مايز عبيد

عظة البطريرك ورسائله من عكار المنكوبة: لو وضع المسؤولون خير لبنان أولًا لأتى الحل خلال 24 ساعة

2 آب 2021

01 : 59

الراعي في زيارته العكارية أمس

يمكن القول إن عظة الأحد للبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي؛ كانت أمس من جبال عكار وغاباتها وأحراجها؛ التي مُنيت بالكثير من الخسائر ولم يقم مسؤول واحد في الحكومة أو الدولة بزيارتها وتفقّدها. ما عجز عنه المسؤولون، أو بالأحرى غير القادرين عليه للهوّة الكبيرة بينهم وبين الشعب، قام به البطريرك الراعي الذي وصل عصر أمس إلى عكار لتفقّد المناطق التي نكبتها الحرائق والإطلاع على الأوضاع عن كثب. استهلّ الراعي جولته العكارية التي تشمل بيت جعفر أيضاً؛ من بلدة القبيات وتحديداً من دار مطرانية الموارنة فيها؛ حيث كان في استقباله المطران يوسف سويف راعي ابرشية طرابلس المارونية والمطران ادوار ضاهر راعي ابرشية طرابلس للروم الملكيين الكاثوليك، بحضور النائب هادي حبيش والمفتي زيد زكريا، ورجال دين مسلمين ومسيحيين وفاعليات؛ كما تخلل الزيارة لقاءات رعوية عدة.

واطّلع الراعي خلال الزيارة التي شملت عندقت وأكروم العكاريتين، على الآثار التي خلّفها الحريق الكبير الذي ضرب أحراج عكار قبل أيام وقضى على مساحات شاسعة من الأشجار والغابات. وهاله ما شاهده من كوارث حلّت بالطبيعة وبالبيئة العكارية جرّاء هذا الحريق الضخم وقال: "شعرنا أن كل شجرة احترقت وكأنها انسلخت عن قلبنا"، وكان كلما نظر إلى حجم الخسائر الموجودة يلتفت إلى من حوله ويقول "كارثة ... يا حرام"، وبدت مشاعر الألم والحسرة على محيّاه وهذا ما حرصَ على التعبير عنه سواء في تصريحاته لوسائل الإعلام أو بالكلام والدردشات مع الحاضرين والمرافقين له في زيارته.

رسالة إلى العكاريين

رسائل بالجملة أطلقها البطريرك الراعي من عكار التي يحبها وكان سعيداً لزيارتها بحسب ما أشار. وفي كلمة توجه بها إلى أهاليها قال: "ثمة محبة كبيرة أحملها اليوم لعكار وأهلها جميعاً، هذه المنطقة المحرومة والمنكوبة اليوم بسبب الحرائق. نحن جماعة نؤمن بأنّ الله لا يتركنا وعكار خزان للدولة اللبنانية فيها أعزّ الوجوه، فهي ليست وحدها ونحييها وكلنا معها في هذا المصاب".

وبقدر ما حملت زيارته من دعم معنوي ومؤاساة لأهالي المنطقة لا سيما المنكوبين من الحرائق الأخيرة، بقدر ما حملت رسائل داخلية وخارجية، حرص على توجيهها إلى من يعنيهم الأمر. فالبطريرك خائف على لبنان، خائف على صيغة العيش المشترك والشركة والمحبة التي لطالما نادى بها ولا تزال تمثّلها عكار خير تمثيل، خائف على كل هذه القيم من الضياع في غمرة التجاذب السياسي الحاصل وسط انهيار واسع وغير مسبوق على كافة الأصعدة، يهدد بزوال لبنان الكيان والدولة والصيغة.

رسالة إلى الدولة

في مقابل ما شاهده الراعي من جمال في طبيعة عكار والتي تعرضت غاباتها لنكبة حقيقية، شاهد بأمّ العين حجم اهمال هذه المنطقة، وكان حريصاً على الغمز من قناة الدولة والحكومات المتعاقبة التي أهملت كل شيء في هذه المنطقة من الحجر إلى الشجر فالبشر... "الدولة اللبنانية لا يمكن أن تبقى على إهمال هذه المنطقة الصافية بالتضحية والعطاء والمحبة، نحن جنبكم ونحن معكم ويدنا بيد الجميع كي يرجع لعكار خضارها وبسمة أبنائها. أرض عكار وأهلها بالقلب دائماً".

إلى الهيئات الدولية

لم يعول الراعي هنا كثيرا على الدولة الغارقة في انهيارها فتوجه مباشرة إلى الهيئات الدولية بالقول: "ضعوا أيديكم معنا لنعيد تشجير عكار ومساعدة الدفاع المدني".

إلى الجيش والأصدقاء يقول الراعي:" وفي عيد الجيش، نحن سبق ووجهنا تحية تهنئة للجيش بعيده وكوننا على أرض عكار هذه المنطقة التي اعطت الجيش كثيراً؛ والجيش يشكّل كرامتنا وعزّتنا ونشكر الدول الصديقة والشقيقة على دعمها ونجدّد النداء لها للاستمرار بدعم الجيش اللبناني".

إلى المعنيين بالتأليف

إننا نصلي بأن يحمل اللقاء بين فخامة الرئيس ودولة الرئيس الخير والإرادة الطيبة للبنان دائماً، وإذا وُضع خير لبنان كدولة وخير كل اللبنانيين فإن إمكانية الحل تكون خلال 24 ساعة... ونحن لن نيأس، وسنستمر على أمل بأن تحل الأمور بأقصى سرعة". بموازاة الرسائل الكثيرة التي تطايرت داخلياً وخارجياً من كلامه، فإن رأس الكنيسة المارونية وضع النقاط على الحروف في ملف تشكيل الحكومة وحل الأزمة السياسية القائمة. ما لم يقله بالحرف مرّره بين سطور كلماته، "إن المسؤولين عن البلد يضعون مصالحهم في أولوية أي عمل وفي عملية تشكيل الحكومة بطبيعة الحال. فهم لو وضعوا مصلحة لبنان واللبنانيين أولًا لشكّلوا حكومة خلال 24 ساعة".

وكان الراعي قدّم خلال زيارته أكروم التعازي لذوي الشاب أمين ملحم الذي قضى لدى محاولته المساعدة في إطفاء الحريق قبل أيام.