مايز عبيد

في سوق الذهب: النساء يبعن مجوهراتهنّ لتسجيل أولادهنّ

2 تشرين الثاني 2021

02 : 01

أصحاب المحلّات يتمنّون أن تعود الحركة كما كانت

حتى ولو علّق أصحاب المحلات في سوق الذهب عبارات "نشتري ونبيع الذهب"؛ إلا أن حركة البيع بالنسبة إليهم تتراجع ولا حركة إلا لجهة الشراء.

على باب كل محل يقف صاحبه ويقول "تفضلوا.. تفضلي يا مدام وشوفي التشكيلة الي عنا".. لكن لا سيدة منهن تريد الدخول لأنها باختصار لا تملك ما تشتري به. فأوضاع الناس صعبة بلا شك والأمر انعكس على مظاهر وأساليب حياتهم بشكل كامل. وإذا كانت أسواق مثل سوق الذهب قد وُجدت في الأصل من أجل بيع الذهب وشرائه إلا أن حركة السوق هذه الأيام في اتجاه واحد: شراء أصحاب المحلات ذهب الزبائن، ولسان حالهم يقول: "بتنا نتمنى أن يأتي زبائن إلى السوق كما في أيام زمان؛ يشترون الذهب والمصاغ ويدفعون ثمنها.. لكن للأسف لم يعد هناك زبائن يشترون ويدفعون والحركة في السوق أصبحت شبه معدومة. لقد أصبح سوق الذهب الطرابلسي وكأنه طريق عبور بين الأسواق الداخلية في طرابلس، يمرّ به المارة من محلة إلى أخرى ولا يلتفتون حتى إلى ما هو معروض خلف الزجاج من مصاغ".

كما يؤكد أصحاب المحلات في سوق الذهب أن "أكثرية الزبائن تأتي إلى السوق بهدف بيع بعض القطع الذهبية، كالنسوة، وبعضها من الذهب القديم تعود صناعته لعقود سابقة، كن قد خبأنها من أعراسهن أو مناسباتهن من سنوات مضت".

ومع ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية على هذا النحو، وحيث أن ورقة العملة الصعبة من فئة 100 دولار التي كانت تساوي 150 ألف ليرة لبنانية وصارت اليوم تعادل أكثر من مليوني ليرة لبنانية، ولما كانت العائلات تعيش ظروفاً اجتماعية استثنائية وصعبة للغاية، فإن الكثير من النسوة قررن بيع ما لديهن من قطع ذهبية ومقتنيات بغية مساعدة رجالهن في مصروف البيت المتزايد. تشير السيدة هالة (أم عمر) من عكار الى أنها وعلى أبواب الشتاء والموسم الدراسي باعت ذهبها لتؤمن موسماً دراسياً لأبنائها. وتقول: "نزلت إلى سوق الذهب وبعت مبرومتي ذهب وحلق، اشتريتها منذ أكثر من 10 سنوات، وبلغ سعرهما أكثر من 15 مليون ليرة لبنانية.. لدي أولاد في الثانوية والجامعة وعلينا تأمين الأقساط للتسجيل وتأمين الألبسة والكتب وغيرها وكلها بحاجة إلى أموال ولم يكن أمامنا إلا هذا الخيار".

لطالما كان سوق الذهب الطرابلسي يعتمد في حركته على المناسبات السعيدة (أفراح، خطوبة، زواج، تهنئة...) حيث يُشترى الذهب في هذه المناسبات، ومع تراجع هذه المناسبات بشكل كبير بسبب الأزمة الإقتصادية - الإجتماعية الحادّة، تحوّل تجار الذهب في السوق تجّاراً يشترون الذهب بالليرة من الناس الذين يستغلون ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة، لكنّ أكثر عمليات البيع تحصل من أجل الإستعانة بالمبالغ على قضاء حوائج الحياة، من أكل وشرب ولباس وأقساط مدارس وغيرها من الحاجيات الحياتية.

لقد أصبح تأمين المال للعيش بالنسبة إلى الأهالي والعائلات يتقدّم على اقتناء المجوهرات والحلي والأكسسوارات، على قاعدة ان هذا وقت الأكل وليس وقت الزينة، وإذا تمكّنت النساء هذه السنة من بيع الذهب لتأمين الأقساط فماذا سيفعلن في الأعوام المقبلة؟