زينة عبود

فانيسا راضي لا ترضى بأقل من التفوّق والتحدّي

فتاة الإنجراف الأولى تعود إلى الحلبة

24 تموز 2021

02 : 00

فانيسا الأنوثة في عالم الذكورية
بكامل أنوثتها دخلت الشابة فانيسا راضي معترك "سيارات الإنجراف" أو ما يُعرف بـDrift cars وغاصت في عالم السيارات الذي يحتكره الشباب لولا بعض الشابات "أخوات الرجال" اللواتي يؤمنّ بقدرة المرأة على تحقيق رغباتها وطموحاتها في أي مجال كان، وفانيسا ابنة السادسة والعشرين عاماً، واحدة من هؤلاء الشابات.






في سنّ الثلاثة عشر عاماً اكتشفت فانيسا هذا الشغف الكبير بالسيارات عندما كانت تقضي أيام العطل لدى خالتها في الضيعة حيث كانت تميل دائما الى مرافقة ابن خالتها الذي يقوم بفرط سيارته وتصليحها شخصياً، فكانت تنهال عليه بالأسئلة المتعلقة بصيانة وميكانيك السيارات بدلاً من اللهو مع ابنة خالتها بألعاب الدمى المتعارف على أنها "ألعاب البنات"، كما أنها لم تكن تكترث للعب مع شقيقتها بالدمى في المنزل ايضا اذ كانت تتجه الى العاب الصبيان لا سيما السيارات منها مع العلم أن ليس لفانيسا شقيق صبي.

بعد أن أغنت معرفتها في عالم السيارات راحت فانيسا تتابع مسابقات "سيارات الانجراف" التي استهوتها اكثر من سباقات السرعة والرالي نظراً لخطورتها وتقول "في الدريفت أشعر بالتحدي ويرتفع الأدرينالين من دون مخاطر.. باختصار هو فنّ السيطرة على سيارة خارجة عن السيطرة".



قبلت التحدي



الى الحلبة سِرّ!

مشوار فانيسا لم يكن سهلاً في ظل مجتمع متناقض كلبنان يضمّ آراء مختلفة بشأن المرأة والصورة النمطية المرسومة لها، بمعنى ان الجنس اللطيف يبقى خارج أي مجال يتطلّب قوّة بدنية وجسدية أو خشونة في مكان ما. هذه الصورة كسرتها فانيسا فأثبتت في محطات عدة أنها فتاة ناعمة تتمتّع بكل مواصفات الأنوثة واللياقة والجمال وقادرة في الوقت عينه على اقتحام عوالم الرجال من الباب العريض فاختارت أن تكون الـ Drift girl الأولى في لبنان وافتتحت تصنيف الشابات في نادي ATCL لـ"سيارات الانجراف" كأول فتاة تدخل هذا المجال قبل ان تنضمّ اليها فتاتان أخريان، الا انها ما لبثت ان شاركت في مبارتين على حلبة "وردة" حتى توقفت قسريا عن نشاطاتها بسبب معاناتها من مشكلة صحية في ركبتيها استدعت الخضوع للعلاج الفيزيائي على مدى العامين الأخيرين، لكنها اليوم تستعدّ للعودة الى حلبة الدريفت ولذلك تخضع للتدريبات من جديد. تلمع عينا فانيسا عندما تتحدث عن هوايتها المفضّلة وتقول "أريد ان تكون حياتي كلها مرتكزة على السيارات"، علما انها درست graphic design وتعمل في اختصاصها.


الإعتماد على النفس!



عناد الطموح

المثال الأعلى بالنسبة الى فانيسا، سائقة الرالي ميشال موتون "أحبّ إصرارها على المثابرة بعدما لم تتمكّن من الفوز لخمس بطولات متتالية لكنها لم تتراجع وبقيت مصمّمة على الفوز الى أن حققت مرادها".

