باتريسيا جلاد

رائحة الدعم الإماراتي ترفع سندات لبنان بالدولار... والدولة قادرة على الوفاء

وزني لـ"نداء الوطن: الذهب عامل ثقة ولا يمكن المسّ به

8 تشرين الأول 2019

00 : 51

آخر مطاف "القيل والقال" حطّ رحاله على احتياطي الذهب لدى مصرف لبنان، فطرحت تساؤلات حول مكانه وكيفية استقدامه الى لبنان "لوضعه في خدمة السياسيين والتصرّف به"، وما اذا كان من الممكن حجزه من قبل المدينين للدولة اللبنانية في حال تقاعس الأخيرة عن سداد ديونها. أسئلة وتساؤلات طرحت وذلك تزامناً مع عزم الدولة اللبنانية على إصدار سندات يوروبوند بقيمة ملياري دولار.

"لبنان قد يحتاج الى دعم من المصارف المحلية وحتى التابعة للدول الصديقة للبنان مثل الخليجية منها، لشراء تلك السندات باعتبارها مستثمرة أجنبية إذ إن عملية شراء تلك السندات تبدو صعبة في ظل المشاكل التي تعاني منها البلاد"، كما كتب مراسلا وكالة "رويترز" توم أرنولد ومارك جونز في مقالة عن لبنان.

وأضاف المقال: "لكن يبدو أن الشهية الدولية صامتة بحيث يشعر مديرو الصناديق بالقلق من وضع الأموال في واحدة من أكثر الدول مديونية في العالم، حيث تتصارع مع العديد من الاهتمامات الوطنية والجيوسياسية".

وقال فيكتور زابو مدير محفظة أبردين ستاندارد: "يبدو أنهم يقتربون أكثر فأكثر من الانهيار". وإذا كانت المملكة العربية السعودية أو الداعمون الأثرياء في الخليج يخططون للاكتتاب في تلك السندات، فلا يزال يتعين عليهم قول ذلك".

يوجد في البلاد جدول زمني ثقيل لمدفوعات الديون الخارجية (فوركس)، إذ من المقرر أن تصل إلى 1.5 مليار دولار في تشرين الثاني و 2.5 مليار دولار أخرى بين آذار وحزيران من العام المقبل، وفقاً لبيانات Refinitiv "، يتابع المقال. ويشير الى أنه: "مع تعمق الأزمة الاقتصادية في البلاد هذا العام، هبطت سندات الدولة اللبنانية بالدولار بنسبة نحو 16% في الأسعار، وارتفعت تكلفة التأمين على ديونها ضد خطر التخلف عن السداد إلى ما وراء معظم البلدان باستثناء الأرجنتين. وقال مديرو الصناديق إن لبنان ربما يتعين عليه دفع سعر فائدة يبلغ نسبة 15% للوصول إلى السوق".

السندات السيادية

إلا أن هذا الأمر تبدد أمس إذ ارتفعت سندات لبنان السياديّة المقومة بالدولار، إستناداً الى بيانات "تريدويب"، "وذلك على أمل أنّ الحكومة اللبنانية ستتدبّر "ضخّ سيولة من الإمارات".

وأوضحت البيانات أنّ "الإصدارات الأطول أجلاً كانت الأكثر زيادة، إذ ارتفع إصدار استحقاق 2037 بمقدار 0.6 سنت إلى 65.96 سنتاً للدولار، بينما ارتفع إصدار استحقاق 2032 بمقدار 0.5 سنت إلى 65.57 سنتاً للدولار".

وكان رئيس الحكومة سعد الحريري قد أكّد في حديث إلى وكالة "رويترز" أنّ "لبنان يأمل في تدبير ضخّ سيولة من الإمارات، ويرغب في جذب استثمارات إماراتيّة من خلال شراكات أجنبيّة".

دحض التخوّف

لكن تلك المؤشرات الإيجابية والآنية، لن تزيل المخاوف من طرح إشكالية عدم قدرة لبنان على الوفاء بقروضه والتزاماته وخصوصاً أن تلك الطروحات تأتي مقرونة بتحاليل وسائل إعلام أجنبية".

حول ذلك، لا بدّ من العودة الى تقرير وكالة "موديز" الأخير الذي أصدرته منذ يومين شدّدت فيه على أن "لبنان لم يتقاعس يوماً عن الوفاء بالتزاماته" ما يدحض نظرية التخوف المزعوم من عدم القدرة على الوفاء بالقروض الخارجية، "خصوصاً وأن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة سبق أن أعلن وأكد أن لبنان قادر على الوفاء بديونه للعامين 2019 و 2020 فلمَ طرح هذه النظرية؟"، يسأل د. غازي وزني خلال حوار مع "نداء الوطن". يدافع وزني بشدّة عن مصرف لبنان وبثبات عن قدرة الدولة اللبنانية على تسديد قروضها ويؤكد نظرية "المركزي" التي تقول أن "لبنان لم يتقاعس يوماً ولن يتقاعس أقله لعامي 2019 و 2020 عن سداد ديونه".

