جاد حداد

الحزن: مسار طبيعي لتسهيل التعافي

15 أيلول 2021

02 : 00

أنواع الحزن

قد يترافق الحزن مع مشاعر الأسى، واليأس، والاكتئاب، والغضب، والخدر، والذنب. ويؤدي الحزن المطوّل أحياناً إلى ظهور مشاكل أخرى مثل ضعف الذاكرة، والألم، والتعب، وسلوكيات هوسية كأن ينشغل الفرد بمسائل دنيوية.

تتعدد فئات الحزن (يصنّفها بعض الخبراء بدرجة مرتفعة تصل إلى 16). لكن يظن روزمارين أن معظم الناس يواجهون شكلاً واحداً من الحزن من أصل ثلاثة: طبيعي، وغريب، ومعقد.

تكون الاختلافات بين هذه الأنواع سلسة أحياناً، وغالباً ما تكشف عن طريقة تفاعل الناس الأولية مع الخسارة ومستوى حزنهم ومدته. يترافق كل نوع من هذه المشاعر مع مستوى معيّن من الصعوبة. الحزن الطبيعي صعب، والحزن الغريب أكثر صعوبة بقليل، والحزن المعقد هو الأصعب على الإطلاق.

في ما يلي لمحة عن كل نوع من الأحزان:

الحزن الطبيعي: يُعرَف هذا النوع أيضاً باسم الحزن غير المعقد وهو الأكثر شيوعاً بين الناس. يدوم الحزن الطبيعي لفترة تتراوح بين ستة أشهر وسنتين أو ثلاث سنوات.

الحزن الغريب: هذا النوع ليس معترفاً به أو مقبولاً اجتماعياً بشكل عام. قد ينشأ عند خسارة حيوان أليف أو صديق بعيد أو حتى شخص غريب. يشعر الناس في هذه الحالة بأن الحداد ممنوع أو أنهم مضطرون لتخفيف حدته. قد تدوم هذه العملية لفترة أطول أو تزداد صعوبتها عند فرض هذا النوع من القيود أو حصر التجربة بإطار زمني محدد.

الحزن المعقد: في هذه الحالة، يجد الفرد صعوبة في تقبّل الخسارة، فينطوي على نفسه ويبتعد عن أصدقائه وأفراد عائلته ويواجه نوبات من الاكتئاب والوحدة والشلل. هذا الوضع يزيد التعافي تعقيداً، فيحتاج الفرد في معظم الأوقات إلى مساعدة المعالج النفسي. من دون تلقي أي علاج، قد يدوم الحزن المعقد لسنوات عدة أحياناً.

مصادر متعددة للحزن

لا داعي ليكون الحزن مرتبطاً بحالات الوفاة، بل إنه قد يظهر حين يواجه شخص تعرفه انتكاسة دائمة على شكل خرف أو جلطة دماغية أو سرطان. قد ينجم الحزن أيضاً عن نهاية علاقة عاطفية، أو الانتقال إلى مكان جديد، أو أي نوع من الانفصال الشخصي.

أفضل الخطوات

لتجاوز فترة الحداد

يقال إن الوقت يشفي جميع الجروح! قد تكون هذه المقولة صحيحة بدرجة معينة على مستوى الحزن. في بعض الحالات، تبقى هذه العملية قصيرة وغير مؤلمة نسبياً. لكن في حالات أخرى، تصبح هذه الرحلة طويلة ومضنية. وحتى عندما تنتهي فترة الحداد، قد تعود المشاعر السلبية للظهور في ذكرى الحدث الأليم، أو في أعياد الميلاد، أو مختلف الظروف التي تُجدد ذكريات الماضي.

تتعدد الخطوات التي يمكن اتخاذها للسيطرة على مشاعر الحزن. للتعامل مع هذه التجربة، تقضي أفضل طريقة بالبحث عن مقاربات فعالة لتقليص تعقيدات فترة الحداد ومسار التعافي. في ما يلي بعض الاقتراحات المفيدة.

تقبّل حزنك: اسمح لنفسك بعيش حزنك. لا تكبت مشاعرك على أمل أن يزول الحزن من تلقاء نفسه. يؤدي كبت العواطف والتركيز على العوامل الخارجية العصيبة بدل المشاعر الداخلية إلى زيادة تعقيد فترة الحداد وتجاوزها بصعوبة.

قدّر قيمة التذكارات: الاحتفاظ بأغراض شخصٍ آخر خطوة صحية وطبيعية. إنها طريقة للحفاظ على رابط بين الطرفين وإبقاء ذكرى الفقيد حية في فترة الحداد.

تعرّف على محيط الفقيد: تواصل مع أوساطه الاجتماعية (عائلة، أصدقاء، جيران، زملاء عمل...)، حتى لو كنت لا تعرف جميع المحيطين به. حين تكتشف معلومات إضافية عن الفقيد وتسمع قصصاً عنه، من الأسهل أن تمرّ هذه الفترة الصعبة على الجميع. كذلك يستطيع كل فرد أن يؤدي دور المستمع، وهو عامل مفيد للناس في فترة الحداد.

تكلم مع أشخاص آخرين مروا بالتجربة نفسها: إذا كنت تعرف أشخاصاً اختبروا خسارة مشابهة، تحاور معهم عن ما فعلوه في فترة الحداد. من خلال الإصغاء إلى وجهة نظر الآخرين، قد تصبح أكثر قدرة على التحكم بمشاعر حزنك.

استكشف الحياة الروحانية: قد تكون الروحانيات أداة شفائية قوية بغض النظر عن نوعها. قد تتغير تجربتك بالكامل حين تفكر بالمسار الطبيعي للحياة والموت. حتى أن هذه المقاربة قد تساعدك على تقبّل الخسارة حين تقتنع بأن جميع الناس محكومون بالموت.

الحزن واقع مؤسف من الحياة. في مرحلة معينة، يختبر جميع الناس تجربة فقدان أحد أحبائهم، سواء كان قريباً أو صديقاً أو شريكاً أو حيواناً أليفاً... قد يكون الألم العاطفي والجسدي الذي يلي هذه التجربة مُنهِكاً بمعنى الكلمة. يقول الدكتور ديفيد روزمارين، مدير "برنامج الروحانيات والصحة النفسية" في مستشفى "ماكلين" التابع لجامعة "هارفارد": "الحزن عملية طبيعية يمرّ بها معظم الناس. يحزن كل شخص على طريقته الخاصة وبإيقاع مختلف عن الآخرين، وتُعتبر هذه المرحلة أساسية للتعافي".