جاد حداد

The Minions Of Midas... تشويق على نار هادئة

27 تشرين الثاني 2021

02 : 00

أطلقت شبكة "نتفلكس" مسلسلاً إسبانياً جديداً ومقتبساً من قصة جاك لندن القصيرةThe Minions Of Midas (أتباع ميداس). تدور الأحداث في مدينة مدريد، وتروي قصة رجل ثري يتعرض للابتزاز ويواجه عواقب مميتة.

تتصاعد أجواء التشويق والغموض بوتيرة بطيئة جداً، وكأن المسلسل يريد اختبار صبر المشاهدين، لكن تبقى هذه النسخة الجديدة من القصة الأصلية التي صدرت في العام 1901 مدهشة وذكية جداً، فهي تنقل قصة جاك لندن إلى مدريد المعاصرة وتُحوّلها إلى حكاية سياسية مشوّقة. يشكّك المسلسل بمفاهيم الثروة والأملاك والأخلاقيات.

يتألف هذا المسلسل القصير من ست حلقات، وهو من إخراج ماتيو جيل الذي شارك أيضاً في كتابة السيناريو مع ميغيل باروس. تتمحور القصة حول "فيكتور جينوفيس" (لويس توسار)، وهو رجل أعمال غني وقوي يصبح المدير التنفيذي الجديد لشركة إعلامية. يتعرض "فيكتور" للابتزاز من جانب منظمة تسمّي نفسها "أتباع ميداس" لأسباب لا تتضح سريعاً. يضطر هذا الأخير لدفع مبلغ كبير من المال منعاً لقتل الناس عشوائياً في أماكن وأوقات محددة ومتلاحقة. هل سينقذ "فيكتور" أمواله أم حياة الأبرياء؟

تدور الأحداث في مدريد، تزامناً مع تصاعد الاضطرابات الاجتماعية في إسبانيا. سرعان ما يتحول التحرك الذي بدأ على شكل احتجاج سلمي ضد ارتفاع أسعار الكهرباء إلى اضطراب اجتماعي واسع النطاق. يرأس "فيكتور" "مجموعة مالفار"، وقد ورث هذا المنصب للتو من مؤسس الشركة، "مالفار"، بعد وفاته قبل ثمانية أشهر. إنه إرث مفاجئ ويعترف "فيكتور" بأنه لا يعرف السبب الذي دفع "مالفار" إلى منحه إمبراطوريته، أو هذا ما يدّعيه على الأقل.

لكن لا يبدأ المشهد الأول من الحلقة الأولى مع "فيكتور"، بل تظهر صحفية شابة اسمها "مونيكا بايز" (مارتا بيلمونتي). هي تجلس أمام حاسوبها في مكتب مظلم تزامناً مع احتدام الاضطرابات في الشوارع، وتوشك على نشر مقالتها بعنوان "أتباع ميداس" حين يبدأ رجلان بملابس الشرطة بمطاردتها. سرعان ما يتبيّن أنها لقطة من المستقبل، إذ تعود الأحداث بعد هذا المشهد إلى ما حصل قبل خمسين يوماً.

في صباح ذلك اليوم، يتلقى "فيكتور" رسالة عليها ختم بالشمع الأحمر وتوقيع "أتباع ميداس". تطلب منه الرسالة أن يبيع أسهمه لتسليم 50 مليون يورو نقداً. وإذا لم يوافق على هذه الشروط، سيتم اختيار شخص عشوائياً وقتله. يعود "فيكتور" إلى منزله ويجري بحثاً حول منظمة "أتباع ميداس" على "غوغل"، لكنه لا يجد أي معلومات عنها ويقرر تجاهل الرسالة ويرميها في سلة المهملات.



في غضون ذلك، تتواجد الصحفية التي ظهرت في أول مشهد في سوريا الغارقة في الحرب لإجراء مقابلة مع تاجر أسلحة، فيقول لها هذا الأخير إن شركة "بانكو" الصناعية تموّل الحكومة الفاسدة. تعمل "مونيكا" كمراسِلة في الصحيفة التي يملكها "فيكتور" عن طريق "مجموعة مالفار". وعندما تحمل "مونيكا" ورئيس تحرير الصحيفة هذه القصة المدوية إلى "فيكتور"، يبلغهما هذا الأخير بأن شركة "بانكو" الصناعية هي التي تموّل المجموعة. لكن يقرر "فيكتور" نشر القصة رغم ذلك.

يتابع "فيكتور" يومه بشكلٍ عادي وينسى رسالة الابتزاز بالكامل، لكن تُقتَل امرأة في المكان والزمان المُحدّدَين في الرسالة. ثم يتلقى "فيكتور" رسالة إلكترونية من منظمة "أتباع ميداس" لمطالبته بدفع المال كي لا يُقتَل شخص آخر عشوائياً. يقرر "فيكتور" هذه المرة إبلاغ السلطات.

تتعدد الجوانب الغامضة في هذه القصة. ما سبب استهداف "فيكتور" وتورطه في عملية الابتزاز؟ وما علاقة لقاء "مونيكا" مع تاجر أسلحة بمشكلة "فيكتور"؟ تتطور الأحداث من دون تفسير واضح، لذا يسهل أن نتوقع انكشاف جميع الحقائق في نهاية القصة.

أكثر ما يثير الاهتمام هو الأسئلة التي يطرحها المسلسل عن الثروات والأملاك. في مرحلة معينة، يقول المحقق المسؤول عن القضية، "كونتي" (غيليرمو توليدو)، لـ"فيكتور" إن العصابة اختارته لأنها تعتبره رجل أعمال ضميره حيّ. هذه العبارة بحد ذاتها تُلمِح إلى انعدام ضمير رجال الأعمال عموماً، لكنها تثبت أيضاً أن الثروة في هذه القصة هي نقيض للمبادئ الأخلاقية، ما يعني أن عملاً غير أخلاقي هو الذي يبرر جمع هذا الكم الكبير من المال.

في النهاية يُعتبر المسلسل مشوقاً ولامعاً، وهو يدفع المشاهدين إلى التفكير بمسائل كثيرة. يتميّز هذا العمل أيضاً بإيقاعه الغريب، فهو لا يحاول معرفة الحقيقة في أسرع وقت أو كشف هوية المبتزين كما يحصل في قصص التشويق الاعتيادية، بل تتطور الأحداث بوتيرة بطيئة، ما يجعل قصة قصيرة من العام 1901 انعكاساً ناجحاً لمشاكل العصر الراهن.


MISS 3