جورج بوعبدو

"يوم لم ينتهِ" لعلاء ميناوي... عرض مرتبك وشعبوية

11 تشرين الأول 2021

02 : 00

كان يفترض ان تكون مسرحية تنقل قصص من عاش فظاعات الرابع من آب اثناء انفجار مرفأ بيروت الموجع؛ يتلوها المخرج علاء الميناوي بصوته فتحوّل الحكايات التي يسمعها عازف البيانو الى ألحان موسيقية آسرة تحرك فيك الأحاسيس؛ فيما تترجم المشاعر ببرنامج حاسوبي الى رسومٍ وخطوط على شاشة عملاقة.

كان ذلك الهدف السامي المفترض لمسرحية "يوم لم ينته" That breath we held على مسرح "مونو" في الاشرفية، ولكن المشاكل التقنية الفاضحة حالت دون ذلك هذه المرة، فاقتصرت الامسية على تمتمات غير مفهومة؛ فالميكرو المثبت على عنق المخرج لم يؤد وظيفته؛ وعبثاً حاول العازف التنبيه الى المشكلة؛ فالراوي اختار تجاهل الامر باستهتارٍ غير مفهوم؛ فبدا وكأنه لا يقرأ إلا لنفسه همساً؛ فيما غرق الجمهور في الصمت وسمعت اصوات متململة بينه تعترض لعدم سماع ما يقال قبل ان تستسلم للمشهد البصري والموسيقى. وهكذا استمرّت الامسية برتابة، وشاء المخرج ألّا يوقف العرض معتذراً ريثما يتمّ اصلاح الخلل؛ وهو خير ما كان ليحصل في ظرفٍ مماثل؛ وبدلاً من ذلك اختار ان يوهم الجمهور بأن غياب الصوت بهذا الشكل ليس إلا جزءاً من الابتكار المسرحي، وغاب عنه واقع ان بعض الحاضرين على غراري مثلاً كان قد تابع العرض الأول من العمل في تموز الماضي في المكان نفسه؛ وكان العمل آنذاك من دون مشاكل تقنية وصوت المخرج فيه يسمع بوضوحٍ تام في ارجاء الصالة.

ولم يقتصر الفشل على التقنيات بل تعداه الى اصرار المخرج على تحويل الامسية الثقافية الى موقف أشبه بشعبويات اليسار الاسلامي المخترق لثورة 17 تشرين حين اخرج "مسرحية" مع اصدقائه المبعثرين بين الحضور طالباً من الجمهور التعبير عما يشعر به ازاء كارثة الرابع من آب فساد صمت للحظــات سمعت بعدها عبارات من نـوع: "ما نسينا"؛ "ما استوعبنــا"؛ "ليش خلصت؟"، ثم صاح شاب بصوتٍ أعلى من صوت المخرج: "هـذه جريمة ارتكبتها المنظومة الفاسدة بدعمٍ من الغرب المتستر على الجريمة، ومعيبٌ ان تكون السفيرة الاميركية حاضرة بيننا... معيبٌ جداً حضورها لهذه المسرحية".

كان بوسعنا أن نصدّق بأنّ الأمر لم يكن ضمن مخططٍ شعبوي لو لم يختر المخرج مغادرة مكانه على حافة المسرح برشاقةٍ ليذرع المسرح ذهاباً واياباً مردداً: "معيبٌ جداً وجود السفيرة الأميركية بيننا. معيبٌ جداً" وهو يحرّك رأسه مراراً معبراً عن انسجام تام مع مطلق صيحة "الاعتراض المفتعل" قبل أن يترك مساحةً زمنية مناسبة للتصفيق العالي وإطلاق صيحات الاعتزاز "بالانتصار الشفهي".

كيف لمؤسسة "هنريتش بويل ستيفتونغ" المرموقة ان ترعى مخرجاً يعادي الغرب لهذه الدرجة مروّجاً لأكاذيب تورّط الغرب بانفجار المرفأ وعدم محاسبة المجرمين بهذه الطريقة؟


MISS 3