محمد دهشة

صيدا تتضامن مع بيروت في ذكرى انفجار المرفأ

وقفة وفاء وعهد لكشف الحقيقة

3 آب 2021

02 : 00

مجسّم "آخر الدواء الكي"

لم تتأخر صيدا في الرابع من آب الماضي عقب الانفجار الكارثي في مرفأ بيروت، في التضامن مع العاصمة وأهلها، ولم تكتفِ بالمواقف، بل ترجمتها افعالاً على ارض الميدان، بعدما استنفرت البلدية والمؤسسات الاهلية ومجموعات الحراك الشعبية، وهبّوا لنجدتها في لملمة جراحها وكفكفة دموعها والمساعدة في عمليات الاسعاف وفرق الانقاذ وتقديم المعدّات وقوافل الاغاثة وِفق الامكانات المتاحة.

اليوم، تستعدّ المدينة لاحياء الذكرى السنوية الاولى بسلسلة نشاطات تؤكد على التضامن مع بيروت وأهلها وذوي الشهداء والجرحى والمتضررين، ورفعت بلدية صيدا لافتات تطالب بإحقاق العدالة وكشف الحقيقة، فيما قرّرت مجموعات الحراك تنظيم وقفة حاشدة امام قصر العدل عند الخامسة والنصف من عصر اليوم تحت شعار "انصاف الضحايا وإحقاق العدالة، رفع الحصانة عن كل المتهمين وتحقيق استقلالية السلطة القضائية"، ناهيك عن المشاركة في النشاطات التي ستقام في بيروت، وخاصة منها في ساحة الشهداء يوم الاربعاء.

ويؤكد رئيس بلدية صيدا المهندس محمد السعودي لـ"نداء الوطن" ان "ما اصاب بيروت اكبر من الوصف، ويحتاج الى سنوات طويلة، فانفجار المرفأ جريمة العصر، وما زلنا حتى اليوم نعيش تداعياته الكارثية، اذ يعتبر اكبر ثالث انفجار في العالم"، موضحاً "اننا منذ الساعات الاولى لم نتوانَ عن تقديم كل عون وهو أقلّ الواجب، بيروت عاصمة الوطن ومدينتنا ومدينة كل لبناني ومرآتنا الى الخارج، وقد إزدادت اهمية كوننا نعيش في ظروف صعبة مالية واقتصادية خانقة وفي ظل الازمات المتلاحقة". اضاف: "حتى اليوم ما زالت البلدية تقدّم المساعدة وِفق استطاعتها وسنبقى الى جانب اهالي بيروت حتى يتعافوا من الجراح، وبداية الطريق لذلك كشف الحقيقة واعلان نتائج التحقيقات لانها مطلب كل لبناني شريف والسبيل الوحيد لاطفاء لهيب وحزن ذوي الضحايا".

والى جانب بلدية صيدا، قام تجمع المؤسسات الاهلية بدور مميّز في الاغاثة ورفع الانقاض وتقديم المساعدة في الاطار الصحي والمساهمة بترميم المنازل المتضررة، إضافة إلى إنشاء مركز للجمعيات والمؤسسات في متوسطة الشهيد معروف سعد في صيدا بهدف تجميع التبرعات العينية، ومركز آخر في منطقة الكرنتينا في بيروت كقاعدة لانطلاق فرق المتطوعين نحو ورش العمل في الأحياء المتضررة.

ويقول رئيس جمعية التنمية للانسان والبيئة DPNA فضل الله حسونة لـ"نداء الوطن": "ما قمنا به هو التزام إنساني واجتماعي تجاه أهلنا في بيروت المنكوبة، وما زلنا حتى اليوم نستكمل هذا الالتزام وِفق الامكانات المتاحة، وتجمّع المؤسسات الاهلية مع البلدية برعاية السعودي حاضرون دوماً لاستجابة اي نداء"، مؤكداً ان "إحياء الذكرى والمشاركة في نشاطاتها هي وقفة وفاء وعهد لاهالي بيروت وللمطالبة بكشف الحقيقة بحيث تأخذ العدالة مجراها ولاستكمال بناء وترميم كل الاضرار، لان آثار الانفجار كانت كارثية ومدمّرة على كل الصعد"، مشيراً الى "وقوف صيدا الى جانب بيروت واهلها وانخراط البلدية وتجمّع المؤسسات الاهلية في تسيير حملة "من صيدا الى بيروت... "منشيلك عَ أكتافنا" وقوافل الاغاثة ورفع الانقاض وتنظيف الشوارع والقيام بأعمال الترميم الاولي والنهائي، وتقديم المساعدات الغذائية ورش المبيدات ومشاركة آلاف المتطوعين من أكثر من 70 جمعية ومؤسسة الذين لبّوا نداء العاصمة، كل هذا ليس غريباً على صيدا المعطاءة وخاصة في الازمات والمحن".

مجسّم الاعدام

وشكّلت الذكرى حافزاً جديداً للناشطين لاستعادة نبض تحركاتهم، المهندس سهيل الصوص واحد من مئات الصيداويين، وقد حسم خياره بالمشاركة في وقفات صيدا وبيروت، فأنجز المجسّم الاخير في كيفية التعامل مع الفاسدين، ويقول لـ"نداء الوطن": "لقد شاركت في كل التحركات الاحتجاجية منذ اندلاع الانتفاضة الشعبية في 17 تشرين الاول 2019، ثم الانفجار الكارثي في مرفأ بيروت، وواكبت كل ذلك بمجسمات تحاكي كل مرحلة، بداية رسمت لبنان جريحاً وعلّقت له الامصال والدماء من اجل انقاذه، ثم رفعت المشانق للفاسدين من اقدامهم، على أمل ان يبقوا احياء ويغيروا من طريقة ادارتهم للبلد ومعالجة المشاكل ولكن من دون جدوى، اليوم في الذكرى السنوية لانفجار المرفأ رسمت "آخر الدواء الكي"، فالساكت عن الحق شيطان أخرس، ورسمت منصات الاعدام وقد وضعت الرؤوس تحت المقصلة لنيل العقاب العادل وذيّلتها نهاية كل فاسد".

وأضاف الصوص: "قناعتي ان خلاص وطني لبنان بقطع رؤوس كل الفاسدين، لم يعد يجدي كل الكلام، وطالما ان التحركات الاحتجاجية سلمية فإنه يجري استيعابها على قاعدة ان يقوم المحتجّون بالتنفيس عن غضبهم ثم تبقى الامور على حالها"، مشدّداً على ان "القوة تحتاج الى قوة أكبر"، والمثل يقول "الرطل بدو رطل ووقية"، موضحاً انه "مضى عام على الذكرى ولم تكشف الحقيقة، وعلى استقالة الحكومة برئاسة حسان دياب ولم تشكل حكومة، البلد خربان وتصريف أعمال بلا إنتاج، الازمات تتلاحق والوضع من سيّئ الى اسوأ، الى متى الانتظار"؟