شربل داغر

"الأدب الشعبي" المهمّش من جديد

13 أيلول 2021

02 : 00

عملتُ، لأسباب دراسية، هذا الأسبوع، على تفقد ما يمكن أن أعثر عليه من كتب مطبوعة من "الأدب الشعبي". وجدتُ عدداً منها، ولم أعثر على غيرها، وتوفقت بكتب مطبوعة مثل : سيرة الزير سالم، وتغريبة بني هلال، وسيرة عنترة، وسيرة ذات الهمة وغيرها.

غير ان ما عثرتُ عليه بائس للغاية، يرقى إلى العمل التجاري، لا الثقافي، إذ قام بعض الناشرين بطبع مخطوطات عن هذه السيرة أو تلك، من دون ان يذكروا مصدرها، عدا أنّ الناشر، أو من دفعَ المخطوط إلى النشر، لم يعمل عليه دراسياً لتقديمه إلى القارئ بشكل مناسب. والأدهى من ذلك، هو ان المتابع يقع على دراسات وكتب عربية حديثة معنية بهذه السِّيَر القديمة، فيحيل الدارس إلى هذه الطبعات التجارية، ويبني عليها، من دون أن يشير أو يبدي ملاحظات على النص المطبوع الذي عملَ عليه، لجهة مصدره وحالته الكتابية وغيرها. يقبل بهذا النص او ذاك، كما لو أنه معجم "لسان العرب" المحقق...

هذا ما لا يقع عليه قارئ كتب الجاحظ، او التوحيدي، او غيرهما، اذ يجد ان هناك من حققها نقدياً، فعاد إلى اكثر من مخطوط، وعرضَها ودرسَها، وشرح خطته في التحقيق.

وهو امر مؤسف من اكثر من جهة، إذ إن ما يسمى بـ"الادب الشعبي"، او الفولكلوري، يتعرض من جديد لأشكال مزيدة من التهميش. فهذه السِّيَر بقيتْ، لقرون ماضية وعديدة، سارية في اوساط "العامة"، من دون ان يبلغ التداول بها اوساط "الخاصة".

فكتاب "الفهرست" وغيره لا يحتفظ بذكر اي كتاب من هذه المخطوطات (سوى خبر يتيم، ولكن ثمين، عن "الف ليلة وليلة") التي عاشت عليها مجتمعات في عمليات تناقلها الشفوي، وسهراتها، في مقاهيها وغيرها.

ألا يستحق هذا الادب المرذول، المنسي، اهتمامات مزيدة في نقده ودرسه، اذ هو مهدد بالاندثار، ما دام ان تقاليد الحكواتي تندثر هي الاخرى لصالح التلفزيون ووسائل التواصل الالكتروني؟

ألا نحتفظ بطريقة احترافية بهذا الأدب، الذي تتكشف فيه جوانب وجوانب من المخيلات الاجتماعية القديمة لهذه المجتمعات؟


MISS 3