جاد حداد

The Rhythm Section... تمثيل أقوى من القصة

29 تشرين الثاني 2021

02 : 00

تقدّم الممثلة بلايك لايفلي أفضل ما لديها في فيلم The Rhythm Section (قسم الإيقاع)، لكن لا يرقى العمل إلى مستوى إبداعها.

غيّرت هذه النجمة المتألقة شكلها لتقديم شخصية "ستيفاني باتريك"، وهي شابة عادية تُحوّل نفسها إلى قاتلة دولية انتقاماً لمقتل عائلتها. سبق وأثبتت لايفلي أنها تميل إلى هذا النوع من الأدوار القاتمة، وقد اتضحت نزعتها هذه في الدور المساند المبهر الذي قدّمته في فيلم The Town (البلدة) من إخراج بن أفليك. كما أنها أثبتت براعتها في أدوار تتطلب لياقة جسدية عالية لأداء مشاهد الحركة، فبرعت في محاربة قرش أبيض ضخم في فيلم التشويق The Shallows (المياه الضحلة).

لكن لا يواكب الفيلم الجديد براعة لايفلي للأسف. رغم بعض تقنيات التصوير المبتكرة بفضل المصورة السينمائية ريد مورانو التي أصبحت مخرجة هذا العمل وعدد من مشاهد الحركة المحتدمة، يبدو إيقاع الفيلم سريعاً أكثر من اللزوم ومضمونه فارغ. اقتبس الكاتب مارك بيرنل السيناريو من روايته التي تحمل العنوان نفسه وصدرت في العام 1999، لكن تبدو القصة مجتزأة هذه المرة، وكأنه أراد أن يضيف أكبر عدد ممكن من المواد الأصلية إلى الفيلم لكنه اضطر للالتزام بمدة العرض المحدودة. تتعدد الشوائب على مستوى الزمن والعواطف، ما يؤدي إلى نشر أجواء مربكة وعرض علاقات بشرية فارغة ومحيّرة.

تسافر "ستيفاني" من لندن إلى شمال اسكتلندا ومدريد ونيويورك وطنجة ومرسيليا سعياً لتحقيق العدالة بعد موت عائلتها خلال حادث تحطّم طائرة يتبيّن أنه من تخطيط إرهابيين، فتستعمل شعراً مستعاراً وهويات مختلفة. لكن يحاول الفيلم تقديم جانب مختلف عبر جعل إخفاقات "ستيفاني" جزءاً أساسياً من شخصيتها. هي ليست ماهرة وحذقة، بل تفقد السيطرة على نفسها بسهولة ولا تسير مهامها بالشكل المُخطط له مطلقاً. تقدّم لايفلي هذا الجانب الضعيف ببراعة توازي مهارتها في القتال، وتبدو نظرتها مرتبكة بدل أن تكون ثاقبة.



لكن سرعان ما تصبح "ستيفاني" غامضة أيضاً مع أنها تظهر على الشاشة طوال الوقت تقريباً. لن نعرف الكثير عن حياتها قبل المأساة التي عاشتها، وهو أمر مقصود، لكن كان يُفترض أن يعرض الفيلم بعض التفاصيل عن خلفيتها لإعطاء رحلتها الخطيرة طابعاً أكثر إقناعاً. حين يصطحبها عميل الاستخبارات السرية المنفي لتدريبها، تبدو الأحداث منطقية، ويقدّم الممثل جود لو أداءً متماسكاً بدور هذا الرجل الفظ المعروف باسم "بي". ثم يذكر السيناريو في أحد المشاهد أن "ستيفاني" أمضت أشهراً عدة مع هذا الرجل في مخبئه البعيد على طرف بحيرة اسكتلندية، لكن لا شيء يثبت أنهما طوّرا نوعاً عميقاً من الترابط العاطفي رغم تمضيتهما وقتاً طويلاً معاً.

يقدّم الفيلم مشهداً مميزاً وجاذباً أثناء تدريبات "ستيفاني" و"بي" في مطبخ ضيق، وقد تم تصويره عبر لقطة متواصلة واحدة. إنه مشهد لافت لأنه حيوي وغير مثالي ولا يترك مكاناً للاختباء، ويتّضح فيه تحوّل لايفلي من كائن مجروح إلى حيوان مفترس وقوي. يرتفع منسوب الإثارة أيضاً بفضل مشهد مطاردة سيارات عبر شوارع طنجة الضيقة، فيعرض مدير التصوير شون بوبيت من أعماله Years a Slave 12(12 سنة كعبد) لقطات من داخل السيارة.

على صعيد آخر، تلتقي "ستيفاني" أيضاً بالشخصية التي يؤديها ستيرلينغ ك. براون في مدريد: إنه ضابط سابق في وكالة الاستخبارات المركزية، وهو يبيع الآن المعلومات الاستخبارية التي يجمعها لمن يعرض عليه أعلى سعر. ستكون هذه الشخصية أساسية في رحلة "ستيفاني"، لكن ستتطور علاقتهما بطريقة متوقعة من جهة ويصعب تصديقها بالكامل من جهة أخرى. يتمتع براون ولايفلي بكاريزما عالية، لكن لا يتسنى لهما أن يُطوّرا كيمياء حقيقية على الشاشة. كما أن ظهور شاب سيئ ومغرور وثري (ماكس كاسيلا)، له دور أساسي في الهجوم على الطائرة، يطرح أسئلة إضافية بدل تسهيل الوصول إلى الأجوبة.

هذا المشهد هو تجسيد حي لميل الفيلم إلى استعمال أغانٍ معروفة مسبقاً لمرافقة مشاهد الحركة وخلق أجواء معينة. حين تتجوّل "ستيفاني" في "سنترال بارك ويست" وهي متنكرة وتطارد فريستها، سنسمع الألحان الساخرة من أغنية I’m Sorry الكلاسيكية للمغنية بريندا لي. وعندما تقترب من تحقيق هدفها النهائي، سنسمع أغنية It’s Now or Never الشهيرة لإلفيس بريسلي. يشير عنوان الأغنية أصلاً إلى تقنية تعلّمتها "ستيفاني" من "بي" للحفاظ على هدوئها واسترجاع سيطرتها على نفسها في لحظات الهلع. لكن كان الفيلم ليستفيد حتماً من روح أكثر حيوية!


MISS 3