مايا الخوري

دعت إلى تأسيس خليّة معالجين نفسيّين في المدارس

ساندرا مشلب:لتقييم مهارات الطلاب ووضع خطة سريعة داعمة لهم

27 أيلول 2021

02 : 00

ترافق العودة إلى المدراس بعد عامين من التعليم عن بعد تحديات كثيرة لا يختصرها التخوف من فيروس "كورونا" أو الظروف الإقتصادية الخانقة، فثمة صعوبات تعليمية وإجتماعية ونفسية يجب مواكبتها بوعي من قبل المدرسة والأهل على حدّ سواء. عن تلك التحديات وكيفية مواكبتها تحدثت الأخصائية في العلاج النفسي الحركي وفي التواصل العلائقي (منهجية ESPERE ) ساندرا مشلب إلى "نداء الوطن".

تشدّد مشلب في البداية على أهمية الحضور المدرسي الأساسي والمهمّ جداً للأولاد. لذا يُنصح مع إنطلاق العام الدراسي، بالتحدث معهم عن توافر تحديات كثيرة في الحياة، تتطلّب منّا تعلّم كيفية مواجهتها، ومن ضمنها تحديات العودة إلى المقاعد الدراسية بعد غياب.

من الطبيعي أن يشعر الأولاد بعد إبتعادهم القسري عن محيط المدرسة، بإستغراب وهواجس تجاه اللقاء مع الزملاء والأساتذة، خصوصاً أنهم فقدوا عادة الإختلاط بعدد كبيرٍ من الناس خارج المحيط العائلي المحدد. لذا، قد نرى من انطوى على نفسه، أو قلّ كلامه، أو تغيّرت تصرفاته، فأصبح يلفظ عبارات غير مقبولة في نطاق المدرسة، أو يصرخ أو يضرب. وهذه كلها، تستوجب مواجهة هادئة واعية مستوعبة لتلك المشاعر.

وتشير مشلب إلى "تفاوتٍ في مستوى هذه التحديات بحسب الفئات العمرية، إذ ثمة شريحة لا تعرف كيفية التعبير عن مشاعرها، مثل أطفال الروضة والصفوف التأسيسية الأولى، ما يحتاج إلى مواكبة أكبر"، لافتةً نظر الأهل المتخوّفين من العودة إلى المقاعد الدراسية، إلى أن "الخوف سيف ذو حدّين، يساعدنا على وضع معايير لصالحنا من جهة، إنما يجب التنبّه إلى إنعكاسه السلبي في تصرفات الأولاد من جهة أخرى. من هنا ضرورة مراقبة أدائهم والتركيز على تعويضهم نفسياً، إضافة إلى تعويضهم تعليمياً".

وإذ تتحدث عن بعض الإيجابيات التي سُجّلت في التعليم عن بعد، كتعزيز مشاركة الأهل في تعليم أولادهم ومتابعة مكتسباتهم التعليمية عن كثب، إلا أنه ولّد توّتراً لدى الذين شعروا بعدم القدرة على المساعدة.

ومن ضمن الأمور الإيجابية أيضاً، إستقلالية الأولاد، وإكتسابهم مهارات في البرمجة وكيفية إجراء الأبحاث "أون لاين"، ما عززّ عملية التبادل الإجتماعي وتناقل المعلومات في ما بينهم، فتقترح إستكمال هذا النوع من التواصل الدراسي مرّة في الأسبوع. في المقابل، سبّب التعليم عن بعد صعوبات في إكتساب المهارات المدرسية لدى أطفال الروضة والصفوف الأساسية الأولى، حيث يحتاج الطفل عادةً إلى إستخدام مهارات يدوية حركية حسيّة للتعلّم ولتطوير القدرات الذهنية. لذلك توقّعت مشلب تراجعاً في هذه القدرات، التي يمكن تعويضها بالصبر وعدم الضغط على الأولاد، وبإستذكار برامج العام الماضي بشكل أو بآخر.

إلى ذلك، تشير مشلب إلى تحديات على صعيد الإلتزام، فتقول: "بعدما اعتاد معظمهم على الإستيقاظ والنوم ساعة يشاء، وعلى التفلّت من روتين يومي منظّم الأطر، يجب مساعدتهم على إستعادة النظام في روتينهم اليومي بشكل تدريجي"، مقترحةً أن "تكون العودة إلى الصفوف أيضاً بتواقيت متدرّجة حتى يتأقلم الأولاد مجدداً مع النظام المدرسي".

