مايا الخوري

ريتا حايك: قرّرت الصمود وسأقول كلمتي في الإنتخابات

4 كانون الأول 2021

02 : 00

شخصية ميلا في بارانويا
بعد حجر منزلي طويل، عاودت الممثلة اللبنانية ريتا حايك نشاطها السينمائي والدرامي، منتهية من تصوير الفيلم السينمائي "Iman" والمسلسل الدرامي "بارانويا" الذي سيُعرض الشهر المقبل عبر منصة "شاهد". عن أدوارها ونشاطاتها المختلفة، تحدثت إلى "نداء الوطن".

إستقريت أسابيع في قبرص بهدف تصوير فيلم سينمائي، ما تفاصيله؟

يتمحور الفيلم القبرصي "Iman" حول 3 قصص، من بينها قصة فتاتين عربيتين، ستيفاني عطالله وأنا، جاءتا إلى قبرص بهدف إجراء عملية معيّنة. صوّرنا 3 أسابيع في "نيقوسيا" في خلال فصل الصيف وكانت تجربة جميلة جداً. سيُعرض الفيلم في مهرجان دولي مُقبل.

كيف خضتم هذه التجربة التي تزامنت مع إنتشار وباء "كورونا"؟

شكّلت تجربة شخصية صعبة، لأنني إلتزمت الحجر المنزلي لعام كامل لم أترك خلاله إبني، لذا توتّرت بسبب إفتراقي عنه 3 أسابيع. لكن، ما إن دخلت أجواء التصوير، حتى إستعدت شغفي بالمهنة، وشعوري بعدم القدرة على الإبتعاد طويلاً عن العمل الأحب إلى قلبي. كما إكتشفت قدرة الأولاد على التأقلم سريعاً مع الأوضاع والتكيّف خصوصاً عندما يكونون محاطين بالعائلة. فور عودتي إلى لبنان، تلقيت إتصالاً من شركة الصبّاح وفراس العمري للتعاون في مسلسل "بارانويا"، فإستلمت النص وبدأنا التصوير بعد أسبوع.

من تكون ميلا بطلة "بارانويا"؟

ميلا هي "الأنا" القصوى في حياتي والنار المشتعلة في داخلي، هي حريّتي وأجمل شخصية أدّيتها حتى الآن. تأثّرت بها لدرجة وشمها على جسدي لئلا أنساها. ما إن صبغت شعري أحمر، حتّى تحمّست لأدائها وتجسيدها في كلامها ولباسها وتصرفاتها. لفتني عدم إضطراري إلى التفتيش عنها في المجتمع، لأنني إستخرجتها بسهولة من داخلي حيث تعيش.


مع قصي الخولي وجنيد زين الدين في كواليس بارانويا


لا تمرّ أدوارك عادة مرور الكرام، فأي تحدٍ ستخوضين من خلال هذه الشخصية؟

تعيش "ميلا" في عالمها الخاص، حرّة القرار والتصرّف. أحتفظ بجزء منها في داخلي لأنها حرّرتني أيضاً. سيلاحظ جمهور مسلسل "بارانويا" مدى إختلافه عن المسلسلات الدرامية التقليدية فهو مشبّع بالتشويق والحركة.

تنقّلت من الشاشة المحلية إلى العربية ودخلت حالياً عالم المنصات الرقمية، كيف تنظرين إلى مسارك المهني؟

إتخذت منذ البداية طريقاً مختلفة عن المتعارف عليها، فلا أخطط لمسار مهني معين، بل أسير وفق الإحساس والتوقيت. والدليل على ذلك تركيزي في فترة ما على المسرح، وفي فترة أخرى على السينما، وإبتعادي مدّةً عن الأعمال العربية، وبعدها قرار إستراحتي خلال الحمل وبعد ولادة إبني، لأعود مع شركة الصبّاح في مسلسل "من الآخر".

ألم تتلقي عروضاً في تلك الفترة؟

تلقيت عروضاً متنوّعة لكنني إخترت فيلم "Iman" في قبرص. يرتكز هدفي الأول على تقديم ما أحبّ وما يشعل نار الشغف في داخلي. أحتاج في هذه المرحلة إلى تنفيذ أعمالي بشغف وليس كواجب مهني، أو بهدف النجاح والشهرة، علماً بأن كل عملٍ جديد يأتي أفضل وأجمل ممّا سبق، ويشكّل خطوة إلى الأمام سواء على الصعيد المحلي أو العربي أو عبر المنصات التي أراها مستقبل الأعمال الدرامية.

كل ما تقومين به محكوم بالشغف، مهنياً وعلى صعيد النشاطات، فشاركت في "ماراتون بيروت" من أجل "الأمل" و"بيروت"، ما الذي تأملين فيه في وطننا؟

شعرت يوم "الماراتون" بإحساس جميل، لأن المشاركين إستيقظوا فجراً وإستعدّوا له على ضوء هواتفهم بسبب إنقطاع الكهرباء. ركضنا في الشوارع المدمّرة من إنفجار المرفأ والطرقات المكدّسة بالنفايات. ورغم هذه البشاعة، لا تزال الروح الإيجابية مسيطرة على اللبنانيين، لربما هي ومضة نور وسط هذا الظلام. أنا متفائلة دائماً، كوني أؤمن بأن لا شيء يدوم إلى الأبد. وصلنا إلى الحضيض ونختبر منذ مدّة أموراً بشعة، فقرر بعضهم الرحيل والهجرة، فيما قرر بعض آخر، وأنا من بينهم، الصمود والبقاء.



