جميع أنواع القهوة تُخفّض مخاطر أمراض الكبد

02 : 00

يحب الكثيرون القهوة ويعتبرها البعض مشروباً لا غنى عنه يومياً. لكن تتعدد الأبحاث المتناقضة التي تطرح أدلة على منافع القهوة من جهة ومخاطرها من جهة أخرى.

تذكر دراسة جديدة وكبيرة الآن أن جميع أنواع القهوة تستطيع تقليص مخاطر مرض الكبد المزمن وحالات الوفاة المرتبطة به، ومرض الكبد الدهني، وسرطان الكبد.

تشتق أكبر منفعة في هذا المجال من شرب بين 3 و4 أكواب قهوة يومياً، حتى لو كانت خالية من الكافيين. لكن تكون القهوة المطحونة أفضل من القهوة الفورية.

أشرف باحثون من جامعتَي "ساوثامبتون" و"إدنبرة" في المملكة المتحدة على الدراسة الأخيرة ونُشرت نتائجها في مجلة "الصحة العامة".

نتائج واعدة لمرضى الكبد

تُسبب أمراض الكبد مليونَي حالة وفاة سنوياً حول العالم، ويموت مليون شخص نتيجة مضاعفات تليّف الكبد ومليون آخر بسبب التهاب الكبد الفيروسي وسرطان الخلايا الكبدية.

تذكر الدراسة الأخيرة أن منطقة أفريقيا جنوب الصحراء هي الأكثر تضرراً من أمراض الكبد، تليها أميركا الجنوبية والوسطى، وأوروبا الشرقية، وجنوب شرق آسيا.

تتعدد عوامل الخطر المؤثرة، منها استهلاك الكحول، والوزن الزائد، ومرض السكري.

في حديث مع مجلة "ميديكل نيوز توداي"، اعتبر الجراح طلال أدهمي من جامعة "كليفلاند" الدراسة الأخيرة "مدهشة بمعنى الكلمة" نظراً إلى نطاقها الواسع: "سبق وجرت دراسات أصغر حجماً وبرز رابط بين صحة الكبد والقهوة، لكن ترصد هذه الدراسة رابطاً أكثر وضوحاً بكثير نظراً إلى ارتفاع عدد المرضى المشاركين".

حوالى نصف مليون مشارك

حلل الباحثون بيانات صحية تعود إلى 494 ألفاً و585 شخصاً مسجّلاً في البنك البريطاني الحيوي وراقبوهم لفترة بلغ متوسطها 10.7 سنوات. من بين تلك المجموعة، كان 348 ألفاً و818 فرداً يشربون القهوة، و109 آلاف و767 فرداً لا يشربونها (إنها المجموعة المرجعية في الدراسة). كان مستهلكو القهوة يشربون أنواعاً غنية بالكافيين وخالية من الكافيين وقهوة مطحونة وفورية.

خلال فترة الدراسة، شملت العينات 3600 تشخيص لمرض الكبد المزمن، و5439 حالة من مرض الكبد الدهني، و184 إصابة بسرطان الخلايا الكبدية. مقارنةً بمن لا يشربون القهوة، تراجع خطر الإصابة بمرض الكبد المزمن لدى مستهلكي القهوة بنسبة 21%.

كذلك، انخفض خطر إصابتهم بمرض الكبد المزمن أو الدهني بنسبة 19% وسرطان الخلايا الكبدية بنسبة 21%. في الوقت نفسه، كان مستهلكو القهوة أقل عرضة للوفاة بسبب أمراض الكبد بنسبة 49%.

تراجعت نسبة الخطر بدرجة إضافية لدى مستهلكي القهوة المطحونة، فقد انخفضت مخاطر الإصابة بمرض الكبد المزمن أو الدهني بنسبة 35% وسرطان الخلايا الكبدية بنسبة 34%، وتراجع احتمال وفاتهم بسبب أمراض الكبد بنسبة 61%.

يوضح أدهمي: "قد تكون القهوة مفيدة في المراحل الأولى من المرض لأن الكبد يلتهب رداً على مُسببات الأمراض. حتى أنها قد تؤثر على المصابين بتليّف الكبد أو بحالة متقدمة من تندّب الأنسجة، إذ تكون هذه الفئة من المرضى أكثر عرضة لسرطان الكبد الأولي. تُعتبر القهوة مفيدة في هذا المجال أيضاً".

تقييم الدراسة

كانت الدراسة محدودة على بعض المستويات لأن العينات المستعملة اقتصرت على أصحاب البشرة البيضاء والمنتمين إلى خلفيات اجتماعية واقتصادية أعلى مستوى. لذا قد لا تنطبق النتائج على عامة الناس على الأرجح.

برأي أستاذ علم الكيمياء الحيوية ناثان ديفيس من معهد "كوليدج لندن" لصحة الكبد والجهاز الهضمي، لا تثبت الدراسة الأخيرة أن القهوة غذاء خارق ومضاد لأمراض الكبد، حتى أن دراسات أخرى تتوصل إلى استنتاج معاكس.

كانت المخاطر والمنافع التي رصدتها الدراسة على المدى الطويل صغيرة جداً (لم يُصَب 4 أشخاص من أصل ألف مستهلك للقهوة بمرض في الكبد، مقابل 5 من أصل ألف شخص لا يستهلكون القهوة). يظن ديفيس أن عوامل أخرى لها تأثير أكبر من القهوة. مع ذلك، يحافظ الدكتور أدهمي على حماسته نظراً إلى غياب أي علاجات فاعلة لجميع أمراض الكبد: "في ظل غياب أي خيارات بديلة في هذه المرحلة، لا يمكن أن يرفض أحد مشروباً يُعتبر الأكثر شيوعاً في العالم".

لكن تجدر الإشارة إلى عدم تعمّق الدراسة في الآليات الكامنة وراء منافع القهـوة على مستوى الكبد.

في مطلق الأحوال، يتوقع أدهمي أن تُمهّد الدراسة الأخيرة لإجراء تجارب عيادية عشوائية لاختبار جزيئات متنوعة من القهوة ضد أمراض الكبد. إنه خبر مدهش للمصابين بهذه الأمراض برأيه.

في النهاية يستنتج المشرف الرئيس على الدراسة، أوليفر كينيدي: "القهوة مشروب شائع جداً وقد تعني المنافع التي رصدتها دراستنا احتمال طرح علاج وقائي لمرض الكبد المزمن. سيكون هذا الإنجاز مهماً بشكلٍ خاص في الدول التي تتراجع مداخيلها، وتعجز عن تلقي الرعاية الصحية المناسبة، وتبلغ فيها أعباء مرض الكبد المزمن ذروتها".