عماد موسى

فليكن الإحضار سابقة

30 آب 2021

02 : 00

لماذا يُعتبر مثول رئيس الحكومة البروفسّور حسّان دياب كمدّعى عليه أمام القاضي طارق بيطار إنتقاصاً من مقام رئاسة الحكومة أو إهانة لهذا الموقع الدستوري؟

في تشرين الثاني من العام 2019، استدعى المدعي العام المالي القاضي علي ابراهيم رئيس حكومة لبنان السابق فؤاد السنيورة (78 عاماً) وقد استمع إليه لثلاث ساعات ونصف الساعة، ولم تقم القيامة على المس بالمقام.

وللمفارقة فإن وزيرا الإتصالات السابقين جمال الجرّاح ومحمد شقير، وبذرائع تجاوز ابراهيم للأصول القانونية، رفضا المثول أمامه كمدّعى عليهما وذلك في الفترة التي استُدعي فيها الرئيس السنيورة.

في المبدأ، وبعيداً من ارتباطات "معظم" القضاة بمرجعيات سياسية، وسلوك المدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون مضرب مثل، وبعيداً من سوق الحجج القانونية التي تضع الرؤساء والوزراء والنوّاب بمنأى عن المساءلة الجديّة وعن دائرة الشكوك والإتهام. لماذا لا يكسر، رجل أكاديمي كحسّان دياب هذه الحلقة؟ مكانه، لنزلت إلى العدلية رافعاً الرأس، متسلّحاً بالبراءة الكاملة وبحسّ المسؤولية وبالرغبة الجامحة في إعطاء المثل الصالح، مساهماً في إعطاء جرعة ثقة باستقلالية القضاء. مكان دياب، لشعرتُ، أن بمجرّد دخولي إلى مكتب المحقق العدلي أكون دخلتُ إلى التاريخ، ولتمنيتُ عليه ألّا يوفر رئيساً أو وزيراً أو قائداً سابقاً أو حالياً أو مديراً عاماً، ممن قد يفيدون التحقيق، أو من المشتبه بتقاعسهم في أداء واجبهم...

حتى لو كان استدعاء رئيس حكومة كمدّعى عليه لاستجوابه غير مألوف في تاريخ القضاء العدلي. لكن ما يطرحه أي مواطن: هل رئيس الحكومة، كائناً من كان، مواطن درجة أولى ومن أوقفهم بيطار أو أطلق سراحهم أو استمع إليهم مواطنون درجة تارسو؟

ألم يفكّر دياب أن دماء رامي وسحر وألكسندرا ومحمد والعشرات غيرهم والأشلاء الضائعة أهم بكثير من كل المواقع؟ أهم من الرئاسة الأولى والثانية والثالثة وكل محميّ منها أو من قوة الأمر الواقع، وهي في الواقع قوة عظمى!

إن صح أن تسطير مذكرة إحضار بحق رئيس حكومة قبل 24 ساعة من الجلسة التي حددها المحقق العدلي في 20 أيلول، يشكّل سابقة، فانفجار، بحجم الذي وقع، وأوقع أبنية ومستشفيات ومؤسسات على رؤوس أصحاء ومرضى وأبرياء أهو أمر روتيني؟ أم سابقة؟

الا يشكلُ الدركَ الذي وصلنا إليه، بفعل انعدام المسؤولية والجشع السياسي والفساد الأخلاقي في العامين الأخيرين سابقة؟

هل من سوابق في تاريخ لبنان، استهلك فيها رئيس الجمهورية، كل المرشحين الجديين لترؤس حكومة في نهاية عهده المبكرة؟ نعم هناك سابقة في عهد بشارة الخوري. والخوري أول رئيس للجمهورية يستقيل في منتصف ولايته... الثانية.