خضر نجدي

غضب الجسم التربوي وحاجته لدينامية الفكر النقابي النشط

9 أيلول 2021

02 : 00

عشية التحضيرات لانطلاقة العام الدراسي الذي حددت مواعيد بدئه وزارة التربية، في ظل اوضاع سياسية واقتصادية صعبة، تجعلها شبه مستحيلة مردودة لرعونة القيمين على تسيير شؤون البلاد في كافة المجالات ومن ضمنها شؤون التربية والتعليم، بدأت الهيئات التعليمية التي تمثل التعليم الثانوي والأساسي والمهني والتعليم الخاص سلسلة تحركات تحت عنوان يوم الغضب الذي يساوي بقاءهم على قيد الحياة، يواكبهم من بعيد اساتذة التعليم الجامعي الذين دعوا للإعتصام امام الإدارة المركزية للجامعة اللبنانية. وكان سبقهم اضراب موظفي الإدارات العامة المستمر منذ اكثر من شهرين، هذه البداية المترافقة مع الدهشة توخياً لتفسيرات عن استمرار هذه الفئات المجتمعية الفاعلة بتحركات كلاسيكية بوجه حالة انهيارية تعيشها البلاد وكأننا امام انقضاض على بعض الحقوق لكل فئة على حدة. فيمضي يوم الغضب، وربما تليه ايام أوسع غضباً هي اشبه بإبر المورفين لعلاج الأمراض المستعصية، طالما لم تستند الى هدى خطة محكمة البناء في الشكل والمضمون. فتتسارع الأسئلة عن جدوى هذه التحركات المبعثرة وخلفياتها ومراميها لا سيما امام كثرة الإنتقادات التي تصف بنية قيادات الروابط الممثلة لمجمل القطاعات المعترضة بأنها تنتمي لذات التوجهات الحزبية القابضة على السلطة السياسية منذ ما يقارب الثلاثة عقود. وتصبح تللك الأسئلة اكثر مشروعية امام سبات هذه القطاعات طيلة فترة السنتين الماضيتين الكافيتين لبناء ارضية صلبة وفق خطة تشرك كافة الفئات المهنية والعمالية، وتقود حركة ضاغطة توصل الى حلول يعلم القاصي والداني اين بدايتها في ظل الإستعصاء الذي يجعل حياة كافة افراد المجتمع في جحيم لم يعيشوه من قبل.

فعشية يوم الغضب التربوي، لا بد من طرح فعل يسهم في بلورة رؤية يمكن ان تؤسس لحراك فعال تعيد انتظام الحياة العامة الإقتصادية والسياسية والإجتماعية والثقافية وفق المفاهيم التي يجهد الأساتذة ليل نهار لإيصالها الى التلامذة والطلاب في كافة المراحل التعليمية وهم الأجدر في ترجمتها وتطبيقها كفعل تعليمي لتلامذتهم يتفوق على تعليمهم داخل قاعات التدريس بأشواط. وترتكز تلك الرؤية على النقاط التالية :

اولا: الإقلاع عن حصر المطالب بتحسين اوضاع الأساتذة كافة على اهميتها ومشروعيتها، ورؤية تحقيقها من خلال النطاق الأوسع المتمثل بتصحيح الإختلال في انتظام مؤسسات الدولة، وتخطي الفهم الكلاسيكي للضغط المطلبي الذي لاينفصل عن نتائج السياسات العامة.

ثانيا : بلورة اطار يضم روابط التعليم الرسمي والخاص واساتذة الجامعة ونقابات المهن الحرة.

ثالثا : تحرير الروابط في التعليم والإدارة العامة من ضغط التبعية الحزبية الذي يتعارض مع فعل الضغط الذي تتوخاه الأداة النقابية ، لاسيما في النموذج اللبناني الذي ينسخ بنية السلطة الحاكمة في مؤسسسات الدولة على النقابات والهيئات المهنية والعمالية.

رابعا: التركيز المرحلي على تفكيك الخطاب الفئوي الذي يفرض مفهوم الحل السياسي والمؤسساتي وتضييع المسؤوليات من رأس الهرم الى سائر المستويات. خامسا: جعل روابط التعليم بما فيها الجامعي قاطرة وقائدة مع نقابات المهن الحرة للتحركات الجماهرية، تطرح آليات التغيير للواقع الحياتي المنحل، وتطلق تحركات لا انفكاك عنها حتى تحقيق هدف التغيير، الكفيل وحده بتحقيق مطالب الأساتذة وانقاذ العام الدراسي وكافة القطاعات.

يبقى ان ينشط الجسم التعليمي بأساتذته متسلحاً بوعي سياسي ونقابي قادر على تخطي البلادة السلبية، ويكون على قدر مواجهة التحديات التي يعيشها، وتعيين المسبّبات التي اوصلت الواقع التربوي وكافة القطاعات الى هذا الدرك الخطير الذي لا تنفع معه بعد الآن التعمية وحصرها بقطاع دون آخر، وهذا ما يريده المسببون والمسؤولون عن خراب البلاد والعباد من جهة وترهل الأداة النقابية من جهة ثانية.


MISS 3