ستبقى على أعصابك حتماً أثناء مشاهدة المسلسل البلجيكي المشوّق Into the Night (في جنح الليل) على شبكة "نتفليكس"! يدخل هذا العمل في خانة الخيال العلمي ويشمل تقلبات هائلة في الأحداث التي تدور على متن طائرة وتقتصر على شخصيات معدودة. يهرب الركاب من حدث شمسي قاتل ويضطرون لإيجاد طريقة للبقاء على قيد الحياة وتجنب الخلافات في ما بينهم تزامناً مع احتدام عواطف الجميع.
يُركّز المسلسل بشكلٍ أساسي على النجاة من خطر هائل أكثر مما يهتم بتطوير الشخصيات وعرض أحداث درامية مؤثرة. لا تتمحور القصة حول أسباب الحدث الشائك أو طريقة تطوره ولا تتعمق في التفسير العلمي لما يحصل، بل تحصر تركيزها بإطلاق رحلة مشوقة بمعنى الكلمة، وهذا ما يجعل العمل ترفيهياً وممتعاً لأقصى الدرجات. لن تستمتع بالمسلسل كما يجب إلا إذا كنت لا تعرف تفاصيل كثيرة عن قصته بل قررتَ البدء بمشاهدته من دون خلفية مسبقة عنه.
يتألف الموسم الأول من ست حلقات، وتتراوح مدة كل حلقة منه بين 35 و40 دقيقة، وتتمحور الأحداث فيه حول رحلة لا تخلو من التشويق. يمكنك مشاهدة المسلسل دفعةً واحدة بكل سهولة.
حين يهرع رجل مسلّح في مطار بروكسل لركوب إحدى الطائرات، يظن الكثيرون للوهلة الأولى أنه يريد خطف تلك الطائرة. لكن يزعم هذا الرجل أن الناس مضطرون للتفوق على الشمس للبقاء على قيد الحياة. حين تقلع الطائرة وفي داخلها عدد صغير من الركاب ومساعد طيّار، يتعرف الجميع تدريجاً على الحدث الشمسي الشائك ويدركون أنهم مضطرون لمتابعة الطيران نحو الغرب لإنقاذ حياتهم. لكن إلى متى يستطيعون أن يسبقوا الشمس قبل أن ينفد الوقود من الطائرة؟ وماذا عن الركاب الذين يحتفظون بأسرار خطيرة؟
يناسب هذا المسلسل جميع محبّي التشويق لأن الأحداث المثيرة تتلاحق من البداية إلى النهاية. حين نظن أن الأحداث هدأت، يقع حدث قوي آخر ويزيد المشاكل سوءاً. تظهر هذه التحولات التي تخدم الحبكة على أكمل وجه بطريقة منطقية وفي الأوقات المناسبة. قد يتعلق الحدث الجديد بأفعال أحد الركاب أو بناجين جدد، أو يكون أثراً جانبياً للحدث الشمسي أو مجرّد ظرف سيئ لا يمكن تجنّبه أحياناً. لكن لا تبدو أي مشكلة جديدة يضطر الركاب لتجاوزها مفتعلة أو غير متماشية مع مسار القصة.
يبدو الركاب ومساعد الطيار أشخاصاً عاديين في البداية. لكننا سنتعرف عليهم عبر لقطات قصيرة وسريعة من الماضي، ما يسمح لنا بفهم تصرفاتهم ودوافعهم. قد تدفعنا المعلومات التي تُكشَف عنهم إلى التعاطف معهم أو النفور منهم. إنها مجموعة صغيرة ومتنوعة من الجنسيات المختلفة، ويمكن اعتبارهم جميعاً محظوظين بوجود الرجال والنساء المناسبين على متن الطائرة لإنقاذهم من ذلك الحدث التدميري الهائل. ونظراً إلى تراجع أعدادهم، يسهل أن نتعرف عليهم سريعاً ونكتشف أدوارهم في القصة.
تكون الشمس مصدر التهديد الحقيقي الوحيد في هذه القصة، لكن يزداد الوضع صعوبة بسبب الخلافات الناشئة بين الركاب، وتُمهد هذه الظروف أيضاً لعدد من المشاهد المشوّقة. يتصرف البعض بطريقة منطقية، ويتمتع البعض الآخر بمهارات قيادية فطرية، بينما يسعى آخرون إلى تولي دور القيادة بالقوة أو يرغبون في اكتساب السلطة والسيطرة على الوضع. يضطر كل واحد منهم لاتخاذ قراراته بنفسه، فيختار مثلاً بين الأنانية ومساعدة الغير. تكثر المعضلات التي تحتاج إلى حل تزامناً مع تبادل المساعدة عند الحاجة، مع أن البعض يصعب الوثوق به.
تتسم القصة بإيقاع سريع جداً نظراً إلى قصر مدة الحلقات. وتؤدي كل شخصية دوراً محدداً وتعطي ميزة للمسلسل ككل. يحظى البعض باهتمام إضافي مقارنةً بالآخرين، وتتّضح بذلك الشخصيات الأكثر أهمية. على صعيد آخر، تكثر التحولات والتقلبات التي تحافظ على منسوب مرتفع من التشويق والغموض، ولا تتلاشى أجواء التوتر في أي لحظة. استعدّ إذاً لخوض رحلة لا مثيل لها!
يرتفع مستوى التوتر في آخر حلقتَين من الموسم الأول تحديداً. يُغيّر حدث درامي بارز كل شيء ويوصل القصة إلى مرحلة مصيرية بأسلوبٍ صادم يتجاوز عتبة التشويق العادي. سيبدأ سباق محتدم ضد الزمن تمهيداً لأحداث الموسم الثاني...
