شربل داغر

الدولة بين الهوية والمصلحة

20 أيلول 2021

02 : 00

أهناك "شعب" عربي واحد في "أمة" واحدة أم شعوب عربية متفرقة من دون أمة واحدة؟

هذا السؤال يمكن صياغته بطرق او كيفيات مختلفة في هذه الدولة او تلك مما يلتقي في "جامعة الدول العربية"؟

ولكن، أيا يكن الجواب، فإن المتابع يتبين ان ما له ان يكون ثابتاً في علاقة شعب بأرض ذات حدود، وبدولة ذات دستور، ليس متوافراً في هذه الدول المعنية. يكفي ان نراقب ونفحص الخطاب السياسي والدستوري في العقود الأخيرة، كي نتحقق من أن تعيينات هذه التعريفات (البسيطة والتأسيسية في آن) ليست أكيدة، بل متحولة ومتصارعة في أحوال عربية مختلفة.

ذلك انها تعريفات تتوزع بين القطري والقومي، بين الوطني (اللبناني، المصري...)، والعربي والإسلامي، بين دول مستقلة، ودول (طامحة) إلى الاتحاد...

إلا أن ما يظهر في هذه الاختلافات لا ينتسب فقط إلى اختلافات في البرامج السياسية، او في الإيديولوجيات، وإنما ينتسب إلى الصراع حول "الكيانات" نفسها.

هذا ما يجعل كل "كيان" منها مهتزاً، أو عرضة لنزاعات داخلية (في حروب أهلية، كامنة أو معلنة)، أو لسياساتِ غلبةٍ وضمٍّ بين كيان وآخر.

خلاصتان بسيطتان، اوّليتان، عن هذا كله: كيانات مهتزة بتكوينها (قبل الحديث عن الاستهدافات والأطماع الخارجية)، ما يجعلها في حال نزاعية بين ما كانت عليه "الخلافة" بوصفها بناء فوقياً، وبين مشروع قيام الدولة بوصفها تعبيراً قاعدياً عن إرادة مشتركة في حياة جماعة أو جماعات ضمن حدود ودستور.

أما الخلاصة الثانية، فهي أن خطاب الهوية (ومنه الإيديولوجيات) هو الذي يتحكم ببناء الكيانات - الدول بدل أن تتحكم به الجماعات والعلاقات والمصالح في ما بينها.

كتبَ ابن خلدون عن أن النبوة، أو الدعوى الدينية، هي التي ترسم دورة السياسة عند العرب. وهو ما يستمر بأشكال مختلفة في خطاب الهوية في أزمنتنا الحالية، بدل أن تَصدر السياسة عن "خلطة" الصراعات الاجتماعية في المقام الأول.