متلازمة التهابية نادرة تصيب الأولاد بعد التقاط فيروس كورونا

02 : 00

في دراسة جديدة، عمد العلماء إلى تجزئة الحمض النووي الريبي في عينات دم مأخوذة من مصابين بمتلازمة التهاب الأجهزة المتعددة لدى الأطفال ومشاركين غير مصابين بهذه الحالة. نُشرت نتائج الدراسة في مجلة "تواصل الطبيعة".

تكشف النتائج أن تراجع أنواع محددة من الخلايا القاتلة الطبيعية والخلايا التائية السامة قد يكون عاملاً محورياً للإصابة بمتلازمة التهاب الأجهزة المتعددة لدى الأطفال. تكون الخلايا القاتلة الطبيعية مسؤولة عن مهاجمة الخلايا الفيروسية وقتلها.

يؤدي تعريض تلك الخلايا التائية السامة لأحد مسببات الأمراض لفترة طويلة إلى استنزافها، فتصبح أقل فعالية في تدمير مسببات الأمراض وقد تعجز عن التكاثر في المرحلة اللاحقة.

صرّح الدكتور نعوم د. بيكمان، وهو أحد المشرفين على الدراسة الأخيرة، لمجلة "ميديكل نيوز توداي": "قد ترصد الدراسات اللاحقة أدوية مستهدفة لمنع "كوفيد - 19" من التطور والتحول إلى متلازمة التهاب الأجهزة المتعددة لدى الأطفال. كان هذا المرض الحاد على ارتباط وثيق بالوباء المستمر ولا يزال كذلك، لذا فكرنا بأهمية استكشاف مسبباته".

ما هي متلازمة التهاب الأجهزة المتعددة لدى الأطفال؟

كانت هذه المتلازمة تحمل في الأصل اسم داء كاواساكي. إنها حالة خطيرة لكن نادرة وهي تصيب ما معدله 11.4 شخصاً من كل 100 ألف قبل عمر العشرين. بحلول حزيران 2021، سُجّلت 4404 إصابات في الولايات المتحدة وحدها.

تترافق متلازمة التهاب الأجهزة المتعددة لدى الأطفال مع الألم والحمى والالتهاب في مختلف أجزاء الجسم، بما في ذلك القلب، والرئة، والدماغ، والعين، والبشرة، وأعضاء الجهاز الهضمي.

يظن العلماء أن هذه المتلازمة تدخل على الأرجح في خانة أمراض المناعة الذاتية، لكنهم لا يفهمون الآلية الكامنة وراءها، وسيكون تحليلها صعباً لأنها حالة نادرة.

الخلايا القاتلة الطبيعية والخلايا التائية المستنزفة

في الدراسة الأخيرة، رصد الباحثون تراجعاً في إنتاج الخلايا القاتلة الطبيعية والخلايا التائية المستنزفة لدى المصابين بمتلازمة التهاب الأجهزة المتعددة غداة التقاطهم فيروس كورونا المستجد. لقد لاحظوا تحديداً أثر مجموعة فرعية من الخلايا التائية السامة. تؤدي هذه الخلايا دوراً مهماً في الدفاع عن الجسم ضد مسببات الأمراض، بما في ذلك الفيروسات.

عمّق الباحثون استكشافهم لمسار تطور الحالة واكتشفوا أن الخلايا القاتلة الطبيعية والخلايا التائية السامة تنظّم بعضها البعض. ثم أثبتوا أن نفاد الخلايا القاتلة الطبيعية يعطّل استنزاف الخلايا التائية السامة.

يوضح العلماء في تقريرهم: "قد يؤدي تعطيل استنزاف الخلايا التائية السامة إلى أمراض مناعية حادة أو حتى قاتلة على مستوى الخلايا التائية بعد التقاط عدوى فيروسية، بينما يسهم وجودها في تحسين أعراض المرض الالتهابي".

رصدت دراسة التعبير الجيني الموسّعة تسعة عوامل تنظيمية أساسية ترتبط بالخلايا السامة. بشكل عام، يكون التعبير عن هذه العوامل قوياً في تلك الخلايا السامة، لكنها تضعف لدى الأولاد المصابين بمتلازمة التهاب الأجهزة المتعددة.

من بين العوامل التنظيمية، اعتبر الباحثون عامل TBX21 مهماً على نحو خاص لأنه يسهم في التمييز بين الخلايا التائية السامة المستنزفة. قد يصبح هذا العامل التنظيمي هدفاً علاجياً أساسياً في أبحاث متلازمة التهاب الأجهزة المتعددة لدى الأطفال بعد الإصابة بفيروس "كوفيد - 19".

توضح الدكتورة دانيل فيشر، طبيبة أطفال ورئيسة قسم طب الأطفال في "مركز بروفيدنس سانت جون الصحي" في "سانتا مونيكا"، كاليفورنيا: "لا بد من إجراء دراسات مستقبلية لتقييم استجابة جهاز المناعة واستكشاف كيفية تعزيز الخلايا التائية السامة والخلايا القاتلة الطبيعية لتقوية ردة فعل الأولاد تجاه فيروس كورونا ومنع نشوء متلازمة التهاب الأجهزة المتعددة".

منافع الدراسة وحدودهايضيف بيكمان: "تفتح نتائجنا المجال أمام ابتكار مسارات جديدة لفهم الآليات المرتبطة بمتلازمة التهاب الأجهزة المتعددة لدى الأطفال وتحديد أهداف جديدة لتطوير الأدوية والمؤشرات الحيوية".

يقول الدكتور ديفيد شفران، رئيس قسم طب الأطفال في شبكة "كي هيلث" (لم يشارك في الدراسة الأخيرة): "تحاول هذه الدراسة تحديد السبب الجزيئي الكامن وراء متلازمة التهاب الأجهزة المتعددة لدى الأطفال. من خلال فهم سبب الوضع الالتهابي المفرط الذي يرافق هذه الحالة وأساسه الوراثي، قد تصبح العوامل الجينية التنظيمية للاختلالات المناعية جزءاً من الأهداف العلاجية".

تعليقاً على حدود الدراسة الأخيرة، تقول فيشر: "كانت هذه الدراسة عبارة عن مراجعة للمؤشرات الالتهابية لدى الأولاد المصابين بمتلازمة التهاب الأجهزة المتعددة، وقد كان عدد الأولاد الخاضعين للدراسة صغيراً جداً. لذا لا مفر من أن تتراجع نقاط قوة الدراسة. من الضروري إذاً أن نراقب عدداً أكبر من الأولاد المصابين بهذه الحالة في الدراسات المستقبلية".


MISS 3