في هذه النقطة، التشابه كبير بين السائقة العالمية وفانيسا التي كافحت لتشق طريقها وإن كانت لا تزال في بداياته لكنها لم تستسلم أمام الواقع الذكوري الذي لمسته في عالم السيارات، وقاومت كل من حاول الاستخفاف بقدراتها وأثبتت نجاحاً لافتاً. وهنا تميّز فانيسا بين نظرتين في المجتمع، الأولى نظرة سلبية واستهتار في التعاطي مع المرأة وكأنها إنسان ناقص وغير قادر على خوض هكذا مجالات تعدّ حكراً على الشباب وهذه النظرة لاقتها من قبل شباب الدريفت في ATCL الذين توقعوا لها الفشل واستخفّوا بها وتحدّوها فكانت تتعامل مع هذا التحدي برحابة صدر واسعة "بدن يكسّرولي راسي أنا جاهزة"، بالتوازي كانت هناك فئة في المجتمع داعمة ومشجّعة لنشاط فانيسا لا بل فخورة بها.

والد فانيسا فخورٌ بحذر

محطة الكفاح الأولى كانت مع العائلة التي حاولت تأجيل حلم فانيسا علّها تعدل عنه لكن الشابة الجريئة أبت التخلّي عن شغفها.

المرة الأولى التي جلست فيها وراء المقود كانت في سنّ الحادية عشرة وتروي فانيسا انها تأخّرت في الحصول على رخصة السوق بسبب مماطلة والدها الذي كان يتملّكه الخوف من اللحظة التي ستقتني فيها ابنته سيارتها الخاصة. عندها ستخرج الأمور عن سيطرته، هو الوالد المذعور من أن تتهوّر فلذة كبده في لحظة ما.

وللمرة الأولى، لم تنصت لكلام والدها وقررت ان تقوم بما تمليه عليها رغبتها، وفور حصولها على رخصة السوق اشترت فانيسا "السيارة الحلم" Nissan 350Z ووضعت والدها أمام الأمر الواقع متجاهلة كل تهديداته فكان خصام الأب وابنته لفترة قبل ان يتقبّل الموضوع.

وذات يوم اكتشفت فانيسا بالصدفة أن هوايتها وشغفها في الحياة هو نفسه لدى والدها الذي لطالما أحبّ عالم السيارات والسباقات.

أما والدة فانيسا فهي متحررة من آراء المجتمع وكلام الناس، وكانت مشجّعة وداعمة لخيارات ابنتها "تعمل يللي بتحبّو" لقناعتها بأن الانسان يبرع في الاختصاص الذي يستهويه فعلا، وهي على ثقة بأن ابنتها واعية وتدرك الخطوط الحمر لا سيما في ما خصّ السرعة التي كانت هاجس والد فانيسا الاوّل خوفاً على حياتها.



من قلب الحدث



بين القيادة والكاراج

الشابة العنيدة الطامحة لتحقيق أحلامها وطموحاتها تضع مخططاً للمرحلة المقبلة وتدرس خياراتها جيداً فهي تتطلّع الى تطوير نفسها في مجال السيارات وإذا كانت اليوم تعتمد على نفسها في تصليح سيارتها شخصياً على قدر إمكاناتها ومعرفتها إلا أنها تسعى الى الغوص أكثر في عالم السيارات وتقول "لو كنت قد تخصصت في مجال السيارات لكنت حتما أنشأت كاراجي الخاص... على كل حال معي كل شي ممكن".

طوال الحديث وعلى وجه فانيسا ابتسامة فخر بإنجازاتها المتواضعة والتي تطمح الى تطويرها لتحقيق المزيد من النجاحات خطوة تلو الأخرى. وهي سعيدة أن المرأة السعودية حصلت على حق قيادة السيارات . شاركت فانيسا في ورشات عمل عدة نظمتها جمعيات غير حكومية تعنى بشؤون المرأة بحيث روت تجربتها مع المجتمع وكيفية مواجهته في سبيل تحقيق طموحها إضافة الى تدريبات لشابات يرغبن بتعلّم الحدّ الأدنى من تصليح السيارات كتغيير الإطارات و"تدكير" السيارة.

