غوتيريش يُحذّر من "حرب باردة" جديدة

أوروبا تدخل على خطّ "أزمة الغـوّاصات"

02 : 00

ماكرون ممتعض من إعلان الشراكة الإستراتيجية بين أميركا وبريطانيا وأستراليا (أ ف ب)

فرضت "أزمة الغوّاصات" بين الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا من جهة وفرنسا من جهة أخرى، نفسها في أروقة الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، في وقت دخل فيه الاتحاد الأوروبي على خطّ الأزمة الديبلوماسية بقوّة، إذ ندّد رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال بـ"قلّة وفاء" الولايات المتحدة.

وفيما درس وزراء خارجية دول الاتحاد عواقب هذا التحالف خلال اجتماع في نيويورك على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، قال ميشال للصحافيين إنّ الاتحاد الأوروبي يُطالب واشنطن بـ"توضيح، لمحاولة فهم بشكل أفضل النوايا وراء" إعلان الشراكة الإستراتيجية بين الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا، "لأنّه أمر لا يُمكن تفسيره".

كما اعتبرت رئيسة المفوضية الأوروبّية أورسولا فون دير لايين أن طريقة التعامل مع فرنسا في شأن صفقة الغواصات مع أستراليا في إطار الشراكة الأمنية الأميركية - الأسترالية - البريطانية، "غير مقبولة". وقالت فون دير لايين خلال حديث عبر شبكة "سي أن أن" الأميركية إنّ "أحد أعضاء (الاتحاد الأوروبي) جرى التعامل معه بطريقة غير مقبولة... نُريد أن نعرف ما الذي حصل ولماذا".

ويدعو الفرنسيون إلى الأخذ بهذه المسألة في إعادة تحديد المفهوم الإستراتيجي لـ"حلف شمال الأطلسي"، وكذلك في تحقيق قدر من الإستقلالية الإستراتيجية تُطالب بها فرنسا للاتحاد الأوروبي.

وفي المقابل، أفاد مسؤول أميركي كبير بأنّ الرئيس جو بايدن يتطلّع لكي يبحث "الطريق الواجب اتباعه" خلال اتصال هاتفي مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي قرّر هذه السنة عدم التوجّه إلى نيويورك، وقال: "نحن نتفهم الموقف الفرنسي رغم أنّنا لا نشاطره".

بدورها، قالت المتحدّثة باسم البيت الأبيض جين ساكي: "ليس لدينا خطط للتخلّي عن إتفاق تزويد أستراليا بالغوّاصات النووية"، مؤكدةً وجود اتصالات لترتيب مكالمة بين بايدن وماكرون خلال الأيّام المقبلة. وبحسب ساكي، سيُشدّد بايدن خلال الاتصال على أهمّية استمرار التعاون التاريخي بين البلدَيْن، كما سيُناقش التطوّرات الجديدة حول موضوع الغوّاصات، بالإضافة للتطرّق إلى التحدّيات العالمية المقبلة.

وفي دليل على الأولويات الديبلوماسية للرئيس الأميركي، لن يلتقي اليوم على هامش الجمعية العامة إلّا رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون، قبل أن يستقبل رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في البيت الأبيض.

وحاولت واشنطن التودّد لحليفتها فرنسا ولأوروبا بشكل عام، إذ أعلن البيت الأبيض صباح الإثنين إعادة فتح حدود الولايات المتحدة أمام المسافرين الأوروبّيين والبريطانيين الملقحين.

كذلك، حاول رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون مهادنة حليفه الفرنسي على متن الطائرة التي أقلّته إلى نيويورك، حيث قال للصحافيين إنّ بريطانيا وفرنسا تربطهما "علاقة ودّية جدّاً" ذات "أهمّية كبرى"، مؤكداً أن "حُبّنا لفرنسا لا يتزعزع".

وأُلغي اجتماع كان مقرّراً أن يعقد هذا الأسبوع بين وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي ونظيرها البريطاني بين والاس، بناءً على طلب باريس، وفق ما أفاد مصدر مقرّب من الوزارة الفرنسية وكالة "فرانس برس".

تزامناً، حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من احتمال نشوب "حرب باردة" جديدة، وناشد خلال مقابلة مع "أسوشييتد برس"، الولايات المتحدة والصين، لإصلاح علاقتهما "المتوقفة تماماً"، قبل أن تمتدّ المشكلات بين الدولتَيْن الكبيرتَيْن المتمتّعتَيْن بنفوذ كبير إلى بقيّة العالم.

واعتبر غوتيريش أنه ينبغي على واشنطن وبكين أن تتعاونا في شأن المناخ وأن تتفاوضا بعزيمة أكبر حول التجارة والتكنولوجيا، حتّى في ظلّ الإنقسامات السياسية المستمرّة حول حقوق الإنسان والاقتصاد والأمن عبر الإنترنت والسيادة في بحر الصين الجنوبي.

وشدّد على أنه "ينبغي أن نتجنّب حرباً باردة مهما كلّف الأمر"، معتبراً أن تلك الحرب ستكون مختلفة عن السابقة، ويُحتمل أن تكون "أشدّ خطورة وأكثر صعوبة في التعامل معها"، مشيراً إلى أن الإتفاق بين الولايات المتحدة وبريطانيا لإعطاء أستراليا غواصات تعمل بالطاقة النووية، ما هو إلّا جزء صغير من صورة أكبر وأكثر تعقيداً، تتمثل في العلاقة الفاشلة بين الصين والولايات المتحدة.

من جهتها، اعتبرت كوريا الشمالية أن التحالف الأميركي الجديد في آسيا والمحيط الهادئ والصفقة الأميركية لتزويد أستراليا غوّاصات، قد يؤدّيان إلى "سباق تسلّح نووي" في المنطقة. ونقلت وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية الرسمية عن مسؤول في وزارة الخارجية قوله إن "هذه الأعمال غير المرغوب فيها والخطرة جدّاً ستخلّ بالتوازن الإستراتيجي في منطقة آسيا والمحيط الهادئ وتُطلق سلسلة من سباق التسلّح النووي"، وأضاف: "هذا يظهر أن الولايات المتحدة هي المسؤول الرئيسي الذي يُعرّض للخطر النظام الدولي لمنع الإنتشار النووي".


MISS 3