لوسي بارسخيان

إهتمام لبناني ـ دولي باستدامة العمل بمحطة تكرير الصرف الصحي في زحلة

الخارج أحرص على منشآتنا البيئية من المسؤولين اللبنانيين

24 تشرين الثاني 2021

02 : 00

من الجولة في محطة التكرير والإجتماع الذي عُقد فيها

مع أن الزيارة الميدانية للمدير الإقليمي لدائرة المشرق في البنك الدولي ساروج كومار الى البقاع في يوم عيد الإستقلال، برفقة وزيري الطاقة وليد فياض والبيئة ناصر ياسين، ووفد مجلس الإنماء والإعمار، كان للإطلاع ميدانياً على الأولويات التي يجب تحديدها في تمويل مشاريع محطات تكرير مياه الصرف الصحي ومعالجة النفايات الصلبة، ترفع التلوث عن نهر الليطاني وبحيرة القرعون، فقد شكّل توقف الوفد بمحطة تكرير الصرف الصحي بزحلة، "قمة" لبنانية ـ دولية مشتركة، سمع خلالها المسؤولون اللبنانيون من كومار كلاماً أقرب الى التأنيب، بسبب عدم جدّيتهم حتى الآن في وضع خطة تضمن إستدامة العمل بهذه المحطة، الأمر الذي يدفع بالجهات الدولية الى تمديد برامجها للمساندة للتعويض عن هذا الـ"تقاعس" الرسمي.

كان في ملاقاة كومار وصحبه بمحطة زحلة سفيرة إيطاليا لدى لبنان نيكوليتا بومباردييري، ورئيس بلدية زحلة أسعد زغيب الى جانب مدير عام مصلحة الليطاني سامي علوية، ومدير مؤسسة مياه البقاع بالتكليف خليل عازار الى جانب المشرفين التقنيين على إدارة المحطة. فبدت بومباردييري مهتمة بكل تفاصيل المحطة التي موّلت تنفيذها حكومة بلدها، الى تمويلها إدارتها بسنواتها الأولى. بالنسبة لها، فإن قضية هذه المحطة إما أن تكون ربحاً خالصاً أو خسارة فادحة، ولذلك، وعلى رغم إيلائها أهمية لعراقيل الطاقة ومعالجة الحمأة الناتجة عن عملية التكرير، التي أكدت أنها تشرف شخصياً على إيجاد حلول سريعة لها مع السلطات المعنية، بدت القضية الأساس بالنسبة لها في تأمين إستدامة العمل بتشغيل المحطة. وفي هذا الإطار سمع الوزيران الحاضران وممثلو مجلس الإنماء والإعمار تأنيباً مباشراً من كومار، الذي قال إنها زيارته الثانية الى محطة تكرير زحلة بعد سنة 2018، وقد سمع حينها الكلام نفسه عن ضرورة تأمين إستدامة سيرورة العمل في المحطة، وتكرر الكلام على مسامعه في السنوات اللاحقة من دون أن يلمس جدية في وضع خطة مالية، تتضمن النفقات والفوائد المتوقعة، وتسمح بتسلم الجهات الرسمية لهذه المحطة. وقال كومار: "البنك الدولي الى جانب الشعب اللبناني ولن يتخلى عن مساعدته، ولكن يجب أن نرى خطة من المعنيين، وهذه الخطة يجب العمل عليها فوراً، وعدم إنتظار المهل المحددة لإنتهاء المساعدات المقدمة من الخارج.

بدا الشك الذي عبّر عنه المسؤول الأول للبنك الدولي والسفيرة الإيطالية مبرّراً، في ظل تقاعس السلطات اللبنانية المستمر بتجهيز الكادر البشري والمالي الذي يسمح بتسلم مؤسسة مياه البقاع لهذه المنشأة، وغيابها حتى عن معالجة المشاكل التقنية الآنية التي واجهت عملها في المرحلة السابقة، ولا سيما بالنسبة لتأمين الطاقة بشكل مستمر لتشغيل منشآت المحطة، الى إدارة الحمأة الناتجة عن عملية التكرير.