في إطلالة تلفزيونية مع الإعلامي جو معلوف، واجهت فانيسا أحد سائقي الشاحنات كتب على شاحنته عبارة "آنسة خلف المقود كارثة متنقّلة" فأثبتت له ان مقولته غير صحيحة لأن النساء قادرات كما الرجال إذا لم يكنّ أفضل منهم في الكثير من المواقع حتى. وتشير فانيسا الى انها عندما تقود على الطرقات العامة تلتزم بقوانين السير والسلامة العامة كافة من حزام الأمان الى السرعة القصوى المحددة "أخاف على سيارتي كخوف الام على طفلها" وكذلك عندما تكون على الحلبة فهي تلتزم بعدّة السلامة كاملة لدرجة أنها تفضّل أن تتدرّب وحدها على الطريق.

نظرة المجتمع والخوف مما سيقوله الناس دفعا بفانيسا الى إخفاء هوايتها سنوات عدة قبل ان تقرر خوض التحدي حتى النهاية... وانطلاقا من تجربتها تتوجّه فتاة الدريفت الى كل شابة وامرأة "قومي بما ترغبين به ولا تنتظري آراء الغير... بإمكانك ان تكوني أنثى جميلة راقية ومصدر تحدٍ للرجل في أي معترك تختارينه.. صمّي آذانك ثقي بنفسك وانطلقي لأنك فعلا قادرة!".


ندى زيدان


نساء وراليات

أثبتت المرأة العربية جدارتها في العديد من المواقع المتقدّمة وكذلك في عالم السيارات ومن أبرز هؤلاء النساء كانت هنادي سلّوم المرأة العربية الوحيدة التي حققت منذ نحو عشرين سنة إنتصارات عدة في سباق السيارات حيث زاحمت الرجال في عالمهم الخاص ورياضتهم العنيدة، وحازت اثني عشر كأساً بعدما اعتلت منصات التتويج مرات عدة. ومن لبنان شاركت لارا الحلو في سنّ العشرين، في أول سباق رسمي عام 2008 فكانت الفتاة الأولى التي تقود سيارة سباق على طريق بلغت مسافتها ثلاثة كيلومترات ونصف الكيلومتر.

وفي عالم الرالي دخلت ندى زيدان التي ولدت في بيروت، وهي رياضية تحمل الجنسية القطرية من والد يمني ووالدة تركية، وشاركت ايضا بألعاب الرماية بالسهام.

من عالم الرالي نذكر المتسابقة المصرية يارا شلبي التي حازت المرتبة الأولى في الفئة الوطنية من رالي الفراعنة عام 2014. مع الاشارة الى أن الاتحاد الدولي للسيارات اختارها عام 2015، لتمثيل منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا في حينها. ولاحقا أسست شلبي مدرسة خاصة لتعليم النساء قيادة المحركات الآلية في الصحراء.

ومن سائقات الرالي الأول ايضا، نادية القمودي التي عُرفت عندما احترفت السباقات الدولية، فكانت بداية انطلاقتها الحقيقية عام 2000 حين شاركت في أول رالي دولي في مصر، لتدخل بذلك التاريخ كأول عربية تشارك في سباق للسيارات وتحصل على نتيجة مشرفة على المستوى العربي. ولاحقا نظمت القمودي «رالي الفراشات»وهو أول رالي نسائي دولي بمواصفات تونسية. ومن الإمارات برزت آمنة القبيسي التي أبهرت العالم بقدرتها على المنافسة وخطفت الأنظار بقوّة في سباقات الفورمولا عام 2019.

في عالم الفورمولا ايضا برزت السعودية ريما الجفالي التي تنقلت بين حلبات اوروبية عدة بعدما خاضت أول بطولة لها في فورمولا4 على ارض بريطانيا.


MISS 3