سناء الجاك

"هيدا القاضي"...

13 تشرين الأول 2021

02 : 00

تستمر المؤامرة الكونية للقضاء على محور الممانعة بإستهداف ذراعه اللبناني. وبقيادة سفارتي الولايات المتحدة والسعودية تستخدم، هذه المرة، القضاء ساحة لها في تحقيقات جريمة تفجير مرفأ بيروت.

ويجب أن نصدِّق ونسلِّم بهذه المعطيات. بالتالي علينا أن نتفهم تبرير الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله تدخله في القضاء، لمرة وحيدة وإستثنائية، على حد قوله، وحربه على المحقق العدلي القاضي طارق البيطار بذريعة التسييس الفاضح الذي يحيط بعمله، ناهيك عن الإستنسابية التي تؤكد أن البيطار "يعمل من أجل خدمة مشروع لا يهدف الى كشف الحقيقة وتحقيق العدالة"... وليس علينا أن نشكِّك بإصرار "حزب الله" على المضيّ في ملاحقة ملف التحقيقات، فهو يعتبر "أن الحقيقة تخصّنا سياسياً ومعنوياً، كما تخصّ أهالي الشهداء والمتضررين من التفجير".

وكأنّنا نسينا أن مشكلة لبنان منذ جريمة إغتيال الرئيس رفيق الحريري هي أننا كنا نشكِّك. لذا حصلت سلسلة الإغتيالات التي تلت هذه الجريمة مقابل الإصرار حينذاك على الحقيقة، ولذا كانت "حرب تموز" 2006 التي فتحت لإسرائيل باب عدوانها المدمر على لبنان، ولذا كان اليوم المجيد في السابع من أيار 2008 بمواجهة المحكمة الدولية الخاصة بلبنان بعد استقالة وزراء الثنائي الشيعي، ولذا كان المؤتمر الصحافي الطويل العريض الذي عقده نصرالله قبل حوالى عشرة أعوام أو أكثر ليقدم أدلة خبراء محسوبين على الحزب عن احتمال قيام إسرائيل بإغتيال الحريري بمواجهة المحكمة الدولية بعد اكتمال خريطة الاتصالات التي أودت بحياة الرائد المهندس الشاب وسام عيد.

ولذا كان التفاهم مع التيار البرتقالي، حتى يتأمن الغطاء المسيحي لمشروع المحور ورأسه، ولذا كان إنتخاب ميشال عون رئيساً للجمهورية بعد ترويض عناترة الطبقة السياسية وتدجينهم وفق مقاييس الأجندة، ولذا كان التصدي للتحرك الشعبي في 17 تشرين الأول قبل عامين وإفلاس البلاد وتجويع العباد وحرمانهم من كل ما يمكن إحتكاره وإخفاؤه وتعطيله.

وبعد هذه المسيرة المجيدة والمسار الذي تطلَّب تضحيات جمة، لا يزال "هيدا القاضي" مصراً على إرتكاب معصية من الكبائر في نبش "حقيقة تخصنا سياسياً ومعنوياً". مع أن المنطق يقضي بأن من يحارب قاضياً لإقصائه عن ملف ما ويطالب بكف يده، إنما هو يخاف من حقيقة تخصه قضائياً بالأدلة والقرائن التي يريد أن يخفيها... أو التي لا يهمه كثيراً وضوحها بقدر ما يهمه الحؤول دون إعلانها بقرارٍ ظنيٍ صادرٍ عن "هيدا القاضي" الذي يتمتع بجرأة إستثنائية، ولا يبالي بكل الرسائل السابقة والحالية، وبكل الوسائل السابقة والممكنة حالياً، التي لطالما إعتمدها الحاكم الفعلي بأمره في سبيل تنفيذ بنود أجندة المحور الذي ينفذ مشاريعه في المنطقة.

العلة في الجرأة، وكأن ليس هناك من ينصح "هيدا القاضي" بأن يعرف حدّه ويقف عنده، عوضاً عن تحدي فائض السلطة والسلاح والنفوذ، وإصراره على بيع نفسه للشيطان.

وكأن "هيدا القاضي" لا يريد أن يفهم بالتهديد المباشر، كأنه يريد للمتضررين من "حقيقته الملغومة" أن ينتقلوا إلى المستوى التالي للتهديد.

وكأن هذه الحكومة التي يجب أن تأتمر بأمر الحاكم بأمره، وليس سواه، لا تجيد القيام بواجباتها، فتكفّ يد "هيدا القاضي"، وتأتي بقاضٍ مطواع يطوي الملف ويكتفي بمقاضاة مهملين من الدرجة العاشرة. ونقطة على السطر..

وإلا.. يكون قد أعذر من أنذر.. ويكون "هيدا القاضي" "جزءاً من عملية سياسية تهدف الى أخذ البلاد نحو فتنة شاملة"، بالتالي فقد جلب لنفسه ما يمكن أن يحصل له...


MISS 3