جورج بوعبدو

ناشد وزارة الثقافة مساعدة "الأوركسترا" التي تُبيّن وجه لبنان الجميل

أندريه الحاج: موجة الابتذال عاتية وعاجزون عن التصدّي

24 تموز 2021

02 : 00

ترعرع في منزل يهوى الغناء والفن. بدأ مشواره مع الموسيقى في سن السادسة عشرة وحاز فيه دبلوماً من جامعة الروح القدس.انضم في العام 1989 الى الهيئة التعليمية في الجامعة الأم والى المعهد العالي في العام 1995 وغدا عضواً في نقابة الموسقيين المحترفين. التحق بالأوركسترا الوطنية اللبنانية في العام 2000 وتسّلم قيادتها في العام 2011 من المؤسس الراحل وليد غلمية. انه اندريه الحاج الذي قاد الأوركسترا الوطنية بما يرفع اسم لبنان عالياً محوّلاً الموسيقى سلاحاً يتغنّى بالوطن. "نداء الوطن" التقت بالحاج في لقاء مميز أطلعنا فيه على التحدّيات التي تعصف بقطاع الموسيقى والشجون المحيطة بالموسيقيين مع الأزمات المتلاحقة.

هل تأثرت "الاوركستــــــــــــــــرا الوطنية" بانعكاسات انفجار 4 آب والازمـــــــــــــات المتلاحقة؟

المشكلة في تزامن انفجار الرابع من آب مع جائحة كورونا التي شلّت القطاعات كافّةً والتي كان تأثيرها كبيراً على القطاع الموسيقي بشكل خاص، أما انفجار الرابع من آب فترك آثاره النفسية علينا وعلى الموسيقيين كافة ونحن في حداد منذ وقوعه.

ما من حل جذري لمعالجة الأزمة لأن العزف عبر المنصات الرقميةّ ليس كافياً وهو يفتقر الى النوعية خصوصاً أن الموسيقى والمسرح يحتاجان الى احتكاك مباشر مع الجمهور مع العلم اننا قدّمنا أغنية "بحبك يا لبنان" في نيسان 2019 وكنا من الأوائل في العالم العربي. لاحظنا بعدها أن "الاونلاين" توقف ولم يعد لديه متابعون كثر، كذلك الحال مع الاوركسترا الفرنسية التي تقدم الموسيقى عبر المنصات الرقمية لكنها تفتقد الى الاحساس والاحتكاك المباشر مع الجمهور وهو الأهم.

بطلب من وزير الثقافة بمناسبة "نهار الموسيقى العالمي" قدّمنا حفلة على الهواء مباشرة من "المتحف الوطني اللبناني" أحياها سبعة عشر موسيقياً قصدتُ بها تقديم الموسيقى اللبنانية بدون مغنى وايقاع وأجهزة صوت، فوجدنا تفاعلاً كبيراً من الجمهور عبر شاشات التلفزة. الحلول ستأتي تدريجاً بعد الانتهاء من جائحة كورونا.



كيف تواجه انتشار الموسيقى المبتذلة؟

ما من مجال للمقارنة بين الابتذال والموسيقى الأصيلة. سوق العمل حق للجميع وهو مصدر رزق ولكن مسؤوليتنا كمؤسسة أكاديميّة أن نكون في المكان الصحيح. موجة الابتذال التي نواجهها عاتية ولا نقوى على التصدّي لها بصراحة. لم أكن يوماً واعظاً للناس أو منتقداً لأنواع الموسيقى التي يحبونها، ولكني أتبع قناعاتي الشخصية موسيقياً فلا أميل إلا الى مغنّين وموسيقيين وطلاب ومؤلفين يحترمون القيم النوعية التي بنيت على أسسها "الأوركسترا الوطنية".

