جاد حداد

The Sinner... الموسم الثالث هو الأقوى

23 تشرين الثاني 2021

02 : 00

مسلسل The Sinner (الخاطئ) مقتبس من رواية الكاتبة الألمانية بيترا همسفهر التي تحمل العنوان نفسه، وكان يُفترض أن يصل إلى نهاية واضحة.

لكنّ التعقيدات في شخصية التحري "هاري أمبروز" (بيل بولمان) دفعت صانعي المسلسل إلى التعمق في استكشاف القصة، وقد كانوا محقين في قرارهم. يحمل الموسم الثالث عنوان Jamie ويتمحور حول أستاذ في المدرسة الثانوية اسمه "جايمي بيرنز" (مات بومير)، ويمكن اعتبار هذا الجزء أفضل من الموسمَين السابقَين.

يبدو الأستاذ "جايمي" من "دورتشستر"، في ضواحي نيويورك، رجلاً ساحراً وحذقاً ويقول له واحد من طلابه إن جميع الفتيات في المدرسة معجبات به.

هو متزوج من امرأة أميركية من أصل أفريقي اسمها "ليلا"، وينتظر الثنائي مولودهما الأول خلال أسابيع. لكنّ الوضع ليس إيجابياً بقدر ما يوحي به "جايمي"، فهو يفكر مثلاً بحرق يده على المشواة الساخنة أثناء طبخ عشاء رومانسي لزوجته. حتى أنه يدخّن الحشيشة في أول مشهد له في المسلسل داخل حمّام المدرسة.

يسهل أن نتوقع انهيار الوضع منذ البداية، وهذا ما يحصل فعلاً حين يفاجئه صديقه "نيك هاس" (كريس ميسينا) بزيارته في منزله. في وقتٍ لاحق من تلك الأمسية، يتعرّض "نيك" و"جايمي" لحادث سير، فيموت "نيك" بينما يصاب المدرّس بجروح طفيفة.

لن يحتاج التحري "أمبروز" إلى بذل جهود كبرى كي يكتشف أن ذلك الحادث كان عبارة عن جريمة. انطلاقاً من هذا الحدث، يغوص الموسم الثالث في عالم "جايمي" و"نيك" القاتم. لكن سرعان ما يتّضح أن عالم "أمبروز" هو أكثر ظلمة بكثير في نهاية الموسم.

أكثر ما يميّز المسلسل هو تركيزه على سبب الجرائم، لا طريقة تنفيذها أو هوية مرتكبيها. يعرض الموسم الثالث أيضاً جوانب مشوّقة من الأحداث المحيطة بالجرائم، ما يؤدي إلى زيادة منسوب المتعة في هذا الجزء.



في لحظات معيّنة، يُذكّرنا هذا الموسم بالمسلسل البريطاني The Fall (السقوط)، وهي ميزة إيجابية. في هذين المسلسلَين، يتصرف رب أسرة من ضواحي المدينة انطلاقاً من معتقداته الإيديولوجية. يتابع بطل القصة في العملَين التلاعب بفتاة قاصر، ويتكلم عن الفيلسوف نيتشه، ويظن أنه أعلى مستوى من جميع الناس. لكنّ أغرب نقاط التشابه بين المسلسلَين تتعلق بعرض القواسم المشتركة بين القتلة والمحققين.

تذكر إحدى الشخصيات في الموسم الثالث أن "أمبروز" و"جايمي" متشابهان. هذا التداخل الدائم بين المعايير الأخلاقية ومظاهر الخير والشر يعطي المسلسل ثقلاً مضاعفاً.

على صعيد آخر، يتميّز هذا الجزء أيضاً بفضل بيل بولمان وطاقم مدهش من الممثلين الجدد. يجسّد مات بومير، بنظرته الشاخصة، تعقيدات شخصية "جايمي" بكل سلاسة لدرجة ألا نشعر بأنه يبذل أي جهد. حتى أن اختيار الممثلين لأداء شخصيات مثل "سونيا بارزيل" (جيسيكا هيشت) و"نيك هوس" (كريس ميسينا) يبدو دقيقاً، وتعطي هذه الخيارات ثمارها بكل وضوح.

لكن يسرق بيل بولمان الأضواء من الجميع مجدداً بفضل نظرته المترددة والحذرة. في كل موسم جديد، يزيد الكتّاب الجوانب المظلمة في شخصيته لدرجة أن يبدو تجسيداً حياً لليأس ومشاعر الذنب.

المشهد الأخير مؤثر جداً، إذ يكشف فيه "أمبروز" عن جانبه الضعيف، ومن الممتع أن نشاهد التحري وهو يتكل على دعم "سونيا" أخيراً.

في الجزء الرابع والأخير، هل سيجد "أمبروز" المواساة التي يحتاج إليها في "سونيا" لفترة إضافية؟ جميع الاحتمالات واردة...