روي أبو زيد

"لحظة مرفأ" أوبريت عن إنفجار 4 آب

ملحم وجان ماري رياشي: العمل أبكانا وبعد الموت قيامة

31 تموز 2021

02 : 00

"دخلك يا الله" عبارة يتردّد صداها بقوّة وزخم في أغنية "لحظة مرفأ" كجزء من أوبريت مدّتها 90 دقيقة كتبها وزير الإعلام السابق ملحم رياشي ولحّنها ووزّعها الموسيقي جان ماري رياشي، أما العمل المصوّر والذي يبدأ عرضه اليوم على شاشة الـ"MTV" فمن توقيع المخرج إيلي حداد. "نداء الوطن" تواصلت مع القيّمين على العمل واطّلعت منهم على الأجواء التي نُفِّذ فيها.

"ترتبط فكرة الأوبريت الرئيسة بصراع قائم بين المدينة التي نعيش فيها والقرية الفاضلة التي نحلم بها"، يقول الوزير ملحم رياشي مضيفاً: "انطلقنا من قضيّة إنفجار المرفأ لتعزيز هذه الفكرة الفلسفية عبر أوبريت غنائية تطرح معالجة مسألة القيم التي باتت مضمحلّة في زمننا الحاضر".

يسلّط العمل الضوء على شاب وفتاة مغرمين ببعضهما البعض. يعمل الشاب في المرفأ أما الفتاة فتعيش في القرية الفاضلة غير الموجودة عمليّاَ. بعدها يعرض الحالة التي نعيشها، مثل فرح أصحاب مؤسسات دفن الموتى بـ"الرزقة" وسط بكاء الثكالى والأرامل والأطفال على ضحايا الإنفجار. ويقول رياشي: "اخترقنا بيوت إحدى الضحايا وحاولنا نقل قصّته وسرد اللحظات التي سبقت الإنفجار. شخصياً، كنت على علاقة قريبة من ثلاث ضحايا سقطوا بالإنفجار، منهم الياس الخوري زميل إبني في مدرسة يسوع ومريم. لذا عمدتُ أن يكون الياس رمزاً في الأغنية يمثّل كلّ ضحيّة سقطت. وقصدتُ من عبارة: "صرخت نور بعاد عن الشباك، صرخت ياخيي فوت لجوّا" شقيقة الياس التي أنذرت أخاها بالإبتعاد عن النافذة قبيل اندلاع الإنفجار الكبير". يتوقّف رياشي عن الكلام ويتابع متأثراً: "أهديتُ كلمات هذه الأغنية الى روح هذا الشاب".

وعن سبب تسمية الأغنية بـ"لحظة مرفأ" يُخبر رياشي: "كنت موجوداً على جسر شارل الحلو عندما لاحظت الدخان المتصاعد من المرفأ، ولدى وصولي الى جسر الدورة اندلع الإنفجار الهائل! لذلك أسمينا الأغنية "لحظة مرفأ" لأنّ الحادثة الأليمة برمّتها حصلت في طرفة عين! ولو أمكننا تصغير كلمة "لحظة" لاعتمدنا العبارة في العنوان". ويضيف: "جان ماري وأنا من ضحايا المرفأ، فمنزل والديّ تهدّم وسلسلة المطاعم التي يملكها جان ماري كذلك". ويختم حديثه موضحاً: "ابتعدتُ عن السياسة وزواريبها في هذا العمل الفني وأردت التشديد على المعاناة اليومية التي نعيشها في لبنان. إنها الأوبريت الثانية التي أكتبها، تناولتُ في الأولى موضوع صلاح الدين الأيوبي حيث أردتُ الحديث عن قائد عربيّ تاريخيّ والتشديد على لقاء الأخوة بين المسلمين والمسيحيين، لكنّ "كورونا" حالت دون تنفيذهما إنتاجياً".

جان ماري رياشي: تشخّص الأغنية وجعنا جميعاً


بكى الموسيقي جان ماري رياشي عندما قرأ القصيدة فأنجز الأغنية بالكثير من الصدق والحب والوفاء والحقيقة، وبحسبه انّ "هذا العمل هو الأضخم، بفضل موسيقى أوركسترالية وأربعة أصوات رائعة وأداء منفرد لنادر خوري، جيلبير خوري، كارول عون وجيسي جليلاتي. كذلك، تعتبر الأغنية نقيض مشاعر فيّاضة تتأرجح بين الحزن واليأس والرجاء والأمل بمعرفة الحقيقة خصوصاً أنني تضرّرت من الإنفجار وفقدتُ ضحايا كنت أعرفهم والتقيهم يومياً"، مضيفاً: "عبرنا ككتّاب وموسيقيين وفنانين عن مكنوناتنا وثورتنا من خلال هذا العمل، فعكسنا ولو بنسبة بسيطة ضخامة الحدث الذي حصل في 4 آب الفائت".

حداد: يطغى الأسى على العمل المصوّر

«استند العمل الى المقاطع المصورة والموثّقة منذ لحظة الإنفجار حتى اليوم» بحسب المخرج إيلي حداد الذي أوضح أنّ «الكليب يسلّط الضوء على الكلمات مترجماً الإحساس الموجود فيها. من هذا المنطلق عمد الرسام والفنان ابراهيم سماحة الى تجسيد مشهديّة معيّنة وتشخيصها في مجسّم لتقريبها من الواقع قدر المستطاع»، لافتاً الى أنّ «الصورة معتمة بشكل عام ويطغى جوّ الاسى على العمل المصوّر والألم الموجود في قلوب وعقول المتضرّرين وأهالي الضحايا».

"لحظة مرفأ" عمل فنيّ يجسّد بصدق وأمانة جرح لبنانيين لن يندمل وشعلة ألم لن تنطفئ، ولكنّه يعكس في طيّات الألم أملاً بغد أفضل للعيش في هذه "المدينة الفاضلة" أو "الوطن الفاضل" الذي نحلم به جميعاً. وقد يكون التضرّع الى الله في هذه الأغنية أكبر دليل إيمانيّ على أنّ بعد الليل نهاراً وبعد الموت... قيامة!


MISS 3