شربل داغر

قنبلةُ أخلاق

6 كانون الأول 2021

02 : 00

ما إن أعلنتْ الممثلة المصرية المعروفة إلهام شاهين عن استعدادها للتمثيل في مسرحية "المومس الفاضلة"، حتى قامت الدنيا ولم تقعد حتى كتابة مقالي هذا...

وسائل التواصل الاجتماعي جعلت من الخبر قنبلة إعلامية واجتماعية، ما بلغ المجلس النيابي ومجلس الشيوخ وغيرها.

المسرحية تعود إلى الكاتب الفرنسي الراحل جان-بول سارتر، وسبق ان مثلتها الممثلة المصرية سميحة ايوب في العام 1957... وهي تدور حول التمييز العنصري بين السود والبيض في المحتمع الأميركي ابتداء من حادثة اغتصاب جرى اتهام شاب أسود بها من دون دليل...

سارع البعض إلى التصويب واستدراكِ الخطأ، الذي أقدم عليه البعض بشكل عجول ابتداء من عنوان المسرحية، كما لو انه يعني ترويج فضيلة للمومسات.

إلا أن هذه الواقعة لا تخفي غيرها، وهو أن جهات تعمل على التأثير في الراي العام، فتتصيد هذه الوقائع، إن لم تفتعلها، للضغط المتزايد على أخلاقيات المجتمع.

ومن يتابع "فقاقيع" الأخبار الرائجة في وسائل التواصل الإعلامي العربية، يتحقق من كونها تراقب مدى انكشاف فستان هيفاء وهبي عن ساقَيها في حفل غنائي، أو ظهور عالي الثديين في ثوب هذه الممثلة العربية أو تلك...

هكذا يتكفل مديرو أو موجهو هذه الوسيلة الإعلامية أو تلك بترشيد أخلاق المجتمع والأفراد. يُسَلِّطون فوق رقاب القراء "المُبَصْبِصِين" سيوف عفَّتِهم المخدوشة، فيما يَجعلون من تدبير فضيحة مفترَضة بابَ رزقِهم.

هكذا يصبح هناك ما يشبه شرطة الأخلاق، ولكن من دون تفويض قانوني أو حكومي. ويصبح اي فرد قاضياً، او مشرِّعاً في ما هو جائز أو اخلاقي او مشروع.

وإذا كانت وسائل إعلامية "تسترزق" إعلامياً من هذه الاخبار المفتعلة والملغومة، فإن غيرها يبيح لنفسه أن يكون "ديّان" البشر من دون تكلفة من أحد بالطبع.

والأدهى من هذا كله، هو ان ما لا تقوى هذه الفئات على الانتفاع منه سياسياً بالضرورة، فإنها تستطيعه اجتماعياً وأخلاقياً، فتُشِيع أحكاماً وفتاوى، وتقررُ مسموحات وممنوعات، من دون دستور أو قانون.

وما لا تخفيه "حملات" العفاف هذه، هو تنامي جرائم الاغتصاب والعنف المنزلي وشيوع عمل المومسات الظرفي أو المنتظم في دهاليز المجتمع وغرفه المعتمة...