"اليونيسف" وسوء الصحة العقلية بين الأطفال واليافعين بسبب كوفيد-19

12 : 37

وفقا لدراسة أعدتها اليونيسف حول الصحة العقلية للأطفال واليافعين ومقدمي الرعاية في القرن الحادي والعشرين- تحمًّل الأطفال واليافعون، حتى قبل جائحة كوفيد-19، عبء اعتلالات الصحة العقلية في ظل غياب أي استثمارات كبيرة لمعالجتها.

ووفقاً لأحدث التقديرات المتوفرة، يُقدّر أن أكثر من 1 من كل 7 مراهقين من الفئة العمرية 10–19 سنة في العالم مصابون باضطراب عقلي تم تشخيصه. ويتوفى حوالي 46,000 مراهق في العالم من جراء الانتحار سنوياً، وهو يشكل واحداً من أكبر خمسة أسباب للوفاة في صفوف هذه الفئة العمرية. وفي الوقت نفسه، ثمة فجوات واسعة ومستمرة بين الاحتياجات والتمويل في مجال الصحة العقلية. وقد وجد التقرير أن حوالي 2 بالمئة فقط من الميزانيات الحكومية الصحية في العالم يُخصص للإنفاق على الصحة العقلية.

وقالت المديرة التنفيذية لليونيسف هنرييتا فور، "لقد كانت الأشهر الـ 18 الماضية طويلة جداً لنا جميعاً- وخصوصاً لدى الأطفال. فمع الإغلاقات العامة والقيود على الحركة بسبب الجائحة، أمضى الأطفال سنوات لا تُنسى من حياتهم بعيداً عن أسرهم وأصدقائهم ومقاعدهم الدراسية وعن اللعب- وهذه جميعاً عناصر رئيسية من الطفولة بحد ذاتها. إن التأثير كبير، وما هو سوى غيض من فيض. فحتى قبل الجائحة، كان العديد من الأطفال يتحملون عبء قضايا الصحة العقلية التي لم يتم التصدي لها. ولا تُخصِّص الحكومات سوى استثمارات ضئيلة لمعالجة هذه الاحتياجات الحاسمة. ولا يولَى اهتمام كافٍ للعلاقة بين الصحة العقلية والنتائج الحياتية المستقبلية ".


الصحة العقلية للأطفال أثناء جائحة كوفيد-19

لقد تسببتْ الجائحة بضرر كبير، فوقفاً لنتائج مبكرة من استطلاع عالمي أجرته اليونيسف ومعهد «غالوب» الدولي شمل أطفالاً وراشدين في 21 بلداً- تم نشره في تقرير "حالة أطفال العالم لعام 2021"- أفاد ما معدله 1 من كل 5 يافعين من الفئة العمرية 15–24 سنة ممن شاركوا في الاستطلاع في لبنان بأنهم عادة ما يشعرون بالاكتئاب أو أن لديهم اهتماماً قليلاً بالقيام بأنشطة. كشفت النتائج أيضًا أن 71 في المائة يعتقدون أن أفضل طريقة لمعالجة الصحة العقلية هي تبادل الاختبارت وطلب الدعم من الآخرين ، بينما يعتقد 25 في المائة أن الصحة العقلية هي مسألة شخصية يمكن للناس أن يتعاملوا معها على أفضل وجه بمفردهم.

وإذ توشك جائحة كوفيد-19 على دخول سنتها الثالثة، تستمر وطأتها الثقيلة على الصحة والعافية العقليتين للأطفال واليافعين. فوفقاً لأحدث البيانات المتوفرة من اليونيسف، تأثّر ما لا يقل عن 1 من كل 7 أطفال في العالم تأثراً مباشراً بالإغلاقات العامة، فيما عانى أكثر من 1.6 بليون طفل من قدرٍ ما من خسارة التعليم. وأدى تعطيل الروتين اليومي والتعليم والترفيه، إلى جانب الانشغال بشأن دخل الأسرة وصحتها، إلى دفع العديد من اليافعين إلى الشعور بالخوف والغضب وإلى الانشغال بشأن مستقبلهم. فمثلاً، تناول تقرير حالة أطفال العالم استطلاع جرى عبر شبكة الإنترنت في الصين في بدايات عام 2020 وهو يشير إلى أن حوالي ثلث المجيبين أفادوا بأنهم يشعرون بالخوف أو القلق. في لبنان، يأتي تأثير كوفيد -19 ليضاف الى أزمات متعددة، بما فيها الانهيار الاقتصادي وانفجارات مرفأ بيروت.

من الممكن أن تؤدي اضطرابات الصحة العقلية التي يجري تشخيصها إلى أضرار كبيرة على صحة الأطفال واليافعين وتعليمهم والنتائج التي يحققونها في الحياة وقدرتهم على كسب الدخل، ومن بين هذه الاضطرابات نقص الانتباه وفرط النشاط، والقلق، وطيف التوحد، والاضطراب الثنائي القطب، واضطرابات السلوك، والاكتئاب، واضطرابات الأكل، والإعاقات الذهنية، والفصام.

وبينما يتعذر حساب حجم التأثير على حياة الأطفال، فقد وجد تحليل جديد أجرته كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية ويستشهد به التقرير بأن المساهمة المهدورة في الاقتصادات والناجمة عن الاضطرابات العقلية التي تؤدي إلى الإعاقة أو الوفاة بين اليافعين تُقدَّر بـ 390 بليون دولار سنوياً.

يشير التقرير إلى أن مزيجاً من العوامل المتصلة بالجينات والخبرات والبيئة تعمل منذ الأيام المبكرة في الحياة على تشكيل الصحة العقلية للأطفال وتؤثر عليها على امتداد حياتهم، ومن بين هذه العوامل التنشئة، والتعليم المدرسي، ونوعية العلاقات، والتعرّض للعنف أو الإساءات، والتمييز، والفقر، والأزمات الإنسانية، والطوارئ الصحية من قبيل كوفيد-19.