وهنا أيضاً بدت السفارة الإيطالية أحرص من الدولة اللبنانية على معالجة هاتين المشكلتين الطارئتين، من خلال التواصل المباشر مع المعنيين في وزارة الطاقة لتأمين خط جرّ كهرباء مباشر الى المحطة من جهة يكون معفياً من نظام التقنين، الى محاولة إيجاد حل لمشكلة التخلص من الحمأة الناتجة عن الصرف الصحي مع مجلس الإنماء والإعمار، والذي بدا أكثر تعقيداً من مشكلة الكهرباء، خصوصاً أن مجلس الإنماء والإعمار الذي وضعت المحطة تحت إشرافه لم يستبق المشكل بإيجاد الحلول، ولما تفاقمت عليه هذه المشكلة إبتدع طريقة للتخلص من الحمأة عن طريق تجهيز ثلاث حفر صحية سعة كل منها 6 آلاف متر مكعب، إثنتان منها بلغتا ذروة إستيعابهما والثالثة في طريقها للإمتلاء، الأمر الذي سيعيد طرح المشكلة بعد إمتلائها، في وقت أشار ممثلو المجلس الى حل بدأ يدرس مع شركة خاصة لمعالجة الحمأة وتحويلها أسمدة يمكن تصديرها للخارج.

إلا أن هذا الحل كما بدا من النقاشات التي دارت قد يستغرق وقتاً أطول من الوقت المحدد لإنتهاء صلاحية إستيعاب الحفر المخصصة للحمأة حالياً، ما دفع بإتجاه إقتراحات قد تتطلب مزيداً من النقاشات مع بلدية زحلة لإقناعها بإستقبال كميات هذه الحمأة في مطمر زحلة الصحي، الأمر الذي إشترط رئيس بلدية زحلة أسعد زغيب أن يكون مقروناً بعملية تجفيف تامة للحمأة منعاً لإستهلاكها الحفر المخصصة لطمر النفايات الصلبة في مطمر زحلة الصحي.

غير أن مشكلة الكهرباء والحمأة على رغم أهميتها، لم تبدُ أولوية بالنسبة للسفيرة الإيطالية، بل الأولوية هي لتأمين إستدامة العمل في المحطة. وهنا كان تدخّل من وزير الطاقة الذي وعد بالعمل الجدّي على وضع خطة تؤمن إنتقال المنشآت الى إدارة مؤسسة مياه البقاع، مشدداً في الوقت نفسه على ضرورة إشراك بلدية زحلة في المسؤولية، معتبراً أن المؤسسة بواقعها الحالي قد لا تكون قادرة على حمل هذا العبء.

يذكر أنه كان يفترض أن تتسلم مؤسسة مياه البقاع إدارة منشآت محطة التكرير منذ نهاية العام الماضي، غير أنه بسبب عجز المؤسسة ومعها السلطات اللبنانية عن ذلك، قرر البنك الدولي، وبسعي أيضاً من السفارة الإيطالية أن يؤمن الكلفة التشغيلية للمحطة عبر برنامج الأمم المتحدة للتنمية. كما أعلنت السفيرة الإيطالية عن برنامج للدعم التقني ستباشر به سفارة بلادها فور إنتهاء فترة التمويل عبر البنك الدولي، ما يفترض أن يوفر للسلطات اللبنانية الوقت الكافي لتجهيز كوادرها البشرية والمالية لتسلم هذه المحطة التي طال إنتظارها في مدينة زحلة، وهي تعالج حالياً كمية 23 ألف متر مكعب من مياه الصرف الصحي يومياً، وتبلغ قدرة إستيعابها 37 الف متر مكعب، مما يعني أن اي تقاعس في عملية إدارتها سيهدد نهر الليطاني وبحيرة القرعون بكمية هائلة من الملوثات، وفقاً لما حذر منه مدير عام مصلحة الليطاني سامي علوية.