إنطواء وكآبة

أمّا بالنسبة إلى المراهقين، فقد لوحظت في إطار المتابعة العيادية، مشكلات في الإنطواء الذاتي وفي التعلّق بالشاشة، ومعاناة من المشاعر الضاغطة بسبب "السوشيل ميديا"، أدّت أحياناً إلى كآبة وإحباط وإلى تراجع في القدرات المدرسية، وذلك بسبب فقدان القدرة على التركيز الصحيح. وبدلاً من أن يكوّن المراهقون علاقات صحيّة تنمّي مهاراتهم وتساعدهم في التعبير عن صعوبات معيّنة يختبرونها حالياً، وجدوا أنفسهم وحيدين، فضلاً عن وقوع بعضهم على مواقع غير لائقة أو غير مفيدة لهم. إضافةً إلى تغييرات في عادات الأكل والنوم، بعد تراجع المهارات الإجتماعية والحركية وجلوسهم طويلاً في المنزل أمام الشاشة، يتسلّون بتناول الأطعمة غير الصحية، ما انعكس زيادة في الوزن ومشكلات في البدانة.

ورداً عن سؤال حول أهميّة مواكبة إنتقال الأطفال من مرحلة دراسية إلى أخرى، تشدّد على "أهميّة تحقيق التكيّف المدرسي في صفوف الروضات"، لافتةً إلى أنّ "إسقاطه من قبل بعض المدارس بسبب التخوّف من وباء "كورونا"، سينعكس صعوبةً في التأقلم". لذا تقترح تقسيم الصفّ إلى فريقيْن، ما يسهّل عملية التعارف بحضور الأهل، حتى يتكيّف الأطفال مع الصفّ والأساتذة. كما تدعو الأهل إلى مواكبة أولادهم بأنفسهم، عبر عرض فيديو قصير حول الدخول إلى المدرسة والتحدث معهم عن مضمونه، وتأكيد العودة إلى المنزل بعد إنتهاء الدوام، لقضاء الوقت معاً وتعويض الغياب والتحدث عن اليوميات المدرسية. داعيةً إيّاهم إلى عدم التعبير بقلق وتوتّر لأن ذلك ينعكس سلباً على نفسيّة الأطفال.

وعلى صعيد إستعداد الأولاد لمواكبة الإجراءات الصحية والوقائية اللازمة، تؤكد أنهم يتمتعون بدرجة كافية من الوعي بعدما اكتسبوا نظام الوقاية، فنراهم أكثر الملتزمين بوضع الكمّامة وغسل اليدين. ودعت الأهل إلى عدم تخويف أبنائهم وتفعيل مشاعر الرعب لديهم، لأنه يعزز وسوستهم في النظافة. وتضيف: "إستقبلنا في العيادات عدداً من الأطفال بسنّ الثامنة والتاسعة موسوسين، يخشون إلتقاط العدوى، لذا من المهم أن تمرّ مرحلة إكتساب النظافة بطريقة طبيعية جداً، تدخل في إطار المحافظة على الصحّة والوقاية من الأمراض وتتخطى منطق التخوّف من "كورونا".

تنظيم نشاطات جماعية

تدعو ساندرا مشلب المدارس إلى تخصيص 10 أيّام في بداية العام الدراسي، لتنظيم نشاطات جماعية، وإقامة تمارين مساعدة في التعبير عن المشاعر ما يشجّع الطلاب على التحدث عن تجربتهم في خلال العامين الماضيين. كما تقترح تغييب الفروض المنزلية في الفترة الأولى، والإستعاضة عنها بمادة دراسية تعزّز التعبير عن المشاعر. بعدها تقيّم المدرسة مهارات كل طالب بهدف وضع خطة سريعة داعمة لمن تراجعت مهاراته أو ضعفت. كما تتمنّى تأسيس خلية معالجين نفسيين وحركيين في المدرسة لمواكبة الأولاد والأهل، معتبرةً أن هذه الإقتراحات أساسية، لأن من يعاني تشتّتاً في التفكير ويملك هواجس معيّنة، يحتاج إلى معالجة هذه المشكلات أوّلاً لإكتساب المهارات التعليمية.


MISS 3