وقالت مصادر "المركزي" لـ "نداء الوطن" في هذا السياق إنه "يجب الدفاع عن الدولة في تسديد ديونها وعدم الإخلال بذلك في أصعب الظروف، مؤكدة أن الذهب ليس ضمانة للقروض بل مصدراً للثقة ولا يجب طرح موضوع أمكانية حجز أو رهن الذهب كون لبنان قادراً على الوفاء بالتزاماته".

وخلال الحوار مع وزني لم ينف نظرية انه "يمكن للسلطات الخارجية ان تحجز احتياطي الذهب لدى مصرف لبنان اذا لم يسدد ديونه" ولكنه يرى أن "اعتراف الوكالات الدولية بقدرته على الوفاء بالتزاماته يضع تلك الفرضية خارج نطاق البحث".

فنسبة نحو 60% من الذهب موجودة في الولايات المتحدة والنسبة المتبقية في جنيف ولا يمكن التصرف بها لا بيعاً ولا رهناً. وفي هذا السياق عاد وأكد وزني أن "الذهب كونه يندرج ضمن موجودات الدولة اللبنانية فهو يشكّل عامل ثقة للنقد الوطني في لبنان ليس إلا، ولا يمكن استخدامه لأي غرض".

وتابع: "في الثمانينات أُقر قانون يمنع استعماله من قبل السلطة التنفيذية تخوفاً من سوء استعماله أو التسرّع في استخدامه في غير المكان الصحيح له، فلبنان يملك نحو 286.5 طناً أي ما يعادل نحو 9 مليون و500 ألف أونصة، بقيمة نحو 16 مليار دولار. فالذهب لا يشكّل أي ضمانة لأي استدانة للدولة اللبنانية والقانون يمنع استخدامه عن طريق الإستدانة أو وضعه كرهن".

ثقة أم ضمانة؟

وعن الحالات التي يمكن استخدام الذهب فيها كضمانة للدين، يقول وزني: "إن هذا الأمر يحصل عندما تعدّل السلطة التنفيذية القانون ويوافق عليه مجلس النواب، وعند حصول ذلك بدل أن تستدين الدولة بفوائد بنسبة 7 و 8% يمكنها الإستدانة بنسبة 1.5 أو 2%، الأمر الذي ترفضه السلطة التشريعية تخوفاً من التسرّع في استعمال الذهب أو سوء استخدامه".

وحول إمكانية ايجاد مستثمرين لشراء السندات التي ستصدرها الحكومة الشهر المقبل، قال: "إذا الحكومة أقرّت مشروع موازنة إصلاحياً وخفضت العجز في الموازنة العامة وقامت بخطوات إصلاحية على صعيد الكهرباء قبل انقضاء الشهر الجاري، سيرسل هذا الأمر إشارات إيجابية الى الأسواق العالمية، وإلا الإستدانة ستكون صعبة والفوائد مرتفعة وستعتمد الحكومة في استدانتها على القطاع المصرفي الداخلي".

"موديز"

ويستغرب وزني صدور تقارير كل شهرين أو ثلاثة اشهر من قبل وكالات التصنيف العالمية معتبراً أنه "توجد علامات استفهام حول كثرة تلك التقارير، الأمر الذي لم يحصل قطّ مع أي دولة أخرى في العالم، واللافت أن تلك التقارير الدورية السلبية ترسل إشارات سلبية للمستثمرين في الخارج، علماً أن اقتصاد لبنان صغير ولا يهدد اقتصادات العالم".


تبقى الهندسات المالية لمصرف لبنان والتي يتوقف عندها البعض لالقاء الملامة على مصممها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، هي الخيار الوحيد أمام "المركزي"، يؤكد وزني، مشيراً الى أنه "لم يكن لدى الحاكم الخيار للمحافظة على الإستقرار النقدي سوى تلك الهندسات المالية لشراء الوقت وإعطاء الحكومة الوقت لتصحيح الوضعين المالي والإقتصادي وقطاع الكهرباء، والحدّ من الفساد والهدر اللذين يتراوحان سنوياً بين 4 و 5 مليارات دولار، ولكن لم يتم هذا الأمر".

ويضيف: "العجز في الموازنة العامة في العام 2018 تجاوزت نسبته 11.5% وموازنة 2019 جاءت غير اصلاحية وغير كافية وموازنة 2020 لا تلتقي مع التحديات التي يعيشها لبنان مالياً واقتصادياً". محمّلاً المسؤولية "للسلطة التنفيذية لوقف النزيف والهدر، باعتبار أن دور السلطة التشريعية رقابي بامتياز في حين ان السلطة النقدية دورها حماية الإستقرار النقدي".

أما الأزمة التي عمل مصرف لبنان على استيعابها من خلال التعميم الوسيط لقطاعات الدواء والقمح والبنزين وعدم التمكن من حلّ معضلة سائر القطاعات، لفت وزني الى ان "المركزي"، "حلّ معضلة القطاعات الحيوية علماً أن هذا الأمر ليس من مسؤوليته، فالسلطة النقدية ليست لديها القدرة على تمويل القطاعات المستوردة كافة، فهذا الأمر من مسؤولية الحكومة التي عليها سدّ الفجوة بين الإستيراد البالغ 20 مليار دولار والتصدير البالغ 3 مليارات دولار، والتركيز على السلع المحلّية".


MISS 3