جاد حداد

The Guest...خليط من الرعب والفكاهة!

10 تشرين الأول 2019

01 : 29

يكشف فيلم The Guest عن نواياه وأسلوبه منذ مشهده القصير الأول، حيث نشاهد لقطة مقرّبة لشاب تم إطلاق النار عليه من الخلف وهو يركض في صحراء فارغة وينتعل جزمة عسكرية ثقيلة. لكننا لا نشاهد وجهه. فجأةً، على وقع موسيقى مرعبة، يظهر عنوان الفيلم على الشاشة، بأحرف بنفسجية ضخمة على خلفية سوداء. تترافق اللقطة اللاحقة مع موسيقى مخيفة ومقلقة أيضاً، وتظهر فيها فزاعة مريعة في الصحراء. من خلال ثلاث لقطات، يعلن المخرج آدم وينغارد عن فحوى الفيلم كله. تُعرّفنا المشاهد الأولى على الزمان والمكان والمزاج العام ونوع العمل بكل وضوح. يحافظ The Guest على هذه الأجواء طوال مدة الفيلم.

يظهر "ديفيد" (دان ستيفنز من مسلسل Downton Abbey) بشكلٍ مفاجئ أمام باب عائلة "بيترسون" المؤلفة من أبوين (شيلا كيلي وليلاند أورسير)، وابنتهما المراهِقة "آنا" (مايكا مونرو بأداء مدهش)، وابنهما الأصغر "لوك" (براندن ماير). يُعرّف "ديفيد" عن نفسه على الباب بكل هدوء وتهذيب، بلكنة سكان "كنتاكي" الظريفة، ويقول إنه صديق الابن الأكبر الذي قُتِل في ساحات المعارك. لا تزال عائلة "بيترسون" حزينة على فقدان ابنها، لذا تستقبل الغريب بلا تردد. هو شاب مؤثر لكن مطيع، فيتكلم مع كل فرد من العائلة بهدوء ويسترجع ذكريات إيجابية عن ابنهم الراحل. وخلال 24 ساعة، يدعونه للانتقال إلى غرفته القديمة.

ظاهرياً، يقدّم "ديفيد" نفسه كشاب تقليدي ومهذب يتوق إلى مساعدة العائلة الحزينة. إنه أقل ما يستطيع فعله لصديقه الراحل! سرعان ما يبدأ بحماية "لوك" الصغير ضد المتنمرين في المدرسة، و"آنا" التي تشكك داخلياً بهذا "الضيف" الجديد وتنجذب إلى عينيه الزرقاوين وجسمه المثالي وتراقبه خلسةً حين يخرج إلى الرواق بعد الاستحمام.

يسهل أن يشعر المشاهدون بأن "ديفيد" ليس شخصاً بريئاً كما يدّعي. المشهد الأول وحده كفيل ببث هذا الشعور. لكن يأخذ The Guest وقتاً طويلاً قبل أن يكشف حقيقة ما يحصل ويستمتع بطرح الحقائق ببطء.


يميل المخرج وينغارد وكاتب السيناريو سايمون باريت الذي اعتاد على التعاون معه إلى الخلط بين أنواع سينمائية متعددة واحتمالات درامية مبنية على الكوميديا والرعب معاً. تظهر هذه النزعة في فيلمهما السابق You're Next (أنت التالي)، لكنها أكثر وضوحاً في The Guest. تنفجر الموسيقى فجأةً (من تأليف ستيف مور) وتترافق مع مقاطع "تكنو" نابضة ومقلقة حين تختبئ "آنا" في غرفتها المزيّنة بالجماجم والعظام المتقاطعة، وتحاول اكتشاف المزيد عن الضيف الجذاب الذي ينام الآن في الغرفة المجاورة لها. يضيف تصميم الإنتاج (من إعداد توماس هاموك) نكهة خاصة إلى الفيلم، حتى أنه يصل أحياناً إلى درجة المحاكاة الساخرة. تدور الأحداث خلال الأسابيع التي تسبق الهالووين، لذا تمتلئ الشاشة بالزينة المخيفة على الجدران والسقوف والطاولات في مختلف المشاهد. وحتى في اللحظات الآمنة والهادئة التي تتقاسم فيها الشخصيات ذكريات جميلة حول طاولة المطبخ، تحيط بها من جميع الجهات حبات اليقطين والقطط السوداء والأشباح المرعبة. وفي مشهد بارز في متاهة "المنزل المسكون" في "قاعة المرايا"، تُسمَع ضحكة شيطانية مروعة. باختصار، يسود جو مرعب وفكاهي بامتياز.

ينتقل النصف الثاني من الفيلم إلى أجواء الهوس والشك ونظريات المؤامرة التي تُذكّرنا بقصص التشويق السياسية في فترة السبعينات، فتظهر قاعات ساطعة ومليئة بعسكريين متجهمين وحقائب سرية وأسلحة متطورة حتى الجيوش ما كانت لتعترف بتصنيعها. تتّضح غرابة "ديفيد" منذ البداية، لكنّ أحداً لا يستطيع توقّع الحقائق اللاحقة. ما كان هذا العمل لينجح لولا أداء دان ستيفنز المدهش والمقنع. حين ترك مسلسل Downton Abbey، بعدما اكتسب شهرة واسعة بدور "ماثيو كرولي"، احتجّ محبو المسلسل بقوة. يثبت هذا الممثل في The Guest قدرته على أداء أدوار متنوعة، وهو هدف لطالما أراد تحقيقه على مر سنوات مشاركته في Downton Abbey. تبدو لكنته سلسة وطبيعية ولا أثر فيها لأصوله البريطانية، كما أنه يضفي طابعاً لطيفاً ومنفتحاً على الشخصية التي تحمل صفات غريبة وباردة وغامضة ومعزولة.

يبرع وينغارد وباريت في تقديم هذا النوع من الأعمال، وهما يستمتعان بقدرتهما على التأثير بالجمهور ويكرّمان بعملهما المخرج جون كاربنتر وآخرين، ولا يخشيان أن يتخذا منحىً سخيفاً وجريئاً أحياناً. كان يسهل أن يغرق The Guest في جو جدّي وثقيل فيما يحاول طرح بعض الأفكار السياسية. لكنه ليس جدّياً بأي شكل... إنها ميزة إيجابية!