جورج بوعبدو

يتمنىّ أن يستيقظ اللبنانيون ويصنعوا التغيير بالانتخابات

وائل جسّار: فكّرت بالهجرة ولكن لمَن نترك البلد؟

1 أيلول 2021

02 : 00

لُقّب بـ"الطفل المعجزة" منذ نعومة أظفاره لاجادته الغناء لعمالقة الطرب من أم كلثوم الى عبد الحليم وعبد الوهاب وغيرهم. شبّ الطفل ليكتسح العالم العربي بأغانيه الخاصة وذاع صيته حتى تربّع على عرش الفنّ الأصيل والطرب الحقيقي. والفنان المتألّق متمسّك بأرضه وقيم الانسانية وهو يتفاعل مع الاحداث التي تعصف بمحيطه ولا يتوانى عن إطلاق صرخة لانقاذ وطنه من براثن الفساد وإحقاق العدالة فيه كي يعود "منارة للشرق الأوسط". "نداء الوطن" التقت بالفنان وائل جسار ودار حوار مشوّق حول هموم الوطن وشجون الحاضر وعالم الفنّ.

قلت ذات يوم للدولة عاتباً: "تعبنا، يأستونا، ذلّيتونا"، مطالباً إياها بحلول ناجعة. كان ذلك منذ 7 أشهر. كيف تعلّق على فصول الذل الذي يعيشه اللبنانيون اليوم في كافة مفاصل حياتهم؟

وصلنا الى مرحلة صعبة ولا أدري لماذا الشعب ما زال منتظراً هكذا بدون حراك، لقد وصلنا الى الحضيض "منّي وجرّ". ماذا ننتظر لا أعلم. هل ننتظر الأحزاب او الجماعات لنتحرّك؟ ام أننا فقدنا الاحساس بالمسؤولية والقدرة على مواجهة الطبقة السياسية الحاكمة كي نرتاح من كلّ هذا العذاب، علماً ان المعاناة تشمل جميع أطياف المجتمع من دون تمييز. الجوع يفتك بنا وبتنا بمعظمنا عاجزين عن إطعام أولادنا، وأنا على يقين من وعي الكثيرين لهذه المرحلة الخطيرة التي نمرّ بها فإن لم نتدارك الأمور سنموت على أبواب المستشفيات، ليكن الله بعون لبنان وشعبه.

قلت كذلك انك لا تدعو لثــــورة لأنك غير مؤمن بتحقيقها لنتائج ملموسة. ولكنك شاركت في ثورة 17 تشرين وناديت بشعار "كلن يعني كلن". لماذا هذا التغيير؟

غالباً ما تتزامن الثورات مع الدماء وأنا شخصياً لا أحبّ الدم ولا اشجع على الثورات الدموية. ما غيّرت رأيي أبداً، بل ما زلت أقول: "كلن يعني كلّن". ولكني أدعو الناس الى الثورة المنظّمة والتسلّح بالوعي والحكمة لتغيير هذا الواقع وإلاّ ينتهي لبنان الذي عرفناه "وعلى الدنيا السلام".


مع زوجته ميراي وابنته ماري لين وابنه وائل جونيور


غيّر انفجار الرابع من آب نظرتك الى الأمور خصوصاً أنّ ابنتك كانت في الاشرفية لحظة وقوعه، وقد جلت في الشوارع المنكوبة مصدوماً بما رأيت. كيف عشت هذه التجربة وماذا تعلّمت منها؟

