جورج بوعبدو

ملتقى التأثير المدني يستضيف كاتبة ومنتجة ومخرجة Enough (كفى)

ديزي جدعون: فليُدرِك المغتربون قدرتهم على التغيير في الانتخابات المقبلة

11 آب 2021

02 : 00

الكاتبة والمنتجة والمخرجة دايزي جدعون (تصوير رمزي الحاج)

إستضاف ملتقى التأثير المدني CIH كاتبة ومنتجة ومخرجة فيلم Enough (كفى) الأسترالية من أصولٍ لبنانية ديزي جدعون- الذي عرض في مهرجان كان الدولي- للحديث عن أبعاد الفيلم وخلفياته الثقافية والوطنية، بمشاركة فريق عمل الفيلم وحضور عضو مجلس إدارة الملتقى فيصل الخليل ومديره التنفيذي زياد الصّائغ وعدد من الصحافيّين والمهتمّين.

فاز الفيلم بجائزة "Movie That Matters" في "مهرجان كان السينمائي "2021 في فرنسا ويتناول الحالة السياسية والمعيشية في لبنان منذ نهاية الحرب الأهلية، مروراً بثورة 17 تشرين ووصولاً الى انفجار مرفأ بيروت.

إفتتح اللقاء بدقيقة صمت على نية ضحايا 4 آب، انتقلت بعدها جدعون للحديث عن حيثيات اختيارها لمفردة "كفى" كعنوان لفيلمها، فأشارت الى انها لجأت الى العبارة كونها مستخدمة بكثافة في يوميات اللبناني وتعبيراً عن القهر الذي يعانيه. وتعكس المفردة "الكيل الذي طفح"، وهي بالتالي كلمة مقتضبة بسيطة لكنها تفي الاوضاع المأسوية حقها.


من أجواء المؤتمر



بدأت جدعون العمل على الفيلم منذ العام 2016 وكان هدفها الاساسي توثيق المشهد السياسي والاجتماعي والاقتصادي في البلاد. وعلى امتداد خمس سنوات لاحقت الاحداث اللبنانية في تفاصيلها وكان هدفها الاساسي من الفيلم نقل "النهضة" التي شهدتها البلاد بعد الحرب الأهلية، فجالت في العام 2017 على مناطق لبنانية مختلفة لتلمس التناقض الصارخ بين المناطق، التي كان بعضها يعيش ترفاً كبيراً فيما يغرق بعضها الآخر في فقرٍ مدقع.

وجدعون التي ما كانت تخطط إلا لنقل صورة لبنان "الجميل" العائد من حربٍ أهلية بصورةٍ توثيقية، اكتشفت في نهاية المطاف، ولأنها لا تصطاد إلا الحقيقة، كونها صحافية محترفة كذلك، بأنّ البلد ليس في حال "نهضة" أبداً، ولا يشهد عزّ الستينات قطّ، بل كل شيء كان كالسراب، وكأنّ الناس ارتضوا سابقاً وضع قناع يخفي الحقيقة.

وفيما كانت في رحلة البحث عن لبنان "الحلو" هذا، نبّهها مَن قابلتهم وحاورتهم على الدرب، على اختلاف طوائفهم، الى رغبةٍ صارخة بنقل الحقيقة بلا تجميل أو تدخّل فجّ. وكأنّ هؤلاء أرادوا إسقاط القناع الذي حجب الحقيقة لسنوات. "فجأة أرادوا الكشف عن وجههم الحقيقي وكأنهم ملّوا من القناع الذي لازمهم لسنواتٍ وسنوات"، تقول.

