شربل داغر

إلى (بعض) الناشرين العرب

19 تشرين الأول 2021

02 : 00

أسمع الكثير من شكاوى (بعض) الكُتاب العرب عن (بعض) الناشرين العرب. وأتبناها كلها، وسأتولى الحديث عن بعضها كما لو أنها، كلها، أصابتني في السنوات الأخيرة.

أسمع هذه الشكاوى، ولا اقرأ عنها، ما يُقدِّم دلالة إضافية عن الأزمة الجارية.

- كُتّاب وكُتّاب لا يجدون منافذ للنشر، ولا تتوافر في هذه الدور جهات صالحة ومكلفة بابداء الرأي في ما يُنشر ولا يُنشر. لهذا يصبح جهدُ الكاتب تجميعَ المبلغ المناسب لنشر كتابه. ولا يستفيد، بالمقابل، من ملاحظات الناشر (لو توافرت بالفعل) عن رفض مخطوط كتابه، أو لزوم تعديله.

- اول شروط النشر هو العقد القانوني بين الكاتب والناشر، إلا أن دور نشر متزايدة لا تُقدِم على إجراء عقود مع كُتابها، وقد سهلت مناخات كورونا هذا الإسقاط الابتدائي لصناعة الكتاب.

- أما عن إعادة الطبع، فتأبى دور نشر عن ذكر رقم الطبعة، جاعلة منها طبعة أولى (ربما لحسابات تخصها مع ممولها "الخفي")... فيما يغيب عن دور النشر أن إعادة الطبع دلالة إضافية على جودة الكتاب.

- أما الدُّور التي تلجأ في بعضها إلى إجراء عقود مع الكُتاب، فهي التي تأمل بالفوز بجائزة مرموقة، فتضع شروطاً قاسية على الكاتب في حال الفوز (قد تصل إلى خمسين بالمئة من مجموع الجائزة).

- لا أحد يعرف (في هذه الاحوال) عدد النسخ المطبوعة من كل كتاب، التي تهاوت في السنوات الأخيرة من ألفي نسخة للطبعة الواحدة إلى 500 نسخة، وأقل أحياناً...

لهذا قد يقول قائل: تبقى دور النشر الحكومية -خلافاً لما يُشاع- الملاذ القانوني والآمن للناشر العربي. هذا صحيح في ظاهر الحال، لا في عميقها. وهو أن الحكومات (وغيرها) لا تفعل بما يجعل الكتاب العربي حاضراً في الحياة الدراسية والثقافية والاجتماعية، وتُوقف بالتالي هذا التدهور المريع.