ألمّت بنا الفاجعة في الرابع من آب. كنت انتظر بهلعٍ خبراً يفيدني بأن ابنتي المتواجدة في الأشرفية آنذاك لم يصبها أذى. نجت ابنتي الوحيدة والحمد لله ولكن لم يكتب هذا الحظ للجميع. الرحمة لجميع الشهداء والشفاء العاجل للجرحى. لا يسعني إلا وضع نفسي مكان كلّ عائلة خسرت فرداً. دخلت يومها في نفقٍ من الأفكار المظلمة. كيف يسع المرء تقبل الاخبار السيئة فيتعايش مع مصيبة بهذا الحجم مع عذاب وقهرٍ يوميّ؟ حين ذهبت لملاقاة ابنتي صدمت بمشهد الشوارع الملطخة بالدماء والبيوت والمحال التجارية المدمّرة أشدّ تدمير. لم أجد بيروت الجميلة. بيروت التي كانت "وردة الشرق" ذبُلت فجأة. شعرت بغصّة وتملكني وجع كبير. فكّرت لوهلةٍ بالهجرة ولكن لمن نترك البلد؟ لمَن يكرهونه؟ فما يحدث ببلدنا الحبيب سببه مغرضون يكرهون لبنان، لو احبوه فعلاً لكان من أهم البلدان في العالم. فما الذي ينقصنا نحن اللبنانيين كي نبني وطناً جميلاً؟ لا ينقصنا الذكاء ولا الوعي، فنحن من صدّر الثقافة الى العالم، أما ما يحصل اليوم فهو إما بسببنا نحن أو لأننا لا نعرف كيف نتصرّف. علّمتني مأساة 4 آب التفكير بالمستقبل وبنقل عائلتي الى برّ الأمان ولكنها علّمتني كذلك بأن أثور على الواقع الذي أعيشه لتغيير هذه الطبقة الحاكمة.

هل يشعرك مسار العدالة في تحقيق انفجار الرابع من آب بالخيبــــــــــــــة أم بالاطمئنان؟

نحن امام امتحان كبير للقضاء وللدولة اللبنانية وهيبتها لتحقيق العدالة. ان غابت العدالة لا يكون هناك بلد بالأساس. القضاء اليوم خائف وعاجز عن اتخاذ القرارات الصائبة. أما التهافت على قرار منع رفع الحصانات فيشعرنا بخيبة كبيرة لعدم تطبيق العدالة وإحقاق الحق للأسف.

حقيبة وتمنيات

وجهت رسالة على الهواء الى العماد ميشال عون مطالباً إياه بترجمة الثقة التي أودعها الناس فيه الى أفعال وحلول. هل لبّى النداء؟

دعونا فخامة الرئيس العماد "ميشال عون" مراراً وتكراراً إلى التغيير وقلب الطاولة، فيأتينا الجواب دوماً: "ما خلّوني". طالما هو الآمر الناهي وبتنا اليوم على شفير الهاوية، فليخبرنا من هم الذين لا يدعونه يعمل. نحن في خطرٍ "وجودي" يتطلّب صرامة وجديّة بالأفعال.

لو عرض عليك تولّي حقيبة في الحكومة اللبنانية أي حقيبة تختار؟

أختار الحقيبة التي تمحي وجع الناس وما أكثر هذه الحقائب. الشعب اللبناني اليوم محروم من أدنى مقومات الحياة التي تسمح له بأن يعيش حياةً كريمة، وأوّل هذه المقومات وأهمها الطاقة ولذلك أختار وزارة الطاقة.

البعض يعوّل على انتخابات أيار 2022 المقبلة لاحداث التغيير. أعلنت أكثر من مرة أنك لا تنتخب ابداً. ألا تعتقد أن عدم الانتخاب يصب في مصلحة استمرارية المنظومة الحالية، وهل ستنتخب هذه المرّة؟

اتمنى على الشعب اللبناني ان يستيقظ ويراجع حساباته لصنع تغيير جذري ولن يحصل ذلك طبعاً إلا عبر الانتخابات واختيار طبقةٍ جديدة قادرة على انقاذ لبنان. "بدنا نرجّع لبنان سويسرا الشرق".

هل تأثرت بحجز أموال المصـــــــــــــــارف وهل تأمل بعودة الامور الى نصابها واسترجاع أموال المودعين؟

تعبنا وشقينا لسنوات لتأمين المال لأولادنا، كي نضمن لهم تعليماً وعيشاً كريماً. للأسف ضاع جنى العمر. نتمنى ألا تسرق المصارف ودائعنا مثلما سُرق البلد. ومع ذلك ما زلنا نتشبث بالأمل بغدٍ أفضل. "لولا الأمل لبكينا في اليوم ألف مرّة".

كيف تواجه انحسار سبل تحصيل لقمة العيش وشحّ الأدوية والبنزين؟

اتمنى صحوة ضمير لدى المحتكرين والمسؤولين. هناك مرضى يحتاجون الى الاوكسيجين، ومن يفتقرون الى الدواء الشافي، ومن لا تتوافر عنده مادة البنزين أو المازوت كي يذهب الى عمله. إنه وضع مأسوي. أقول للمحتكرين ببساطة: "خافوا الله".