وجدعون لها باع طويل في الاعلام والتواصل، فخبرتها الطويلة على امتداد 30 عاماً في الصحافة الاسترالية، دفعتها الى ملاحقة الحقيقة في بلد الجذور أيضاً كما هي، "من دون رتوش"، فقابلت مئتي شخص للوصول الى الهدف المرتجى. أرادته حقيقياً فكانت ناقلة لصوت اللبنانيين ولواقع حالهم كما هو. "على العالم بأسره أن يعرف ما آلت إليه الأمور في البلاد"، تؤكد. واللبنانيون يعرفون حيثيات الازمات التي يتخبطون فيها ولكن ذلك غير كافٍ برأيها. ما النفع أساساً من تكرار القصة أمام المحليين وحدهم؟ فإيصال القضية اللبنانية الى المحافل العالمية أمر بالغ الاهمية. وتشدّد على أهمية أن ينطق الفيلم بالانكليزية، لاطلاع العالم على ما يحصل في هذه البقعة من العالم. وتشير الى أنّ قوة فيلمها في كونه "نابعاً من القلب" ومؤثراً للغاية بحيث لا تشاهده من دون أن يحرّك فيك مشاعر جياشة. وللفيلم رسالةٌ واضحة فهو بسعيه الحثيث لنكء مشاعر المشاهدين الدفينة، مغتربين كانوا أم مقيمين أم أجانب، يستجدي إثارة رغبة هؤلاء جميعاً على اتخاذ الخطوة الاولى لتغيير المشهدية بشكلٍ من الاشكال، رغم صعوبة الألف ميل.


فيصل الخيل وزياد الصائغ يقدمان أرزة لدايزي جدعون (تصوير رمزي الحاج)



وتؤكد جدعون على أن الجميع كان صادقاً معها في الفيلم التوثيقي، مسؤولين ومواطنين على حدّ سواء. فالسياسيون تحدثوا عن رؤيتهم للأوضاع بمقاربة صادقة من وجهة نظرهم، تماماً كما أكّد ثوّار الساحات على صوابية رؤيتهم الخاصّة.

ولم تكتف جدعون طبعاً بالمقابلات، بل مضت بأبحاثٍ طويلة لتهضم ما سمعته، وتنقل ما سمعته وفهمته من دون انحيازٍ أو تجنٍ، وهي خبرة اكتسبتها من امتهانها الطويل لحرفة الصحافة. "عليك كصحافي ان تستمع الى مئات القصص، كي تختار منها اللبّ وتنقله بصدقٍ وإخلاص"، توضح بإصرارٍ لافت. أما التغيير في البلاد فيبدأ برأيها من الرغبة الشديدة في ايصال أشخاصٍ جدد الى المجلس النيابي. ومع أنها لا تؤمن بأن ذلك سيحصل بالضرورة في الانتخابات المقبلة، إلا انها لا تجد أنّ الأمر مستحيل، معتبرة أن كلّ مشوار صعب يبدأ بخطوة، وبأنّ السياسة لعبة "متحرّكة" ينبغي أن يجيدها من يريد تغيير الواقع والتحكّم بزمام الأمور.


ملصق الفيلم



رسالة جدعون إذاً أبعد من الفيلم ذاته، فهي تريد أن يفهم المغتربون اللبنانيون دورهم الأساسي والفاعل. "فليدرك المغتربون قدرتهم على إحداث التغيير بتسجيلهم للانتخابات المقبلة"، تشدّد. هي اذاً تشجع اللبنانيين عموماً، ولبنانيي الاغتراب خصوصاً على الاسهام في عملية التغيير المطلوبة لافتة الى عريضة على موقع الفيلم، يدعو الى انتخابات نزيهة وعادلة في لبنان يوقّعها كل من آمن بالديمقراطية والعدالة، سواء كان لبنانياً أم لا.

جدعون- التي تترقّب بحذرٍ مرحلة طلب السّماح بعرض فيلمها في لبنان- تعيد التأكيد على رسالة لبنان الاساسية في نشر الأمل والسلام والمحبة في العالم، وهي تماماً كالبابا فرنسيس مؤمنة "برسوليّة لبنان العميقة الجذور وبهويّته التي لن تسقط كونها مباركة".

وفي ختام المؤتمر قدّم الخليل أرزةً إلى جدعون، باسم الملتقى، كرمزٍ لخلود لبنان وعربون شكر وتقدير لعملها المتميّز.



صورة جماعية من المؤتمر (تصوير رمزي الحاج)