جنى جبّور

مديرة "المركز الفرنسي في لبنان" تتحدّث عن مهرجان بيروت للشرائط المصوّرة

ماري بوسكاي: الحدث فرصة لتقدير الفنّ التاسع

5 تشرين الأول 2021

02 : 01

ماري بوسكاي
يطلق "المركز الثقافي الفرنسي في لبنان" مساء غد النسخة الأولى من "مهرجان بيروت للشرائط المصوّرة" على أن تستمرّ لغاية العاشر من الشهر الجاري، بالتعاون مع "ليون بي دي" و"الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة" و"مبادرة معتز ورضا الصواف للشرائط المصورة العربية" في "الجامعة الأميركية في بيروت". وبعد تأجيله عاماً كاملاً بسبب أزمات لبنان المتلاحقة، سينبسط المهرجان على امتداد العاصمة وخارجها، مشكلاً ملتقى حوارياً يربط عشّاق الفنّ التاسع اللبنانيين بالفنانين الأجانب، من خلال استضافته نحو 40 فناناً للشرائط المصوّرة من 14 بلداً في أكثر من 20 فضاءً ثقافياً. "نداء الوطن" التقت مديرة "المركز الثقافي الفرنسي في لبنان" ماري بوسكاي للحديث عن تفاصيل تنظيم هذا الحدث الشعبي والخلّاق.

لماذا قررتم اعادة تنظيم المهرجان هذه السنة؟

كان "المركز الفرنسي في لبنان" ينوي في البداية تنظيم "مهرجان بيروت للشرائط المصوّرة" في خريف العام 2020 نظراً إلى ضرورة أن يتزامن مع سنة الشرائط المصورة في فرنسا، وهو موعد تُحدّده وزارة الثقافة الفرنسية. لكن بعد صدمة تفجير "4 آب" المريعة وبسبب موجة الوباء الحادة التي اجتاحت البلد في الخريف الماضي، لم يعد تنظيم هذا الحدث ممكناً.

هذه السنة، لا يزال الوضع اليومي للبنانيين مريعاً طبعاً. لذا واجهت جميع الفِرَق التنظيمية تحدياً هائلاً لإقامة هذا المهرجان الذي يشمل أكثر من 40 فناناً وكاتباً، في 14 موقعاً من بيروت، وهو يستعدّ أيضاً للتنقّل بين مختلف المناطق، خارج العاصمة. لكن بعد عقد مشاورات مكثفة وبالتوافق مع شركائنا اللبنانيين الذين يشاركون في تنظيم هذا الحدث معنا فضلاً عن الجهات التي تنوي استضافة فعاليات المهرجان، قررنا أن نتجاوز هذا التحدي وننظّم الحدث في إطار الأوضاع الراهنة تحديداً.

يملك اللبنانيون الحق في الثقافة، وهي ميزة أساسية، وهم متعطشون إليها لأن الكتّاب والفنانين وعالم الثقافة والأدب في لبنان يتحمّلون بدورهم أكبر أعباء الأزمة القائمة ويحتاجون إلى الدعم. ويعتبر «المركز الفرنسي في لبنان» أن مهمته الأساسية تقضي بمتابعة تقديم مساحات للتبادل والانفتاح والاكتشاف إلى اللبنانيين من خلال تنظيم مناسبات ثقافية تكون كفيلة بالحفاظ على الروابط الاجتماعية وبنائها.

أخيراً، قررنا تنظيم هذا الحدث لسببٍ ستكتشفونه خلال المهرجان: الشرائط المصوّرة التي نقدّمها هنا لكم، سواء كانت عربية أو أوروبية أو كندية، هي أداة للتعبير الملتزم، أو فن يستعمل الرسم والفكاهة والأبطال الخارقين لنقل رسالة مؤثرة ونقدية في معظم الأوقات حول المجتمع الذي يجسّده أو الوضع السياسي أو الاجتماعي الذي يريد انتقاده.

سيتنقّل المهرجان من مكان إلى آخر بدل أن ينحصر في موقع واحد. لماذا؟

في فرنسا، نحن معتادون على "إخراج الفنون إلى الشارع" عند تنظيم مهرجاناتنا ونشدّد تحديداً على أهمية مقابلة الناس. لقد اعتبرنا هذه العادة بالغة الأهمّية لتوجيه رسالة معينة اليوم في بيروت، مفادها أن الثقافة لها طابع منفتح، وهي في متناول الجميع وقد تصل إلى مختلف الأحياء. اختيرت هذه المواقع في البداية عن طريق شركائنا بما أننا ننظّم ثلاث حلقات مهمة في الجامعة الأميركية في بيروت يوم الخميس، وفي الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة يوم الجمعة، وفي "المركز الفرنسي في لبنان" يوم السبت. كذلك، قررنا تنظيم مشاريع أخرى، منها معرض حول "الشريط المصوّر العربي" في دار النمر، ولقاء فني في المتحف الوطني. ثم أردنا أن نتواجد أيضاً في أحياء الجميزة ومحيطها لبث رسالة أمل وولادة جديدة لأن عدداً كبيراً من المواقع الثقافية والحرفيين والفنانين هناك تأثّر بانفجار "4 آب". لهذا السبب، يُنظَّم عدد إضافي من لقاءاتنا في هذا المكان، بدءاً من أول حفل في المهرجان، في 6 تشرين الأول، في حديقة قصر سرسق التي ستكون مفتوحة للجميع في هذه المناسبة.



