جاد حداد

الأوميغا 3... ما تأثيرها على الصحة؟

18 كانون الأول 2021

02 : 00

أحماض الأوميغا 3 الدهنية معروفة بمنافعها الصحية المتنوعة، بما في ذلك تخفيف الالتهابات والحفاظ على صحة القلب والدماغ. لكن يسود جدل كبير حول فاعليتها ومنافعها الحقيقية على صحة البشر. ما هي هذه الأحماض وما تأثيرها على الصحة بناءً على أحدث الأدلة العلمية؟


الأوميغا 3 نوع من الدهون متعددة عدم الإشباع، أو الدهون الصحية، ويشيد بها الكثيرون نظراً إلى دورها الواقي ضد عدد من الحالات المزمنة مثل أمراض القلب والخرف. إنها واحدة من العناصر الأساسية بالنسبة إلى أغشية الخلايا ولا تزال تثير اهتمام الأوساط العلمية حتى الآن.

تشمل عائلة الأوميغا 3 الدهنية الأنواع التالية:

• حمض الألفا لينولينيك.

• حمض الستياريدونيك.

• حمض الإيكوسابنتاينويك.

• حمض الدوكوسابنتاينويك.

• حمض الدوكوساهيكسانويك.

يُعتبر حمضا الإيكوسابنتاينويك والدوكوساهيكسانويك من أهم أنواع الدهون متعددة عدم الإشباع في أغشية الخلايا الدماغية، وقد زادت شعبيتهما كمكملات غذائية بفضل الحملات التسويقية الناجحة.

أحماض الأوميغا 3 هي عناصر أساسية، ما يعني أن الجسم يعجز عن إنتاجها بنفسه، لذا لا بد من تلقي الأحماض الدهنية أو العناصر التي تُحَفّز على إنتاجها من الحمية الغذائية.

تدخل الأحماض الدهنية إلى السلسلة الغذائية حين تستهلكها الأسماك والثدييات المائية والقشريات ويتم تخزينها في دهون الحيوانات وكبدها. ثم يستهلكها البشر في المرحلة اللاحقة. تتعدد المصادر الغذائية لأحماض الدوكوساهيكسانويك والإيكوسابنتاينويك والدوكوسابنتاينويك، نذكر منها:

• الأسماك الدهنية مثل السلمون، والساردين، والماكريل، والرنكة.

• كبد الأسماك البيضاء الهزيلة مثل الهلبوت أو سمك القد.

• دهون الفقمة أو الحوت.

• زيوت السمك المشتقة من لحم سمك القد، أو التونة، أو الحدوق، أو السمك المفلطح، أو زيت الكريل.

يتركّز حمض الألفا لينولينيك بشكلٍ أساسي في المصادر النباتية ويُعتبر أول حمض دهني يستعمله الجسم لإنتاج جميع أنواع الأوميغا 3 الأخرى. تتعدد مصادر هذا الحمض، منها المكسرات والبذور، مثل الكتان والشيا، والجوز، وزيوت عدة مثل الكانولا وفول الصويا.

منافع الأوميغا 3

بعد عقود من الأبحاث حول الآثار الصحية لأحماض الأوميغا 3 الدهنية، لا تزال الاستنتاجات المطروحة محط جدل. في ما يلي مجموعة من منافعها المثبتة:

مكافحة الالتهابات

يرتبط الالتهاب المزمن (يُسمّى أيضاً الالتهاب منخفض الدرجة) بظهور مشاكل البدانة وأمراض القلب والسرطان.

تبيّن أن أحماض الأوميغا 3 تعطي أثراً مضاداً للالتهابات في الجسم وقد تسهم في تخفيض مؤشرات الالتهاب مثل البروتين التفاعلي "سي" والإنترلوكين 6.

تُعتبر الأوميغا 3 من أقوى الدهون القادرة على تخفيف الإجهاد التأكسدي والالتهابات. حتى أنها تحمي من الأمراض المزمنة.

تخفيض مستوى الكولسترول

في دراسة امتدت على ستة أسابيع، ساهمت المكملات اليومية التي تشمل 1.2 غرام من حمض الدوكوساهيكسانويك على الأقل في تخفيض مستويات الشحوم الثلاثية وزيادة مستوى الكولسترول "الجيد" أو البروتين الدهني عالي الكثافة.

كذلك، أدت أحماض الأوميغا 3 إلى تراجع معدل الكولستول السيئ، أو البروتين الدهني منخفض الكثافة، حين استُبدِلت الدهون الغذائية المشبعة بأحماض دهنية متعددة عدم الإشباع وأحادية عدم الإشباع كتلك الموجودة في منتجات نباتية مثل المكسرات والأفوكادو.

يرتبط ارتفاع مستوى الشحوم الثلاثية والكولسترول السيئ بزيادة خطر الإصابة بمتلازمة الأيض أو أمراض القلب.

لكن لم يرصد تقرير جديد ومبني على الأدلة أي أثر مرتبط بتداعيات أمراض القلب والأوعية الدموية بعدما أخذ أشخاص مصابون بهذه الأمراض أو يواجهون عوامل تزيد نسبة الخطر لديهم مكملات الأوميغا 3.

تخفيض ضغط الدم

تبيّن أيضاً أن أحماض الأوميغا 3 تُحسّن صحة الأوعية الدموية عبر زيادة التوافر البيولوجي لأكسيد النيتريك.

