روي أبو زيد

هشام الحاج: الصامد بهذه الأرض بطل والمهاجر "كتّر خيره"

28 تموز 2021

02 : 00

قدّم الفنان هشام الحاج أخيراً سلسلة أغنيات لاقت رواجاً ونجاحاً منها "إنت ما حبيتني" و"عصفور طيّار" وغيرهما. "نداء الوطن" التقت الحاج للحديث عن الشؤون الفنية والاطلاع على أغنيته الوطنية الجديدة.

كيف تحافظ على نجاحك؟

أعمد دوماً الى التنوّع بالألوان خصوصاً أنّ الإستمرارية أمر صعب جداً في ظلّ هذه الأوضاع الصحية والإقتصادية الصعبة. أنا لا أساوم على الكلام أو اللحن كما أنني لا أنجرف خلف تيّار غنائي جديد. أنا مؤمن بالأغنية اللبنانية وأسعى دوماً الى تأمين الدعم المناسب لها رغم الحرب الضروس المُشنّة عليها منذ زمن بعيد.

نبّهنا الفنانون الكبار الى الموضوع، وتسلّمنا الأمانة لنكون السلاح بمواجهة الفنيّة الحاليّة.

لماذا لا تقدّم بعض الأغنيات الخليجيّة والمصرية لتدخل السوق العربية؟

لست ضدّ تقديم أغنيات بلهجات لبنانيّة مختلفة إذ قدّمت "قولي شيء" بالخليجي وأعمال عراقيّة كـ "الرحمة" مع موّال رائع ومصرية مع "تؤمر حبيبي". لكنّي إبن بيئتي وأشبه أرضي وجبلي ووطني فضلاً عن حملنا إرث المدرسة الرحبانيّة والصافية. ولكن لماذا علينا تقديم أغنيات بلهجة عربيّة أمّا الفنانون العرب فيقلّون بتقديمهم أغنيات لبنانية؟ قدّم الفنان ماجد المهندس أخيراً مثلاً أغنية لبنانيّة في مسيرته الفنيّة الطويلة وكلنا نحبه ونردّد أغانيه. بالمقابل، لم تقدّم السيدة فيروز أغنيات عربية عدة كي تتوسّع دائرة شهرتها. ترتبط استمراريّتنا بالحفاظ على إرثنا ولغتنا، خصوصاً أنّ كبار عمالقة الفن في لبنان قد رسموا هذا الطريق من زكي ناصيف، مروراً بنصري شمس الدين وصولاً الى وديع الصافي والرحابنة. لكن لا أعتبر أنه من الخطأ أن نقدّم أعمالاً فنيّة كتحيّة للشعب العراقي أو المصري أو التونسي أو الخليجي... الدول العربية هي بمثابة بلادنا الثانية، خصوصاً أنّ العادات والتقاليد تجمعنا. قدّمتُ مع الفنانة المصرية أمينة أغنية "بلدنا" التي كانت بمثابة مسرحية غنائية من الصعب أن تتكرر. دحضنا بها نظريّة "الجمهور عايز كده" عبر تقديمنا أغنية مدّتها سبع دقائق في زمنٍ لا تتخطّى فيه الأغنية الثلاث دقائق، ضمّت أنواعاً ونغماتٍ مختلفة، الطربية والشعبية والرومانسية، وقدّمناها بالمصري واللبناني. وهذا دليل على أنّ الساحة تتّسع للجميع والناس متعطّشة للأعمال الفنية الراقية.

أهم الفنانين اللبنانيين غنّوا لمصر.

بالظبط. فالصوت اللبناني قويّ وجهوريّ، ويحتاج الى ألحان تحاكي قوّته وتبرزها. فعلى سبيل المثال، قدّم وديع الصافي أغنية "عظيمة يا مصر" التي ما زالت تُعتبر من النشيد الأهم عربياً كما غنّى للموسيقار محمد عبد الوهاب "عندك بحريّة يا ريّس" التي يظنّ البعض أنها باللهجة اللبنانية بينما هي أغنية مصريّة وذلك لأنها قُدّمت بصوت لبناني قويّ ونادر.



