جورج بوعبدو

جورج خبّاز: لا شدّة تدوم وبعد كلّ أزمة نهضة ثقافية ومسرحية

23 تشرين الأول 2021

02 : 00

ولد في كنف عائلة فنية: والده الممثل اللبنانيّ جورج خبّاز الذي مثّل في مسرحيات وبرامج تلفزيونية عدّة وفي بعض الحلقات مع "أبو ملحم"، أما والدته فالممثلة اللبنانية أوديت عطيّة. تلقى علومه بمدرسة القلبين الأقدسين في البترون، ثم انتقل إلى جامعة الروح القدس في الكسليك، حيث درس العلوم الموسيقية والمسرح، ليتخصص أخيراً بما سمّاه "المسرح الموسيقي". وقف على خشبة المسرح للمرة الأولى وهو في الرابعة من عمره، في مسرحية مدرسية بعنوان "حياة القديس مارون". بدأ احتراف المسرح في العام 1994 وشارك في أكثر من مسلسل درامي كـ"طالبين القرب"، "نساء في العاصفة"، "سنابل الحب". نفذ أكثر من 15 مسرحية مؤلفاً عدداً لا يستهان منها. "تشارلي شابلن" قدوته عالمياً وتأثر عربياً بالفنان دريد لحام، والأخوين رحباني، وزياد رحباني. "نداء الوطن" التقت الممثل جورج خباز فدار حوار مشوق حول مسيرته الفنية والمسرحية بالاضافة الى هموم وشجون القطاع والبلد ككلّ.

هل تأثر المسرح بالأزمات التي نعيشها اليوم. وكيف يمكنك الاستمرار في هذه الظروف الضاغطة؟


ضربت الأزمة القطاعات كافة ما أثر على المسرح والإنتاجات المسرحية. من المعروف أن المسرح ليس من أولويات الشعب اللبناني والعربي لا ثقافياً ولا حياتياً لذلك يكون انهياره أسرع من غيره. فتأمين المأكل والمشرب والتعليم "أبدى" عند المواطنين. مشكلتنا الأكبر اليوم في أننا نعجز عن اللّحاق بسعر الدولار في السوق السوداء فيتعذّر وضع تسعيرة موحّدة للبطاقات فنحتار كيف ندفع أتعاب الممثلين والعاملين والفنيين. يتزامن ذلك مع عجز المواطن عن دفع ثمن التذكرة، وفي حال استطاع ذلك يفتقر الى الوقود مثلاً. وزادت الكورونا الطين بلّة فعطّلت القطاع نهائياً. أما الجوّ العام في البلاد فحدث ولا حرج، فهو لا يسمح بوجود مسرحٍ متجانس يجمع بين المؤدّي والمتلقّي. ما من بيئة حاضنة للثقافة حالياً. كلّ ما ذكرت آنفاً عوامل تمنعنا عن المثابرة فالوضع بالغ الصعوبة، وفي حال أنجزنا عملاً، يكون من باب الإستمرارية فحسب ولا يبغي الربح. زملائي وأنا مستعدون للتضحية للخروج من الأزمة ولكننا لن نتحمّل أكثر من موسم واحد. المسرح هو حاجة ترفيهيّة تنفيسيّة وتحريضيّة للناس لمواجهة ما نشهده من أزمات ومشاكل لوجستياً ومعنوياً.

تعطي صورة قاتمة عن الوضــــــع هل استسلمت للأمر الواقع؟

نحن متمسكون بالأمل والصمود. انه واجبنا. ثمة مسؤولية كبرى ملقاة على عاتقنا بالحؤول دون تدهور المشهد المسرحي. ولكن اذا استمرّت الأمور على هذا المنوال، من دون كهرباء أو دواء أو مستشفيات، لن ينهار المسرح وحده بل البلد بكامله!

ماذا تعني لك محبة الجمهور، هل تمدّك بالأمل؟

محبة الجمهور هي الأهم في حياتي. كم جميل عندما تكون قادراً على زرع الفرح في قلب الجمهور، أو تغيّر حياة أشخاص لا تعرفهم. البعض يراسلني على مواقع التواصل الإجتماعي مشيداً بأعمالي ومدى تأثيرها إيجاباً عليه. يفرحني ذلك كثيراً، ويمدّني بالقوّة للاستمرار بالعطاء. فشغفي بالمسرح لا حدود له ومحبّتي لهذا الفنّ التعبيري الراقي لامتناهية.




تلقيت الكثير من الثناء لفيلمك "غدي". هل كنت تتوقع هذا النجاح؟

"غدي" عملٌ مشغولٌ بصدق. كلّما نشاهده نراه جديداً كونه يطرح مواضيع وإشكاليّات وجدليات موجودة في مجتمعنا. يحكي الفيلم عن الإختلاف على كافّة أنواعه، من الإختلاف الجسدي وصولاً إلى الاختلافات الاجتماعية والمذهبية والطائفيّة وغيرها. تعاونت مع جمعية "أكسوبيل" التي تعنى بذوي الإحتياجات الخاصّة. عملت معهم في المسرح فأحببت صدقهم وعفويتهم. ثمة نظرة تهميشية، ولامبالاة قصوى من مجتمعنا تجاههم، ما دفعني الى التفكير بأن الإنسان الذي لا يتقبّل "خلقة ربه" لا يسعه تقبّل الآخر في إختلافاته، سواء كان الأمر في الدّين أو الرأي أوالسياسة... إنطلقت بفكرة الفيلم وكتبته بصدق نتيجة الأفكار التي عشتها ولمستها، فترجمتها بصورة أب يحاول دمج ابنه في مجتمع يرفضه لكونه من ذوي الإحتياجات الخاصّة. ويقرّر الوالد أن يبرهن للآخرين ألا أحد كاملٌ، وبأنّ النقص موجود عند الجميع و"نيال اللي حاجتو مبينة".

