جاد حداد

The Cook of Castamar... عمل مميز على جميع المستويات

12 تموز 2021

02 : 00

وفق الحملة الترويجية لمسلسل The Cook of Castamar (طاهية كاستامار) المقتبس من رواية تحمل العنوان نفسه للكاتب الإسباني فرناندو ج. مونييز من العام 2019، سنكون أمام قصة رومانسية شائكة بين طاهية مصابة برهاب الأماكن المزدحمة ورجل نبيل وأرمل. يتمحور المسلسل حول هذه الفكرة فعلاً لكنه يتمتع بمزايا كثيرة أخرى، فهو من نوع الدراما المشوقة التي تدور أحداثها في حقبة غابرة وتحتاج إلى بعض الوقت قبل إثارة اهتمام المشاهدين، لكنها تنجح في جذب انتباههم في نهاية المطاف بفضل شبكتها المعقدة من الشخصيات المتداخلة والحبكات الفرعية اللافتة. يعكس المصدر الأدبي الأصلي صورة مخيفة عن مدينة مدريد في بداية القرن الثامن عشر ومجتمعها الطبقي بامتياز، لكنه يعبّر في الوقت نفسه عن مشاعر من الدفء والإنسانية من خلال العلاقات التي تُطورها مختلف الشخصيات في إمارة "كاستامار" الفاخرة.

تتراجع مكانة "كلارا بيلمونت" (ميشيل جينير)، فتبدأ بالعمل كطاهية تتمتع بموهبة استثنائية في مطابخ "كاستامار"، لكنها تواجه المشاكل في المرحلة الأولى بسبب المشرفَين على الخدم، "ميلكياديس إيلكيزا" (أوسكار رابادان) و"أورسولا بيرينغير" (مونيكا لوبيز)، وبعض الخدم الآخرين أيضاً. لكنها تنجح في كسب إعجاب المحيطين بها بفضل مهارتها في الطبخ وشخصيتها الساحرة، ويعجب بها أكثر من اللزوم "دييغو دي كاستامار" (روبرتو إنريكيز)، وهو رجل نبيل ودائم التجهم كان قد خسر زوجته في حادث قبل عشر سنوات. نظراً إلى الاختلافات الطبقية بينهما، لن تكون العلاقة التي تجمعها محبذة في تلك الإمارة، لكن لا يمكن التغلب على المشاعر. تحبّذ شبكة "نتفلكس" هذه المواضيع لأنها تحتاج إلى الميلودراما التي تضمن ارتفاع نسبة مشاهدات أعمالها.

تتعدد الجوانب الميلودرامية في هذا العمل، لكنه يتسم بمزايا متنوعة أيضاً. تكثر الشخصيات والقصص التي تستطيع جذب انتباه المشاهدين بسهولة: يكون "دييغو" خطيب "أميليا كاسترو" (ماريا هيرفاس)، وهي امرأة جميلة لكن متغطرسة ولا يمكن أن تتقبل فكرة أن تتفوق عليها طاهية. كذلك، تبدو خلفية "أميليا" وعلاقاتها معقدة بما يكفي. يكون "دييغو" من جهته محاطاً طوال الوقت بوالدته "ميرسيدس" (فيوريلا فالتويانو) وشقيقه "غابرييل" (جان كروز)، وهو رجل أسود حر تعجبه امرأة غير مناسبة. لكن لا تقتصر القصة على العلاقات العاطفية، بل يبرز أيضاً مخطط سياسي كبير وجريمة قتل، فتجسّد شخصية "سول" الذكية (مارينا غاتيل) والماركيز "إنريكي دي أركونا" (هوغو سيلفا) شكلاً من الغموض الأخلاقي ويبديان العداء لعدد من الأطراف المتنوعة.

تتنقل أحداث The Cook of Castamar بين الجنس والدم والمؤامرات، ما يعني أنه يحمل الخليط المناسب لإرضاء جزء كبير من المشاهدين. لكنّ أكثر ما يميّز هذا العمل هو نوعية السيناريو والأداء التمثيلي. تسمح هذه العوامل برفع مستوى قصة قد تبدو باهتة بنظر البعض وتضفي عليها جوانب عاطفية مؤثرة. على عكس أعمال كثيرة تعرضها شبكة "نتفلكس"، تُعتبر نهاية هذا المسلسل ممتازة وتشكّل خاتمة مناسبة لاثنتي عشرة حلقة دسمة. قد تبدو هذه الحلقات كثيرة مقارنةً بأعمال أخرى، لكنها تستحق العناء حتماً!


MISS 3