جاد حداد

من المعصم إلى القلب: مسار أكثر أماناً لعمليات القسطرة؟

1 كانون الأول 2021

02 : 00

في الولايات المتحدة، يبدأ نصف عمليات فتح شرايين القلب اليوم من المعصم بدل أعلى الساق...

لفتح شريان ضيق أو مسدود في القلب، يُمرر الطبيب في المرحلة الأولى أنبوب القسطرة الرفيع عبر وعاء دموي كبير يصل إلى القلب. تقليدياً، تبدأ هذه العملية من الشريان الفخذي، وهو أضخم وعاء دموي في أعلى الفخذ. لكن يفضّل أطباء القلب في الفترة الأخيرة بدء العملية من الشريان الكعبري في المعصم. تُسمى هذه العملية "قسطرة عبر الشريان الكعبري الجانبي" ويستفيد منها المرضى على مستويات عدة. يقول الدكتور أجار كوشار، اختصاصي في طب القلب التداخلي في مستشفى "بريغهام" للنساء التابع لجامعة "هارفارد": "يستطيع المريض في هذه الحالة أن يجلس باستقامة فوراً، ما يعني زيادة سهولة النهوض والتجول والأكل بعد العملية بفترة قصيرة". لتغطية الشق الصغير في أسفل الإبهام، يكفي أن يضع المريض سواراً ضاغطاً حول المعصم.

في المقابل، يرتبط موقع الثقب بالقرب من الفخذ بزيادة احتمال النزيف وقد تتطلب الحالة ضغطاً قوياً على تلك النقطة طوال عشر دقائق على الأقل بعد العملية، وقد يصبح الوضع مزعجاً. أحياناً، يضطر الطبيب لتقطيب المنطقة على شكل غرزة صغيرة أو يستعمل سدادة للسيطرة على النزيف. كذلك، يجب أن تتمدد على ظهرك باستقامة خلال الساعات اللاحقة، وهي وضعية شاقة إذا كنت مصاباً بألم في الورك أو الظهر، أو بمرض في الرئة أو قصور القلب.

اليوم، يبدو أن بدء عملية القسطرة من أحد شرايين المعصم بدل الساق أصبح خياراً أكثر أماناً وأقل كلفة.

مشاكل النزيف

لن يكون النزيف مجرّد مصدر إزعاج، بل إنه قد يطرح مشكلة خطيرة، لا سيما لدى الأشخاص المعرّضين للمضاعفات، منهم كبار السن، والضعفاء (أبرزهم النساء)، ومن يأخذون أدوية مضادة للتخثر لمعالجة مشاكل قلبية أخرى مثل الرجفان الأذيني. أحياناً، يؤدي تضرر الشريان الفخذي إلى تسرّب الدم إلى المنطقة الواقعة خلف الحوض والبطن، وقد يطرح هذا الوضع خطورة على الحياة في حالات نادرة. تسمح القسطرة عبر الشريان الكعبري الجانبي بتقليص نسبة الخطر بدرجة ملحوظة، حتى لو كانت المخاطر غير شائعة. بشكل عام، يسهل رصد النزيف بالقرب من المعصم والسيطرة عليه.

حجم الشرايين وطرق الوصول إليهاتعطي المقاربة الجديدة منافع عدة لأنها تبدأ من شريان أكبر حجماً، ما يُسهّل التلاعب بالقسطرة بدرجة معينة. كذلك، يشكّل هذا الوعاء الدموي مساراً مباشراً نحو القلب. لكن إذا كان وزن المريض زائداً، قد يصعب الوصول إلى الشريان الفخذي تحت طيات الدهون. كذلك، قد تشكّل النتوءات التي تنتجها الصفائح المليئة بالكولسترول داخل هذا الشريان والصمام الأورطي عوائق أمام أدوات القسطرة.

يقع الشريان الكعبري بالقرب من الجلد، وبالتالي يسهل الوصول إليه حتى لو كان وزن المريض زائداً. كذلك، تبقى شرايين الذراع أقل عرضة من شرايين الساق لتراكم الرواسب الدهنية. قد تكون هذه الشرايين الأصغر حجماً أكثر عرضة للتشنجات خلال عملية القسطرة، لكن يستطيع خليط من الأدوية المستعملة لإرخاء الشرايين أن يخفف حدة المشكلة. في غضون ذلك، قد يقدّم الشريان الزندي الذي يمتد على طول أعلى الذراع كمية احتياطية من الدم إلى اليد عند الحاجة.

تراجع الكلفة وزيادة الأمان على المدى الطويل؟

ترصد الدراسات التي تقارن بين هاتين المقاربتَين المختلفتين تراجعاً واضحاً في النزيف والمضاعفات المرتبطة بالقسطرة عبر الشريان الكعبري الجانبي. تشمل تلك المنافع أيضاً تراجع كلفة العملية لأن المريض يستطيع مغادرة المستشفى خلال فترة أقصر من العادة. يتعلق السبب على الأرجح باحتمال أن يؤدي النزيف القوي إلى إطالة فترة المبيت في المستشفى وظهور مضاعفات إضافية قد تؤثر مثلاً على وظيفة الكلى.

بين النزعات الماضية والحاضرةظهرت القسطرة عبر الشريان الكعبري الجانبي للمرة الأولى في هولندا، في بداية التسعينات، ثم أصبحت من المقاربات المفضلة في عدد كبير من الدول الأوروبية واليابان. في الولايات المتحدة، كان مسار الانتقال إلى هذه التقنية أكثر بطئاً بقليل. لكن خلال العقد الماضي، زادت إجراءات القلب التي تحصل عن طريق الشريان الكعبري بوتيرة متسارعة. يقول الدكتور كوشار: "في العام 2015، اقتصرت نسبة عمليات القسطرة عبر المعصم على 15%، لكن تتراوح هذه النسبة اليوم بين 50 و60%".

يحصل ثلثا عمليات القسطرة تقريباً بطريقة عاجلة لمعالجة النوبات القلبية، لذا لا يتسنى للناس أن يتخذوا قرارهم حول هذه المقاربة. لكن إذا أوصاك طبيبك بهذه العملية، اسأله إذا كانت القسطرة عبر الشريان الكعبري الجانبي تناسبك. بما أن وضع كل مريض يختلف عن غيره، التزم بتوصيات الطبيب حول أفضل خيار في حالتك.


MISS 3