في المرحلة الثانية من دراسة علمية جديدة، أدى أكسيد النيتريك إلى توسّع الأوعية الدموية وإرخائها، ما يعني تراجع ضغط الدم بدرجة ملحوظة.

إضعاف مخاطر أمراض القلب

من خلال تخفيض المؤشرات المرتبطة بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب (ارتفاع مستوى الشحوم الثلاثية والكولسترول وضغط الدم)، قد تُخفّض أحماض الأوميغا 3 الدهنية مخاطر أمراض القلب، وفق مراجعة حللت الدراسات الحاصلة حتى الآن.

تستنتج المراجعة نفسها أن أخذ جرعة مرتفعة من المكملات اليومية مع 4 غرامات من حمض الإيكوسابنتاينويك قد يفيد من يحملون مستويات مرتفعة من الشحوم الثلاثية ويؤدي إلى تراجع احتمال إصابتهم بأمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة 25%.

وفق مراجعة أخرى من العام 2018، اكتشف البروفيسور فريدون شهيدي، أستاذ في الكيمياء الحيوية في جامعة "ميموريال" في كندا، والبروفيسور برياثاريني أمبيغابالان من كلية العلوم وتكنولوجيا الهندسة في جامعة "دورهام" الكندية، أدلة على المنافع التي تعطيها أحماض الأوميغا 3 على مستوى المشاكل الصحية غير المرتبطة بالقلب والأوعية الدموية.

زيادة قدرة تحمّل علاج السرطان

قد تسهم أحماض الأوميغا 3 في تحسين فاعلية العلاج الكيماوي وزيادة القدرة على تحمّله، وقد تصبح علاجاً محتملاً داعماً لمن يتعالجون من السرطان.

كان أخذ مكملات يومية من حمض الإيكوسابنتاينويك وحمض الدوكوساهيكسانويك كفيلاً بمساعدة المصابين بسرطان الرأس والعنق والثدي للحفاظ على وزن الجسم وتخفيف خسارة العضلات المرتبطة بالسرطان.

تحسين الاكتئاب

وفق مراجعة شملت أكثر من ألفَي مشارك في العام 2019، أعطى حمض الإيكوسابنتاينويك أثراً إيجابياً على الاكتئاب، لكن لم يُعْطِ حمض الدوكوساهيكسانويك منافع كثيرة.

كانت دراسات أخرى قد دعمت هذا الاستنتاج، وهي تذكر أن مكملات زيت السمك تسهم في حماية الناس من اضطراب الاكتئاب الحاد بين عمر الخامسة عشرة والخامسة والعشرين.

كذلك، برز رابط بين استهلاك كمية معتدلة من الأسماك الدهنية وثمار البحر وتراجع حالات الاكتئاب.

إدعاءات غير مؤكدة

نجحت الحملات في تسويق أحماض الأوميغا 3 الدهنية كعناصر مفيدة للقلب وقيل إنها تُخفّض مخاطر الإصابة بمشاكل قلبية معاكسة.

لكن لا يزال دورها ومنافعها الصحية في حالات معينة مثيرة للجدل وغير مؤكدة. لم ترصد المراجعة الواردة في تقرير شبكة "كوكرين" أي أدلة على منافع مكملات الأوميغا 3 على أمراض القلب أو الجلطات الدماغية أو خطر الوفاة. في ما يلي حالات قد لا تمنعها أحماض الأوميغا 3 أو تُحسّنها، بناءً على أحدث الأدلة العلمية.

تراجع خطر الوفاة بسبب أمراض القلب

إكتشف الباحثون أن استهلاك أحماض الأوميغا 3 لا يُخفّض خطر الحوادث المعاكسة بسبب أمراض القلب، مثل السكتة القلبية المفاجئة، أو النوبة القلبية، أو الجلطة الدماغية، حتى وسط الفئات التي لا تحمل تاريخاً بالمرض.

قد تسمح دهون الأوميغا 3 بتخفيض خطر الإصابة بأمراض القلب بفضل تراجع مستوى الشحوم الثلاثية والكولسترول السيئ وضغط الدم، لكن يذكر تحليل تجميعي شَمَل أكثر من 80 ألف شخص أن مكملات هذه الأحماض لم تمنع حالات الوفاة لجميع الأسباب ولا أمراض القلب.

منع الجلطات الدموية

يقال إن أحماض الأوميغا 3 تعطي مفعولاً مضاداً للتخثر عبر كبح تراكم الصفائح. لكن لا يزال هذا الاستنتاج محط جدل وتبقى الأدلة المرتبطة بهذا الموضوع ضعيفة. يبدو أن الجرعات النموذجية من دهون الأوميغا 3 المشتقة من الأغذية والمكملات تعطي أثراً ضئيلاً.

معالجة السكري أو الوقاية منه

تكشف الأدلة أن زيادة استهلاك الأوميغا 3 لا تمنع نشوء مرض السكري ولا تعالجه لأنها لا تؤثر على سكر الدم على الريق أو ظاهرة مقاومة الأنسولين أو الهيموغلوبين الغليكوزيلاتي لدى المصابين بالنوع الثاني من السكري ومتلازمة الأيض.



MISS 3