خالد أبو شقرا

أزمتا النقد والنفايات نجمتا منتدى "الإقتصاد الدائري: رؤية للنموّ والتقدّم"

"المسؤولية الإجتماعية" ليست "للدعاية"

4 تشرين الأول 2019

02 : 10

قصار ملقياً كلمته في الافتتاح (فضل عيتاني)
صحيح أن العنوان كان "الإقتصاد الدائري: رؤية للنمو والتقدم" إلا ان أزمتي النفايات والدولار كانتا الحدث في المنتدى السنوي التاسع للمسؤولية الاجتماعية للشركات الذي تنظمه "سي.أس.آر.ليبانون"، برعاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وحضوره.


مفهوم الاقتصاد الدائري، كما تعتمده الدول التي تحترم حقوق مواطنيها، يعني، بحسب رئيس "سي.اس.ار ليبانون" خالد قصار، "تأمين هواء نظيف ومياه صالحة للشرب. وهو ان نفكر في نهاية كل سلعة منذ بداية انتاجها وليس فقط في طريقة معالجة الآثار المترتبة عنها". فسياسات الاقتصاد الدائري تعتمد ليس وفقاً لادارة سليمة للنفايات، بل ايضاً في سبل تمويل الصناعات النظيفة وجذب رؤوس الاموال والاستثمارات وتمويل الهيئات المانحة وبيوت المال الدولية بما يوفر آلاف فرص العمل الجديدة حول العالم، وهو منهج متكامل للابتكار والابداع التكنولوجي والرقمي في الصناعة ويدعمها.

رسائل المؤتمر الإيجابية

إجراءات مصرف لبنان التي عبر عنها الحاكم رياض سلامة في مداخلته، باستمرار دعم القروض الاسكانية بقيمة 500 مليون دولار وتوفير الدولار للنفط والقمح والدواء، كان قد سبقتها كلمة لوزير البيئة فادي جريصاتي إستعرض فيها خطة الوزارة، لمعالجة أزمة النفايات، والتي ترتكز بشق كبير منها على وعي المواطنين وإدراكهم لخطورة الاستهلاك والرمي العشوائي للنفايات البلاستيكية. مبادرتان خلقتا نوعاً من الامل في المؤتمر، ودفعتا برئيس اتحاد رجال الأعمال للبحر المتوسط جاك صراف لاستخلاص ثلاث رسائل إيجابية: الأولى بيئية، والثانية إجتماعية عبر عنها قصار، بأهمية نشر الوعي حول الدعم المجتمعي. والثالثة وهي رؤية "الحاكم" بأن من الممكن أن يكون المستقبل ناجحاً".

تخفيف الضرائب يساعد

الأجواء الإيجابية التي سادت في المؤتمر تواجه على أرض الواقع مخاوف وصعوبات حقيقية "فالتحديات أمام الشركات الخاصة اليوم هي في قدرتها على تأمين مصروفها ورواتب موظفيها"، تقول مؤسسة شركة "دارلينغز تاتش"، ورئيسة المجلس اللبناني للسيدات القياديات مديحة ارسلان. إنما هذا لا يعني من وجهة نظرها إهمال المسؤولية الاجتماعية التي يجب أن تكون متواجدة في وعي أي فرد أو شركة. وتضيف ارسلان: "نحن نطالب الدولة باصدار قانون المؤسسات الاجتماعية، الذي يجيز للمؤسسات المساهمة بفعالية أكبر، بتطوير المجتمع من خلال تخفيف الضرائب والاعباء التشغيلية عن كاهل المؤسسات".

رجل الاعمال اللبناني فادي صعب، يوافق على أن الشركات اللبنانية تمر بمرحلة صعبة جداً لناحية ارتفاع الضرائب وزيادة الفوائد المصرفية، "انما هذا يجب ألا يقف عائقاً أمام استمرارها بالمسؤولية الاجتماعية. فعلى الشركات واجب الإستثمار في تنمية المجتمع ومساعدة محيطها الحيوي وذلك ليس بفعل المسؤولية فحسب، انما لانه يرتدّ ايجاباً على المؤسسات في المستقبل". ويضيف صعب: "هذا ما نحاول إظهاره للمسؤولين بضرورة أن تكون موازنة 2020 استثمارية وألا ترهق الشركات بالمزيد من الضرائب لما ستسببه من مزيد من الإنكماش وضعف النمو والتنمية".

ليست للتسويق

بالاضافة الى ما تتعرض له الشركات والمؤسسات اللبنانية من ضغوط وصعوبات، "فإن كثيرين منهم ما زالوا يظنون أن المسؤولية الإجتماعية هي حملة تسويقية (دعاية) لمنتجاتهم وسلعهم، فيما هي يجب أن تدخل من ضمن التخطيط الاستراتيجي للشركات"، يقول خبير التخطيط مازن خطاب، ويضيف أن المسؤولية الاجتماعية ليست بتمويل ملفات معينة بل يجب أن يبدأ الشخص من نفسه وان تكون المسؤولية من ضمن استراتيجيته العامة وصلب عمله وليس أمراً طارئاً. فمن الممكن ان يتم البدء بموضوع بسيط يتعلق بتخفيف استخدام الاوراق في المؤسسة مثلاً، أو تغيير نوعه وتشجيع العاملين والتوعية أو مساعدة المجتمع بأمور تربوية أو تنموية".

المسؤولية الإجتماعية للشركات والمؤسسات استطاعت في الكثير من الدول المتطورة أن تضيف قيماً غير مادية مهمة جداً في دعم البيئة والاسر وأصحاب الحاجات الخاصة، وغيرها الكثير من المجالات، إنما في لبنان ورغم جهود الـ "سي أس آر"، ما زالت التأثيرات محدودة، وذلك بحسب خطّاب لسببين: الاول، عدم ملاقاة المبادرات وتشجيعها من الدولة، هذا إن لم تكن الاخيرة العائق الابرز. وثانياً، يتعلق بطريقة التنظيم والعمل، حيث فقدت بعضاً من بريقها مع تحويل المبادرة من قبل الجامعة الاميركية الى جمعية مثلها مثل كل الجمعيات".

المسؤولية الحقيقية لا تفرض فقط على المؤسسات دعم المجتمع إنما أيضاً المساعدة بوقف الهدر والفساد من خلال الإبتعاد عن التمويل، والمساعدة في ضخ الحياة في المشاريع التي لا تملك لا جدوى إقتصادية ولا فائدة إجتماعية، بل على العكس تساهم في إضعاف المجتمع وتضييع الفرص الحقيقية.


MISS 3