جاد حداد

Army of Thieves... الملل سيّد الموقف

16 تشرين الثاني 2021

02 : 00

يعجّ الفيلم الجديد Army of Thieves (جيش اللصوص) على شبكة «نتفليكس» بتقنيات المونتاج المفرطة التي تهدف إلى إخفاء جزءٍ من مشاكل الإيقاع والشخصيات الباهتة. تتمحور القصة حول عمليات سرقة تكثر فيها مشاهد الحركة، لكن يهدر الفيلم وقتاً طويلاً قبل أن تحتدم أحداثه، ولا تستطيع التطورات الممتعة في نصفه الثاني التعويض عن البداية المملة. لا يزال زاك سنايدر منتج الفيلم، على غرار العمل الأصليArmy of the Dead (جيش الموتى)، لكنه يسلّم مهمة الإخراج هذه المرة إلى ماتياس شفيغوفر الذي أدى دور «ديتر لودفيغ» في الفيلم الأول الذي تمحور حول كائنات الزومبي. كان هذا المجرم الحذق من أكثر الشخصيات تميّزاً في فيلم سنايدر، فهو يجد التوازن المناسب مقارنةً بالشخصيات الذكورية التقليدية التي لعبها ديف بوتيستا وعمري هاردويك في الفيلم نفسه. لكنّ الشخصية التي تؤدي دوراً تكميلياً في مشاهد الحركة الأساسية لا تعطي الأثر نفسه بالضرورة حين تصبح محور القصة. تتعلق أكبر مشكلة في الجزء الجديد بعدم رغبة أحد برؤية شخصية «ديتر» طوال 130 دقيقة، باستثناء من يحتسبون عدد المشتركين الدوليين بشبكة «نتفليكس» على الأرجح!

تدور الأحداث هذه المرة قبل ست سنوات من بدء قصة Army of the Dead، حين يبدأ العالم بتقبّل واقع انتشار كائنات الزومبي. يمكن مشاهدة هذا النوع من الأخبار في خلفية المشاهد وفي عدد من أحلام «ديتر» التي تنذر بالأحداث اللاحقة. يكون «ديتر» (يُعرَف في هذه القصة باسم «سيباستيان» لأسباب تتّضح لاحقاً) في بداية تدريباته لفتح الخزنات، فيعرض فيديو على يوتيوب حول أربع خزنات أسطورية صُمّمت بناءً على «دورة حلقة فاغنر»، لكنه لا يحظى بأي مشاهدات تُذكَر. يبرع شفيغوفر، كمخرج وممثل، في نقل إعجاب «سيباستيان» بهذه الخزنات. هي ليست مجرّد عوائق في وجه مجرمٍ يتوق إلى التفوق عليها وفك شيفرتها، بل إنه يتعامل معها وكأنه متسلق جبال يتطلع إلى جبل «إيفرست». بعبارة أخرى، يبدو التحدي حماسياً بقدر النتيجة النهائية.



يتلقى «سيباستيان»، بعد نشر ذلك الفيديو، دعوة غامضة إلى مسابقة لفك شيفرة الخزنات، بما يشبه مسابقات القتال لكن من دون مشاهد الدماء. سرعان ما يفوز بهذه المسابقة طبعاً، فيثبت مهارته أمام مراقِبة اسمها «غويندولين» (ناتالي إيمانويل)، وتُقرر هذه الأخيرة أن تجعله عضواً في جماعة مجرمين يُخططون لفك شيفرة ثلاث خزنات أخرى قبل تقاعدهم. مجدداً، يتمحور هذا النوع من القصص حول اقتناص الفرص. ستزيد صعوبة المهمة بسبب النهاية الكارثية المرتقبة، لذا تصبح هذه العملية مسألة حياة أو موت بالنسبة إلى «غويندولين»، و»كورينا» (روبي أو. في)، و»رولف» (غوز خان)، و»براد كيج» (ستيوارت مارتن).

من الواضح أن الفيلم يستهدف السوق الدولي. إنه عمل غريب كونه يعرض الأحداث التي تسبق فيلم الزومبي الأول الذي لم يشمل عدداً كبيراً من كائنات الزومبي وبقيت مشاهد الحركة فيه محدودة. تبدو أول ساعة من الفيلم طويلة ورتيبة لأنها تخلو من التشويق، ولن تظهر أي مشاهد حركة حقيقية قبل مرور النصف الأول. ولا شيء يبرر أصلاً أن يمتد هذا العمل على 130 دقيقة، لكن يبدو أنها مدة اعتيادية في أعمال سنايدر. إنه أمر مؤسف لأن الفيلم لا يتخذ منحىً حيوياً ومشوقاً إلا بعد انتهاء مرحلة التخطيط وبدء تنفيذ عمليات السرقة. يبدو أن شفيغوفر تعلّم دروساً إخراجية كثيرة من مهارات سنايدر على مستوى الحركة البطيئة وتصميم مشاهد القتال، لكن لا يوحي أسلوبه بأنه يقلّد شريكه بكل بساطة. مشاهد السرقة مدروسة بدقة وبطريقة تتماشى مع هذا النوع من الأفلام، ما يجعل هذا الجزء الذي لم يطلبه أحد ممتعاً من ناحية معينة على الأقل.

لكنّ تركيبة المشاهد واللقطات المتكررة تجعل هذا الجانب الممتع مجرّد عامل هامشي في الفيلم بدل أن يكون جزءاً من مزاياه. يبدو شفيغوفر ساحراً أكثر من المتوقع، لكنّ دور المجرم الرومانسي لا يعطي المفعول المنشود إلا عند استعماله بجرعات صغيرة وتدريجية. لكن يتمحور هذا الفيلم حول شخصية «سيباستيان» لدرجة أن يتجاهل الممثلين الآخرين. ما الذي يمنع التركيز على «سيباستيان» تزامناً مع إحاطته بشخصيات أخرى قادرة على خطف الأضواء؟ تقدّم ناتالي إيمانويل أداءً مملاً ولا يجمعها المستوى المطلوب من الكيمياء مع شفيغوفر على الشاشة، لكن يبقى أداؤها أفضل من الممثلين الآخرين، مع أن روبي تقدم أداءً ممتعاً لكن لا يستغل الفيلم مهاراتها بالشكل المناسب. تحتاج قصص السرقات إلى طاقم تمثيلي متكامل، على غرار سلسلة Ocean’s أو حتى Now You See Me (الآن تراني). يفشل هذا الفيلم في هذه النقطة بالذات. على أمل أن تتعلّم المشاريع المرتبطة بهذه السلسلة مستقبلاً درساً من عصابة اللصوص هذه وتسرق بعض الأفكار من الأفلام التي تتفوق عليها في جميع المجالات.