لكن كيف توفق بين مواكبة التطوّر والحفاظ على الأصالة؟

يجب مواكبة السوق الحديث من خلال فريق عمل مؤلّف من شباب مواكب للتطوّر التكنولوجي فيتمّ إصدار موسيقى تمزج بين الحاضر والماضي، وقد بان ذلك جليّاً في موّال أغنية "عصفور طيّار" الذي بدأ بموسيقى روك، فضلاً عن المزيج بين اللّحن الغربي والشرقي في "اعطيني من حبّك" و"إنت ما حبّيتني". ولكن في أغنية "طلّة عروستنا" حافظنا على الاصالة اللبنانية من خلال الطبل والزمر والكمنجات واستخدام التوزيع اللبناني لعدم المساس بهويّتها الشرقية الأصيلة.

ما هو جديدك؟

سأصدر في الايام المقبلة أغنية أناجي فيها بيروت بمناسبة مرور عام على إنفجار الرابع من آب تحت عنوان "بيروت ما بتموت". وهي من كلمات مصطفى حايك، ألحان رواد رعد وتوزيعها مشترك بين طوني سابا وموريس عبدالله وجيمي منّاع.

أردت من خلال الأغنية أن أوصل صرخة لكلّ المسؤولين في البلد كي تستيقظ ضمائرهم خصوصاً أنني غنّيت للثورة الإنسانية الحقيقية، ثورة شعب يريد العيش بكرامته في وطن الأرز.

هل صوّرتها على طريقة الفيديو كليب؟

سيُظهر العمل المصوّر بيروت المدمّرة عبر استخدام صور من الأرشيف تُظهر ما خلّفه الإنفجار وتصوير البيوت المهدّمة التي لاقى أهلها حتفهم.

هل تفكّر بمغادرة لبنان؟

بالطبع كي أؤمّن المستقبل اللائق لأولادي. قد أسافر لوقت معيّن وأعود الى أرض وطني. "يا عيب الشوم على اللي حاكمينا" الذين جعلونا نخجل بهويّتنا في العالم! بتنا مجبرين على بناء كياننا الخاص. أعتبر أنّ من صمد في هذه الأرض بطل ومن هاجره "كتّر خيره" لأنه يدعم وطنه من بلاد الإغتراب ويساهم بوجود لبنان أكثر من أيّ وقت مضى. أتساءل دوماً هل هؤلاء الحكّام هم فعلاً لبنانيون ويشعرون بألمنا؟ فرّقونا بسبب الطوائف والأحزاب وما يثير السخرية أننا نحمل طوائفنا وانتماءنا الحزبي معنا الى الإغتراب بدلاً من حمل حبّ الوطن والإنتماء لأرضه فقط. يحمل بعض المغتربين "حزبيّتهم" قبل "وطنيّتهم". يجب بناء تاريخ مغاير عن ذاك "المصدّي" الذي تركه لنا حكّامنا. خسرنا كلّ شيء ولم نعد نحترمهم أبداً. أنا مستعدّ أن أقبّل نعال من يريدون فعلاً بناء هذا الوطن.

خسرنا الفن والثقافة كذلك!

بالطبع، إذ اين اليوم لبنان الثقافة والفنون والجمال والأصالة والموضة والحضارة؟ كلّ شيء تدمّر واضمحلّ و"الأضرب" أنّ البعض ما زال يدافع عن زعيمه. لكن سنبقى ننبض حياةً رغم الظروف كافة لأننا لا نريد للبنان أن ينطفئ أو لسهراته أن تسكت. أنا عاتب على بعض الزملاء الفنانين الذين تركوا لبنان بدلاً من النضال لتعزيز فنّه والحفاظ على وجهه الثقافي والحضاري.

أما كلماتها فتقول:

عمين بدنا نسب عاللي حرقوك

أو عاللي قتل حلمك إنت وشب

أو عشرف اللي بالكذب باعوك

أصلاً ما في عندن شرف ينسب

قومي انفضي عنّك ردم ذلّن يا بيروت

قومي وقفي من جديد يا بيروت

بدّي أنا بصرخة وطن قلّن

منموت نحنا تحت ردم البيوت

وبدّي على أرز الوطن دلّن

من خشب جسمو يعملو تابوت

لكن ضروري يعرفوا كلّن

بيروت ست الكل ما بتموت


MISS 3