مع زوجته ميراي


زوجتك كانت مع خيار الهجرة، بينما كنت معارضاً لها. هل ما زلت متمسكاً بالبقاء في الوطن؟

تريد زوجتي الرحيل ليس محبة بالغربة طبعاً فهي تعشق لبنان و"عندا ايّاه بالدني كلها"، ولكنها خائفة على مستقبل اولادنا لأنه مجهول في بلدنا للأسف ولديها كامل الحقّ. ولكنني شخصياً متريّث ومتمسّك بهذه الأرض.

ما رأيك بالاقامة الذهبية التي بات عدد كبير من الفنانين اللبنانيين حاصلاً عليها؟

مشكورة دولة الامارات العربية على هذه اللفتة الكريمة. لقد أعطوني الإقامة الذهبية ولكنّي لم أذهب لأخذها بعد، ولكني أتشرّف بهذه الاقامة وأدعو للإمارات بالامان الدائم.

البعض يتساءل عن سبب تخصيصـــــــــــك للحصة الاكبر من أغانيك للهجة المصرية. لماذا لا تغني أكثر بلغة بلدك؟

غنّيت باللهجتين اللبنانية والمصرية. لديّ عدد كبير من الأغاني اللبنانية منها: جرح الماضي، جبال ما بيتلاقو، انتبه عحالك، بعدك بتحبو، عالجمر... إلخ... ولكن لا أنكر أنني برزت باللهجة المصرية لأنها أقرب الى الجمهور العربي الذي أحبّني فيها.

من ينافس وائل جسار محلياً وعربياً؟ وكيف ترى واقع الفنّ حالياً؟

لكلّ انسان مسيرته وبصمته وأسلوبه في الحفاظ على وجوده فنياً وفي قلوب الناس. "يلي بينافسني هوّي نفسي" وأنا مثابرٌ على الاستمرار بتقديم الفن "النظيف" والحفاظ على مكانتي في قلوب الناس.

كيف كانت أصداء أغنيتك الأخيرة التي أطلقتها بطريقة الفيديو كليب "ولا في الاحلام"؟

نالت اغنية "ولا في الأحلام" أصداء جيدة أحبها الناس وتفاعلوا معها.




هل ستكتفي بالغناء أم قد نراك أيضاً ممثلاً على الشاشة؟

أنا في فترة تريّث لأن التمثيل ليس سهلاً وهو "سيف ذو حدّين". قد لا يحبّك الناس بالتمثيل فينعكس الأمر سلباً على شعبيتك بالغناء.

ماذا تتابع على الشاشات المحلية والعربية؟

لا أتابع سوى الأخبار في الفترة الحالية.

لست نشيطاً على السوشيل ميديا كالآخرين كيف تقيمها كوسيلة للانتشار وهل تحبذ تكثيف اللجوء إليها؟

من الضروري تواجد "السوشيال ميديــا" اليوم للناس عموماً والفنانين خصوصاً. لست نشيطاً ولكنني موجود من وقت الى آخر وعند صدور عملٍ جديد لي وذلك ضروريّ طبعاً.

هل غيّرت تجربة كورونا نمط حياتك وتفكيرك ومـــــــاذا تعلّمت منها؟

غيّرت كورونا نمط حياة العالم برمّته، ولكننا بدأنا نتعايش معها وسهّل اللقاح علينا هذا الأمر. اتمنّى زوال هذا الوباء قريباً لتعود الحياة الى طبيعتها.

هل حققّت كل أمانيك أم ما زالت لديك أحلام تنوي تنفيذها؟


لا يستطيع المرء تحقيق أحلامه كلّها بلحظة واحدة، ولكنني بمثابرتي حقّقت جزءاً كبيراً منها وما زلت أسعى الى البعض الآخر.

نصيحتك للبنانيين في هذه الأوقات العصيبة؟

انصح اللبنانيين بتصويب خياراتهم في الانتخابات النيابية المقبلة فقد وصلنا الى مرحلة بالغة الخطورة تهدّد وجود لبنان على الخارطة.


MISS 3