هل نستطيع أن نتحدث عن ثقافة موسيقية في مجتمعنا اللبناني؟

نحن من الشعوب التي واجهت حروباً ومصاعب أبعدتنا عن الموسيقى لفترات معينة من الزمن، لأن الهدف الوحيد كان الاحتماء من المخاطر وتأمين لقمة العيش. بعد حرب الـ 75 ما عاد للثقافة الموسيقية مكان في يومياتنا بدليل ان المدارس كانت تخصص ساعة واحدة فقط أسبوعياً للموسيقى وبشكل غير رسمي، خلافاً للحال في اوروبا أو الاتحاد السوفياتي سابقاً حيث تعلّم الموسيقى إلزامي. وثمة تقدم أكبر في بعض بلدان العالم العربي مقارنةً بلبنان لأن الموسيقى تدخل في صلب المناهج التربوية، ولكن المفارقة اننا نرى الكثير من الطلاب الجدد في المعاهد الموسيقية والجامعات، ما يعني أن حب الموسيقى موجود والأهالي يشجعون اولادهم على التعلّم. كذلك الطلب كبير على المعاهد الرسمية والجامعات كجامعة الروح القدس في الكسليك بحيث نرى مدارس موسيقى جديدة فتحت ابوابها لاستقبال الراغبين بالتعلّم، وبالتالي لدينا عدد كبير من الطلاب يتخرجون سنوياً ولكن المشكلة في ضيق سوق العمل. هذا لا ينفي أهمية الثقافة الموسيقيّة وأنا اشجع الجميع عليها لأن الموسيقى تهذب الروح وتشذّب الأخلاق.



هل تغيّر الموسيقى ما في النفوس كما يقال؟

لا يمكننا العيش بدون موسيقى. قلبك هو الايقاع. الفن بشكل عام هو الذي يغيّر، ولكن الثقافة الفنية غير موجودة في لبنان. ينبغي أن تشجع الدولة هذا القطاع عبر وزارة الثقافة فتدعمه مادياً ومعنوياً. الفن عموماً سواء كان الامر متعلقاً بالموسيقى أو الشعر أو الرسم أو الرقص يأخذك الى كل ما هو جميل ولا أعتقد أننا نستطيع الاستمرار من دونه.

ما هي الصعوبات التي تواجـــــــــــــه "الاوركسترا الوطنية" اليوم؟

سأتكلم على الصعيد الشخصي. منذ استلامي الاوركسترا تلقيت دعماً دائماً من وزارة الثقافة التي كانت تقوم برعاية معظم حفلاتنا. وأجمل الفترات كانت عندما آمن وزير الثقافة السابق الدكتور غطّاس خوري بالموسيقى العربية، فذهبنا معه الى الكويت ومثّلنا لبنان في "الاسبوع الثقافي الكويتي" وافتتحنا المكتبة الوطنية. أما الوزير الأسبق روني عريجي فذهبنا معه الى أبو ظبي، وصولاً الى الوزير الحالي عباس مرتضى الداعم الأول للمعهد الوطني وللاوركسترا العربية بشكلٍ خاص، وقد ساند اختياري لتنفيذ عمل ضخم عن انفجار الرابع من آب مع "الاوركسترا الايرانية" في طهران. بالتالي وزارة الثقافة هي دائمة الدعم لنا.

عُيّنت أخيراً أول قائد عربي فخري لأوركسترا "كاي كلاسيك" الكورية وهو أمر مميز ومن الصعب الوصول إليه خصوصاً أنني لست قائداً كلاسيكياً. انه فخر كبير لي ولوطني لبنان وأناشد وزارة الثقافة أن تبقى دوماً الى جانبنا وتستمر في مساعدة "الاوركسترا الوطنية" التي تمثل لبنان وتبيّن وجهه الجميل والراقي.

هل دخلت عالم البرامج الاذاعيّة عبر برنامج "الاوركسترا وكبارنا".

أخوض مغامرة جديدة بهذا البرنامج على أثير الاذاعة اللبنانية وهو يحكي تجربتي الخاصّة مع كبار الفنّانين اللبنانيين والفكرة لمديرة البرامج ريتا نجيم الرومي. بدأنا الحلقة الاولى بوديع الصافي ثم توفيق الباشا، الياس الرحباني، زكي ناصيف، إيلي شويري وغيرهم... اعتمدت هذه القاعدة لأنني بدأت بها في العام 2011 عندما تسلمت قيادة "الاوركسترا الوطنية" وقدمنا حينها ايضاً تحيّةً لكبار الفنانين.



ماذا تقول للجيل الجديد؟

نعرف أننا نواجه مشكلة في عالم الموسيقى من حيث الانتاج والمردود المادي، فالموسيقى "ما بتطعمي خبز" كما يقال والجميع اليوم يتوجه الى الأغنية لسهولة صنعها وسرعة طرحها في الأسواق. لا امانع هذا الأمر ولكنّني أشدد على أن الموسيقى تعمّر اكثر من الكلام، لذا واجب على الجيل الجديد تعلّمها واتقانها.

MISS 3