يعود الفضل في النجاح طبعاً للمنتج غابي شمعون والمخرج أمين درة والممثلين أنطوان ملتقى ومنى طايع وكريستين شويري ولارا مطر ورودريغ سليمان الذين عملوا بصدقٍ ومحبة لإنجاح هذا الفيلم الذي أفتخر به كثيراً.


عملت أيضاً في مجال دبلجة أفلام الكرتون أخبرنا عن هذه التجربة.عملت على دبلجة أفلام كرتونية كثيرة من كافّة أنحاء العالم منها فيلم أنيمايشن بعنوان "الفيل الملك" مع الزملاء خالد السيد ومحمد شمص ومجموعة كبيرة من الممثلين اللبنانيين ولكنني لم أشارك في دبلجة مسلسلات مكسيكية أو تركية أو غيرها. تجربتي اقتصرت على دبلجة أفلام الكرتون وحدها.

لماذا لا نراك في أعمال تلفزيونيّــــــة جديدة؟

بعد النجاح الذي حققته سلسلة "عبدو وعبدو" تفرّغت للمسرح فهو يستهلك وقتي كاملاً ولا يمكنني العمل على الإثنين في آن. اخترت المسرح لأنني أفضل التعاطي المباشر مع الجمهور لما فيه من متعة. تكمن عظمة المسرح في ادائك العرض نفسه كلّ يوم بحلّة جديدة وشغف مع جمهور جديد. فالمسرح حلبة الممثل الحقيقي. السينما في المرتبة الثانية والتلفزيون في المرتبة الثالثة. لا أنكر فضل التلفزيون طبعاً فهو الذي عرّف الناس إلى شخصيّتي وساهم في إنتشاري.




أنت تعمل على شخصيّة واحدة منذ زمن. كيف تجذب أجيالاً جديدة اذاً؟

- أعمل دائماً وفق متعتي الشخصيّة. بالتالي أقدّم للجمهور ما أحبّه وأرحّب بكل إنسان يشاركني هذه المتعة فأنا أعمل بصدقٍ ومحبّة وحرفيّة. تربيت في منزلٍ متواضع وبدأت حياتي من الصفر. ناضلت كثيراً: لم يكن لدي سيّارة وعملت في المطاعم لتحصيل ما يسعفني على ايفاء مصاريف الجامعة. تجاربي في الحياة تساعدني على التطوّر والكتابة فهي توقظ بداخلي الطفل والمراهق والأزعر والآدمي والإنسان الجاهل والمثقف. وهذا الدمج ما بين شخصيّتي الحالية وما مررت به يفضي الى عملٍ صادق وكامل يحاكي القلب والوجدان من دون قيدٍ أو شرط أو ضوابط، فأعمالي تشبهني وأنا أشبه الناس.

ما رأيك بالمنصات وهل يمكن عرض مسرحيات عليها؟

نعمل الآن على مسلسل من إنتاج شركة الصباح وسيعرض على منصة "شاهد"، ولدي أفلامي الموجودة على "نيتفليكس"، ولكنني لا أظن أن المنصّات تخدم العمل المسرحي لأنّ المسرح غني بشروطه وحيويته أي العرض الحي. هناك طاقة مباشرة بيني وبين المشاهد، فعندما يصوّر يصبح عملاً تلفزيونياً وكأن هناك حاجزاً بين الممثل والجمهور. أفضل أن يبقى المسرح كما هو وألا يدخل المنازل لأنه سيفقد شروطه وقيمته وهيبته، فهو الوحيد بعد دور العبادة الذي يستطيع جمع الناس في مكان واحد ليوحد مشاعرهم ويقرّبهم من بعضهم بعضاً.

هل أنت مع المسرح المشترك؟

هذه المحاولات قلّما تلاقي نجاحاً اذ ليس من السهل أن تتكلّم لهجات عدة في المسرح فهذا يضعف النص ويربك الممثل. تلك الفكرة ليست واردة الآن ولكن لا مانع من المحاولة إن كان لذلك من مبرّر.

ما هي رسالتك الى المتخرّجين الجدد في المسرح؟

أوجّه لهم التحية وأدعوهم الى الصمود لأن الأزمات كانت منذ القدم وما زالت مستمرة. عانينا الحرب أيام الجامعة وكنا يائسين وقلقين على مستقبلنا وها نحن اليوم مستمرون. لا شدّة تدوم وبعد كلّ أزمة إنفراج ونهضة ثقافية ومسرحية وأتمنى أن تكونوا شركاء فيها.

هل أنت مع تحقيق العدالة في ملف تفجير مرفأ بيروت؟

أتمنى أن نصل الى العدالة لأجل بيروت ولأجل لبنان ولأجل أهالي الضحايا.

أخبرنا قليلاً عن حياتك العاطفية هل أنت في علاقة؟

أنا في علاقة عاطفية دائمة ولا يمكنني العيش بدون شريكة وحب. أما الإرتباط الأبدي فليس بأمر سهل "فنحن لا ننتقي مسحوقاً من السوبرماركت". إنها مسألة شراكة وتضحية وإحترام لمبادئ الآخر وتطلعاته. أنا سعيد جداً في حياتي هكذا. لا مانع لديّ من الإرتباط اذا وجدت شريكة تضيف معنى آخر على حياتي.


MISS 3