتحويله عبر المنصات الخاصة الى غاز صالح لتوليد الكهرباء. إذ كان من المفترض بحسب بصبوص، "أن يمر دفتر الشروط في البداية على إدارة المناقصات كي تضع ملاحظاتها عليه من النواحي التقنية والفنية والعلمية، لكن الذي حصل أن وزارة الطاقة تخطت إدارة المناقصات وعرضت مسوّدة دفتر الشروط على اللجنة الوزارية لتصديقه من الحكومة، من دون أن تكون هذه الاخيرة صاحبة اختصاص في مجال المناقصات والمشاريع. وهذا الدفتر سيحوّل بعد تصديق مجلس الوزراء عليه الى إدارة المناقصات، مضافاً اليه عملية تأهيل مسبق للمتعهدين من قبل الوزارة".

والسؤال الاساسي الذي يطرح اليوم ماذا سيحصل في حال كان لادارة المناقصات ملاحظات على دفتر الشروط المصدق والذي يحكم نتيجة التلزيم؟ هل سنعود لندخل في اشكالية الصلاحيات، أم المطلوب ان يحصر دور ادارة المناقصات بالعمل المحاسبي فقط؟ هذه الاشكالية لم تكن لتولد، لو تم احترام قانون "الشراكة بين القطاعين العام والخاص"، الذي ينص صراحة على انشاء الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء، المفوضة قانونياً بصلاحيات هائلة وباعطاء تراخيص الانتاج، بالتعاون مع المجلس الاعلى للشراكة بين القطاعين العام والخاص.

الدوّامة الفارغة

تمويل بناء محطات انتاج الكهرباء، ومنصات الغاز المسال، لن يتوفر الا من مصدرين اثنين: "سيدر" أو الشراكة بين القطاعين العام والخاص، خصوصاً بعدما استهلكت الدولة كل مدخولها ومصادر تمويلها في دفع الرواتب وخدمة الدين العام. والمصدران يبدوان لغاية اللحظة بعيدي المنال، فالاول مشروط باصلاحات أولها تشكيل الهيئة الناظمة للقطاع وتعيين مجلس ادارة للكهرباء، وهو ما لم يتم بعد نتيجة إصرار وزارة الطاقة على أن قانون 462 الذي صدر في العام 2002 والقانون الآخر الصادر في العام 2011 غير صالحين، وعلى مجلس النواب اقرار قانون جديد. أما الثاني فيتخطى بالممارسة كل القوانين المرعية الاجراء ويصر على تهميش إدارة المناقصات والالتفاف عليها من خلال اللجان الوزارية، وهو ما لا يشجع القطاع الخاص على الدخول في المناقصات وبدء التعهد والالتزامات.


MISS 3