شربل داغر

تراخي النقد وكسل النقّاد

1 تشرين الثاني 2021

02 : 00

ينساق النقد، بما فيه الاكاديمي، بصورة متعاظمة، إلى التفسير، بل التأويل، ولكن من دون منهج، ولا ضوابط، في الغالب. وهو، في هذه الحال العربية، يستعيد نقداً سابقاً، قديماً، يقوم على التذوق. هذا ما يجعل النص أشبه بالبستان، والناقد بالمتنزه: يَقطف ويُهمل، لا يبالي وينتقي، ويتعامل مع النص مثل معطى بدئي ونهائي في الوقت عينه.

كما لو ان الدارس، او الناقد، يكتفي بما يرتبه فوق مكتبه، تحت نظره، مكتفياً به.

إذا كان الصحافي يُقدم على ذلك، في نوع من المتابعة او الفحص، فهذا من شأن مهنته الطبيعي. اما ان يقوم اختصاصي النص بذلك، ففي هذا اكثر من امر للنقاش...

هذا ما يَنتج عن الكسل الثقافي، والتأثر الخفيف بموجات النقد الغربية، ولا سيما النقد الثقافي، بعد البنيوية.

فكيف إذا أضيف إلى ذلك فخارٌ عربي، قديم، ومتمادٍ، لا يعتدّ به غيرُ حراس البلادة.

فإذا كانت الثقافة العربية لم تعرف الرواية قبل مطالع القرن التاسع عشر، فإن دارسين ونقاداً عرباً يتكفلون بإيجاد سوابق لها في السرد القديم.

وهذا ما يصيب بدايات المسرح...

وهو ما يصيب حال الشعر الحديث، حيث إنهم وجدوا أن قصيدة التفعيلة استمرار طبيعي، تلقائي، لبحور الخليل ودوائره، فيما هي تجريب شعري مستقى، في خلخلته، في تاريخه الثقافي والادبي، من تجارب التجديد الأوروبية...

هذا يجعل الأدب، والرواية والقصيدة من دون زمن، من دون تاريخ، كما لو انها بنتُ نفسها، المتناسلة.

عدة النقد، ولا سيما المنهجي، تتراجع للغاية، حتى باتت أقرب إلى الخواطر أو التعليقات أو الاحكام الذوقية، بل المزاجية المبرمة...

وهو تراجعٌ يواكب أحوال الثقافة المتراجعة بدورها، بل إن تراجعها الاكيد يخفف من الحاجة إلى نقد ينبني وفق قواعد وضوابط.

والادهى، في تراخي النقد، هو انه يكتفي بما هو امامه من نصوص، او بما هو متداول ومألوف عن هذا الكاتب او ذاك.

يكتفي، فلا يدقق، او يراجع... عدا انه يُسقط النص من تاريخ النصوص. ويصبح كل نص فريداً، وكاتبُه ألمعياً، غير مسبوق.