في ما يخص ملصق المهرجان، لماذا اخترتم منطقة الروشة وما علاقة الثورة بهذا الموضوع؟

(تظهر كلمة "ثورة" على الملصق الذي تحمله الفتاة)طلبنا من الرسامة رافاييل معكرون أن تبتكر ملصق المهرجان، وتركنا لها هامشاً واسعاً من الحرية الفنية، فاختارت إظهار هذا المنظر من كورنيش بيروت وتسليط الضوء على المنارة في رأس بيروت. أرادت معكرون أن توضح أن هذه المنارة ترمز إلى الأمل الذي يجب أن يستمر رغم المصاعب الهائلة التي يمرّ بها البلد. أما الإشارة إلى الثورة، فهي لفتة طبيعية برأيها لأن عالم الفن كان جزءاً أساسياً من التحركات الشعبية في خريف العام 2019. وثمة رابط مباشر بين تجسيد هذه الفكرة على شكل شرائط مصوّرة وما سبق وذكرتُه حول علاقة تلك الشرائط بساحات الثورة. يمكن إيجاد عيّنة جميلة جداً عن هذه المواضيع في الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة في إطار معرض "رسوم الثورة" بدءاً من 8 تشرين الأول.هل يجذب الفن التاسع في لبنان انتباهاً واسعاً، علماً أن البعض يعتبره حتى الآن موجّهاً للأولاد حصراً؟الشرائط المصوّرة فن حديث نسبياً في العالم العربي بشكل عام مقارنةً بالدول التي نشأ فيها الفن التاسع، وهي بلجيكا وفرنسا وحتى سويسرا. لكنه شكل من التعبير الفني الذي حصد إعجاباً واسعاً جداً منذ عقدَين على الأقل في الدول العربية، فظهر كتّاب موهوبون واكتسبوا شهرة عالمية. ينطبق ذلك تحديداً على مؤلفين ورسامين لبنانيين من أمثال رافاييل معكرون، وجوزيف كاي، ونويمي حنين المؤلفة اللبنانية الشابة التي أصدرت ألبومها الأول في فرنسا منذ فترة قصيرة. سيشارك هؤلاء في مهرجاننا. ولا ننسى زينة أبي راشد التي لم تتمكن من المشاركة معنا هذه السنة. يهدف هذا المهرجان تحديداً إلى اكتشاف فنانين لبنانيين شباب، فضلاً عن فنانين عراقيين وتونسيين ومصريين وسواهم. طوّر هؤلاء فنونهم عبر التطرق إلى مواضيع سياسية بامتياز أو مشاكل اجتماعية متنوعة. هم يتوجهون إذاً إلى الراشدين.

على نطاق أوسع، نتمنى أن يكون هذا المهرجان فرصة مناسبة كي يبدأ اللبنانيون بتقدير قيمة الفن التاسع في بلدهم وأهمية الشرائط المصوّرة في الثقافة العربية عموماً، من خلال تسليط الضوء على هذه الفنون عبر مقابلات مع مؤلفين أوروبيين وغربيين.

هل أثّرت أزمات لبنان على عزيمتكم بالنسبة لاطلاق المهرجان؟

لا ننكر أننا واجهنا المصاعب نفسها التي يتعامل معها اللبنانيون في حياتهم اليومية، منها غياب الاستقرار وصعوبة التخطيط المسبق (وهو عامل أساسي لتنظيم هذا النوع من المهرجانات) والمشاكل المادية والتضخم الذي ترافق مع تداعيات كبرى على الميزانية المُخطط لها ولا ننسى طبعاً نقص البنزين وانقطاع الكهرباء...

لكن بقي جميع شركائنا اللبنانيين ملتزمين بالكامل بهذا المشروع، وقد حصلنا أيضاً على دعم قوي من الفنانين والمنظّمين الدوليين. وبفضل هذا التضامن تحديداً، سيبصر المهرجان النور هذا الأسبوع!




جورج أبو مهيا: المهرجان "نفس" ثقافي مُلحّ للّبنانيين


يصل المخرج جورج أبو مهيا من فرنسا الى بيروت للمشاركة في هذا المهرجان، حيث سيسوّق كتابه "مدينة مجاورة للأرض" (اصدار دار قنبز) بالجزء الاول والثاني، في "غاليري تانيت" بمار مخايل، بالاضافة الى عرضه لـ88 لوحة أصلية تشير الى مراحل تنفيذ هذا الكتاب.

ويلفت أبو مهيا الى أنّ "هذا المهرجان ليس الاول من نوعه في لبنان ففي الـ2003 و2006 نظم حدثان مماثلان، وكان من المفترض الاستمرار في تنظيم هذا النوع من المهرجانات سنوياً الّا أنّ الأوضاع في لبنان لم تسمح بذلك. كذلك هناك اهتمام كبير بالشرائط المصورة- هذا الفن الذي يجمع الرسم والأدب معاً- من قبل الشباب ولا سيما بعد دخولها الى المناهج الجامعية منذ أكثر من 10 سنوات".

ويضيف: "ينظم المهرجان هذه السنة رغم الأوضاع السيئة، ولكن بالنسبة الي انه الوقت الأنسب لتقديم شيء مفيد لهذا البلد، ولا سيما أنّ هذه الدورة ستتمحور حول الأحداث التي وقعت في السنتين الأخيرتين في لبنان، فالفن يولد من رحم الأزمات ويساعد على التعبير واستيعاب المشاكل، وهو بمثابة "نفس" ثقافي ملح في الوقت الراهن".



MISS 3