ألا تفكرّين بالهجرة لتأمين مستقبل إبنك؟

لا بدّ من بلوغ النور في نهاية النفق، لذا قررت البقاء هنا وتربية إبني وتعليمه في أرض وطنه. إنه نوع من القتال والصمود، مثل ركضي في شوارع بيروت. شعرت أحياناً بفقدان الأمل، لكننا لا نستطيع الإستمرار في اليأس. خشيت على إبني بعد وقوع الإنفجار، وناقشنا زوجي وأنا إحتمالات الهجرة، لكن غريزة البقاء سيطرت على أفكارنا. بعدما هاجر شقيقي وشقيقتي، لم تبق سوى عائلتي الصغيرة إلى جانب والدي ووالدة زوجي خصوصاً أن إبني هو الحفيد الوحيد الذي يضخّ الحياة في العائلة. لذا أتمنى أن يتربّى في كنف عائلة كبيرة محبّة، يشبع من حنانها ودعمها، لأنّ هذا شعور لا يُثّمن.

ألا تخشين من تربيته في بلد يفتقر إلى إستقرار مادي وصحيّ وأمني؟

طبعاً، أخشى على مستقبله، لذلك أسلّحه بالعلم والتربية جيّداً ليتمكّن من التحليق في الخارج، وإتخاذ قرار البقاء أو الرحيل.

ماذا تعني لك المشاركة في الفيلم القصير الذي خلّد لحظة ولادة الطفل "جورج" عند وقوع إنفجار المرفأ؟

شكّل هذا الفيلم القصير وسيلة شفائي من جرح "4 آب". لم أستوعب بعد ما حصل، وسبب تواجدي في تلك اللحظة بعيداً عن بيروت. زرت عائلة الطفل "جورج" في منزلها وصوّرنا في مستشفى "الكارنتينا"، فكانت قصّته، قصة أمل كونه وُلد لحظة وقوع الإنفجار، ونجا والداه بأعجوبة من الموت. عشت من خلال هذا الفيلم الإنفجار الذي لم أختبره في الواقع وهو يأتي من ضمن سلسلة أفلام قصيرة تسرد تلك التجربة بحسب وجهة نظر المخرج، وقد رُشّحت لجائزة "International Emmy Award 2021".

هل يكفي التعبير كتابة وتمثيلاً ونحتاً ورسماً، للشفاء من هذا الجرح؟

ربما تلك هي وسيلتنا كفنانين للشفاء من معاناتنا. قد نسرد أو نكتب قصّة، ونعيش دوراً يساعد في تخطّي الجرح، فنُخبر العالم أجمع تفاصيل ما حصل معنا في "4 آب" تخليداً للذكرى. تبقى الأفلام والسينما وسيلةً للتحدث عن وجع معيّن أو عن قصة جميلة أو عن ذكرى لتخليدها، أو طريقة إبتكار عالم خيالي نهرب إليه من الواقع. يحتاج الناس إلى ذلك العالم الآخر، الذي ينتقلون إليه بعيداً من يوميّاتهم، مثلما هربوا إلى الأفلام والمسلسلات في خلال الإقفال العام عند إنتشار "كورونا".

بعد مرور أكثر من عامٍ على إنفجار المرفأ تتحدثين عن تلك اللحظة بغصة، ما السبب؟

رغم أنني لم أعش تلك التجربة شخصياً، إلا أنني شعرت بعدم الأمان وأن لا خيمة فوق رأس أحدٍ منّا، وكأننا نكرة لا قيمة لنا. ماذا لو صودف تواجدي هناك مع إبني؟ إنه شعور بالذنب والخجل لعدم مشاركة أهل بيروت وجعهم في تلك اللحظة. نحن لا نستأهل الألم، بل الحياة.

مسارح بيروت التي عشقتها تضررت كثيراً بفعل الإنفجار، أي مستقبل تتوقعين لها؟

يحتاج المسرح إلى وقتٍ من أجل النهوض لكن القرار بيدنا، وسنتمكّن من رفعه مجدداً. يبقى نشاطه مرهوناً بخشية الناس من الأماكن المغلقة والتجمّعات بسبب الوباء العالمي الذي نعيشه للمرة الأولى، إنما ستعود الحياة إليه حتماً مثلما حصل بعد الحروب المدمّرة. بعدما فتحت صالات السينما نأمل عودة المسرح لأنني لا أتخيّل حياتي من دون الخشبة.

شاركت في ثورة "17 تشرين"، ونحن مقبلون إلى إنتخابات نيابية، هل تؤمنين بالقوة التغييرية للثورة؟

طبعاً، أعيش في هذا الوطن مع إبني، وسأقول كلمتي في الإنتخابات. عندما تتوقّف الثورة وقوّة التغيير نغرق في الغيبوبة، لذا قررت البقاء في الوطن والمحاربة والنضال من أجله.


MISS 3